توقيت القاهرة المحلي 01:35:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نظام عالمي حقيقي يحتاج إلى نوعية مختلفة من القيادات

  مصر اليوم -

نظام عالمي حقيقي يحتاج إلى نوعية مختلفة من القيادات

بقلم - إياد أبو شقرا

ألا يستحق العالم قيادات محترمة تعفّ عن استرضاء الناس بشعارات وتصرّفات شعبوية، ظن كثيرون أن ارتفاع مستوى الوعي والثقافة في القرن الـ21 يمجّها، ويرفضها إذ اختُبرت في انتخابات حرة؟

النماذج خلال الأسابيع القليلة الماضية أكثر من أن تُحصى، فمن أين نبدأ؟

أمن الولايات المتحدة؛ حيث يبدو أن أعظم قوة في العالم سائرة وهي غافية نحو تكرار «سيناريو» انتخاباتها الرئاسية الأخيرة بين رجلين في العقد الثامن من العمر لا يحملان لها جديداً... هما الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن وسَلَفه الجمهوري دونالد ترمب؟

أم من بريطانيا؛ حيث بنَت حكومة محافظة - رئيسها وكبار وزرائها من أبناء المهاجرين والأقليات - استراتيجيتها السياسية الشعبوية على «تهجير» طالبي الهجرة؟

أم من ألمانيا، البلد الذي شوّهت حضارته العظيمة حقبة «النازية»، فتضافرت عنده «عقدة الذنب» التاريخية مع شبكة المصالح السياسية... ليتحمّس في الدفاع عن فظائع يرتكبها في غزة - خاصة - أبناء جيل ضحايا النازية؟

أم من فرنسا، التي لا تزال توهم نفسها بأنها قوة كونية تحسّ بهواجس شعوب العالم، وتتفهّم تناقض حضاراته... لكنها مع ذلك تسلّم سياستها الخارجية إلى ثنائي شاب لم تتح له خبراته أو تجاربه أو منظومة قِيَمه تطوير آلية للتحاور والتفهم والتفاهم مع الآخرين؟

أم من «منبر دافوس الاقتصادي» في سويسرا؛ حيث سمعنا شعبوياً مَوتوراً حمله يأس الشعب الأرجنتيني إلى السلطة... وهو يلقي محاضرة خرقاء في السياسة والاقتصاد هاجم فيها كل أنظمة الحُكم المعروفة في العالم؟

هذه مجرد أمثلة لما شهدناه ونشهده. إنها أمثلة من واقع مؤسف يفتقر معه ساسة العالم، تدريجياً، إلى الصدقية اللازمة لبناء نظام عالمي يستحق التطبيق ويتمتع بالاحترام. وحقاً، تتهاوى اليوم من قطاع غزة إلى الأرجنتين، ومن شبه القارة الهندية إلى أوكرانيا، كل الشعارات التي أبصرت النور مع انتهاء «الحرب الباردة».

بعد سقوط «جدار برلين» وانهيار الاتحاد السوفياتي، توهّم كثيرون أن المعركة الكونية حُسمت نهائياً. وبالتالي، ما عاد ثمة مبرّر لتعطيل مسيرة التقدّم الإنساني نحو مبادئ السعادة والسلام والتعايش والرخاء والعدل الموعودة. لكن ما انكشف لاحقاً لمئات الملايين من السذّج والسليمي النيات، أن حقيقة الطبع البشري غير ما تعلموه في دور العبادة وتحت منابر الأحزاب وداخل «خنادق النضال».

ثم إن المعسكر المنتصر ليس «مبرّة» غايتها جمع القلوب، ولا هو مستشفى همه معالجة الأمراض، بل مقاتل شرس في حلبة لا تتسع لقويين...

وبالفعل، ما إن وضعت «الحرب الباردة» أوزارها مُنهية صراع الشرق والغرب، حتى تفتّحت براعم مختلف أنواع الفتن والحروب العرقية والدينية والمذهبية... الساعية إلى «تصحيح الأخطاء التاريخية».

بل لم يطُل الوقت حتى تفجّرت من البلقان حروب إعادة رسم خرائط أوروبا، ولحقت بها حروب القوقاز، وقبل اكتمال العقد وصلنا إلى أوكرانيا.

إن عودة موسكو إلى الحلبة، بحلة قومية هذه المرة، كانت إحدى محاولات «تصحيح الأخطاء التاريخية» المتسلحة بذاكرة قوية وشعور مرير بالغبن. وما أفرزه الواقع الجديد في «الفضاء السوفياتي» السابق غرباً... تكرّر جنوباً في الشرق الأوسط، بينما تجاهل الغرب المنتشي بانتصاره العوامل التي حفّزت موسكو، وأيضاً ديناميكيات النهوض الصيني، وصعود البديل الديني المسيّس على حساب القومية المتعايشة مع العلمانية في جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفي الشرق الأوسط، بالتحديد، أدّى إصرار واشنطن على احتكار مبادرات السلام الإقليمي ليس فقط إلى اختلال فظيع في المقاربات المطلوبة لسلام حقيقي ودائم، بل أيضاً إلى إنهاض يمين جامح التطرّف في الجانب الإسرائيلي... مقتنع تماماً بأن من حقه «تسيير» السياسة الأميركية في المنطقة و«تسخيرها» لخدمة مشروعاته.

وكما لمسنا ونلمس، سهّل كثيراً تراجع «نوعية» القيادات الأميركية - جمهورية كانت أم ديمقراطية - خلال العقود الأخيرة، لليمين التوراتي الإسرائيلي، الإفصاح عن نياته بلا تردّد. واليوم في محنة غزة، نجد أن مَن كانوا شراذم حزبية صغيرة من اليمينيين التوراتيين في «الكنيست» يفرضون برنامجهم السياسي على حكومة إسرائيل. وهذه الأخيرة تفرض بدورها برنامجها السياسي على واشنطن... مستقوية بانطلاق «سنة انتخابات» يتسابق فيها الحزبان الجمهوري والديمقراطي على استرضاء «اللوبي الإسرائيلي» الأميركي.

حتى خارج واشنطن، استغلت «لوبيات إسرائيل» هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) في غزة لإعادة بناء «السرديّة السياسية» للصراع العربي الإسرائيلي على هواها، مستقوية بالتعريف الغربي الجديد لـ«معاداة السامية»، ومستثمرة الطموح التوسعي الإيراني، والانزلاق الأوروبي المخيف نحو الشعبوية والعداء للمهاجرين واللاجئين... والمسلمين عموماً.

وهنا، قد يفيد التنبّه إلى أن هذه «اللوبيات» ما عادت تكتفي باختراق أحزاب السلطة التقليدية يميناً ويساراً - كما هي الحال في أميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها - بل ها هي تخترق الآن قوى طالما عُدّت هامشية ومثالية لا تستحق عناء الاختراق، على رأسها الأحزاب البيئية مثل «الخضر»!!

التفسير المنطقي لهذه الظاهرة هو تراجع نوعية القيادات ومناقبية المؤسسات السياسية، حتى في ظل المساءلة الديمقراطية. بل إن هذه المساءلة تتعطل عندما يخترق «اللوبي» نفسه البديلين - أو الخيارين - المتنافسين عبر الخدمات والمال والنفوذ.

أوَ لم يقل السياسي البريطاني اللورد آكتون: «السلطة عرضة للإفساد، والسلطة المطلقة إفساد مطلق»؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نظام عالمي حقيقي يحتاج إلى نوعية مختلفة من القيادات نظام عالمي حقيقي يحتاج إلى نوعية مختلفة من القيادات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon