توقيت القاهرة المحلي 01:24:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين هي «أميركا 2024»... وإلى أين تتجه؟

  مصر اليوم -

أين هي «أميركا 2024» وإلى أين تتجه

بقلم - إياد أبو شقرا

مع التدفق السريع لـ«الهدايا» السياسية من كبريات الدول الغربية على إسرائيل في ذكرى «المحرقة النازية»، والتعاطف الواضح مع قادتها بعد صدور موقف المحكمة الدولية إزاء ما ارتكبته - ولا تزال ترتكبه - في قطاع غزة... كان طبيعياً أن تنصبَّ القراءات السياسية على الشأن الإسرائيلي. غير أنَّ الأحداث المتسارعة في الولايات المتحدة، خرجت عن إطار المألوف خلال الأسبوعين الأخيرين.

انسحاب رون ديسانتيس، حاكم ولاية فلوريدا، من المنافسة على ترشيح الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، ربما يكون فاجأ بعض المراقبين. إذ إنَّ الرجل، الذي عدّه كثيرون «مرشحاً مثالياً» للفوز في الانتخابات المقبلة، ارتأى أنَّ من الأفضل له تقليص حجم خسائره ومغادرة الحلبة باكراً بعد أول اختبار انتخابي تمهيدي في ولاية آيوا، مع أنَّه حل ثانياً بعد دونالد ترمب.

كان لصالح ديسانتيس وفق حسابات مواطن القوة والضعف بين المرشحين الجمهوريين لمنافسة الرئيس السابق، ومن ثم ضد الرئيس الديمقراطي جو بايدن، الصفات التالية:

1- أنَّه مرشح لا غُبار على يمينيته المحافظة المتشدّدة، داخل حزب يتنامى فيه بقوة وسرعة نفوذ غلاة اليمين المحافظ.

2- أنَّه من الساسة الشباب المتوقع أن يشكلوا مستقبلَ الحزب الجمهوري في مرحلة ما بعد «شخصانية» ترمب.

3- أنَّه من الساسة الذين تنبّهوا باكراً إلى أهمية ركوب موجة التصدّي للهجرة وطالبي اللجوء، ولذا ساروا بلا تحفّظ في ركاب «الترمبية السياسية»، وأحياناً بدا كأنَّه يزايد على «مؤسِّسها»... صاحب مطلب «جدار الفصل» عن المكسيك.

4- أنَّه حاكم ثالث كبرى الولايات الأميركية سكاناً، وهي فضلاً عن ذلك ثالث كبرى «الولايات اللاتينية» الثلاث (بعد كاليفورنيا وتكساس)، ثم إنَّها مع تكساس صارت معقلاً أساسياً للحزب الجمهوري.

مع هذا، يظهر أنَّه في مكان ما، وفي توقيت ما، أقلقت مزايا ديسانتيس «مُرشده». وهكذا تحوّل الرجل في نظر ترمب من تلميذ نجيب إلى خصمٍ لدود يتعجّل وراثته. والحقيقة أنَّ تحسّس ترمب من أي مرشح جدّي يبرز في صفوف اليمين آخذ في التصاعد بالتوازي مع ازدياد تشكيك كثيرين بقدرته على إكمال حملته الانتخابية حتى الخريف المقبل، وهذا وسط «متاهة» القضايا القضائية و«ألغام» المزاعم السياسية المحيطة به.

ويتأكَّد هذا الواقع أكثرَ فأكثر ليس فقط في موقف ترمب من ديسانتيس، بل موقفه أيضاً من المنافسة الثانية نيكي هايلي (الحاكمة السابقة لولاية كارولينا) التي صارت، بعد انسحاب حاكم فلوريدا، المرشح الجدّي الوحيد ضد ترمب. ولعلَّ هايلي ستستفيد أكثر إذا تراكمت مشاكل الرئيس السابق وازدادت الاستفزازات التي يفتعلها، وأحياناً ينزلق إليها.

وحقاً، خرجت أخيراً أصوات حزبية «رصينة»، بعد اختبار آيوا ثم الانتخاب التمهيدي في نيوهامبشير، لتناشد هايلي المضي قدماً في ترشحها ضد ترمب كي لا يجد الحزب نفسه أمام المجهول... إذا حدث معه ما ليس في الحساب خلال الأشهر القليلة المقبلة.

ثم إنَّ الحكم القضائي الأخير ضد ترمب في قضية تشويه السمعة التي رفعتها ضده الكاتبة إي. جين كارول وتغريمه أكثر من 83 مليون دولار، ليس الأول وقد لا يكون الأخير، بينما يواصل الرئيس السابق أسلوبه المعتاد في «تهييج» مناصريه عبر اتهامه الإدارة الحالية باستهدافه، وتسخيرها القضاء لمحاربته.

في هذه الأثناء، ثمة «خليفة» محتمل آخر لترمب اكتشف «فضائل» الأساليب «التجييشية» والشعبوية «التهييجية» لفرض نفسه في الساحة، وهو حاكم ولاية تكساس غريغ آبوت.

آبوت، الذي يحكم ولاية تتاخم المكسيك ولديها تاريخ طويل (سياسي وثقافي ودموي) معها، قرّر أن تكافحَ ولايته الهجرة واللجوء عبر الحدود بقواها الذاتية، من دون العودة إلى الحكومة الاتحادية (الفيدرالية). وكانت المحكمة العليا للولايات المتحدة (رغم غالبيتها اليمينية) قد حكمت الاثنين الماضي، بفارق صوت واحد (5 ضد 4) لصالح حق الحكومة الاتحادية بإزالة أسوار من الأسلاك الشائكة نشرت على الحدود مع المكسيك.

بيد أن آبوت - المنتمي إلى أقصى اليمين الجمهوري - قرّر تحدّي حكم المحكمة، وسياسة الحكومة، التي يتَّهمها بالتساهل في أمر الهجرة، بزيادة عدد الأسلاك الشائكة. ثم شجّع أمثاله من حكام الولايات الجمهوريين اليمينيين على شق عصا الطاعة لواشنطن، وتكليف الحرس الوطني في كل ولاية أمر بحماية حدودها. وفعلاً، انضمت إلى تكساس 6 ولايات؛ بينها فلوريدا المطلّة على البحر الكاريبي، ومونتانا في أقصى الشمال على الحدود مع كندا.

هذا التمرّد، يعيد إلى الأذهان انطلاق شرارة الحرب الأهلية الأميركية عام 1861، عندما تمرّدت ولاية ساوث كارولينا عسكرياً على سياسة الحكومة الاتحادية المناهضة للرّق، وأطلقت من قلعة فورت سمتر بمدينة تشارلستون الطلقة الانفصالية الأولى.

كانت الذريعة في حينه - كما هي اليوم - «حقوق الولايات» في نظام سياسي اتحادي لا يفرض فيه المركز (أي الحكومة المركزية) إرادته فرضاً على المكوّنات (أي الولايات). أمَّا التحدّي الجديد فهو الثاني في التاريخ الأميركي الحديث، بعد اقتحام مناصري الرئيس ترمب مبنى الكابيتول، مقر السلطة التشريعية الاتحادية، يوم 6 يناير (كانون الثاني) 2021... في أعقاب رفض الرئيس المنتهية ولايته الإقرار بخسارته الانتخابات قبل بضعة أشهر.

ماذا نرى أمامنا اليوم؟

أميركا، القوة الأولى في العالم، تعاني من إشكاليات بنيوية خطيرة جداً، في مقدّمها انهيار «التوافق الوطني العريض» على المبادئ والثوابت السياسية، بما في ذلك الاختلاف الصريح على تعريف الديمقراطية، والشرعية السياسية، واستقلالية القضاء، وتداول السلطة، ناهيك بالاستهانة بالحريات العامة وتهديدها... بما فيها الحريات الأكاديمية والإعلامية.

انهيار مثل هذا التوافق العريض في كيان تعدّدي، وفي مناخ استقطاب إلغائي عنيف، وحرية حمل السلاح... يحمل نُذر مخاطر كبرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين هي «أميركا 2024» وإلى أين تتجه أين هي «أميركا 2024» وإلى أين تتجه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon