توقيت القاهرة المحلي 08:47:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بريطانيا: أيام سياسية صعبة على المسلمين والعرب

  مصر اليوم -

بريطانيا أيام سياسية صعبة على المسلمين والعرب

إياد أبو شقرا
بقلم - إياد أبو شقرا

الأيام التي نعيش ليست فترةً سعيدةً بالنسبة للمعتدلين والانفتاحيين وأصحابِ النيات الطيبة ودعاة التفاهم والحوار في بريطانيا. وهي سيئة فعلاً على المسلمين والعرب، الذين كانوا وما زالوا، يسعون إلى الاندماج في بيئة اقتنعوا على مرّ الأيام بأنَّها تحترم مشاعرهم وأفكارهم... ما داموا هم يحترمون سيادتَها وهويتَها وخصوصياتِها وتقاليدَها السياسية.

حتماً، العيش في بلدٍ ما يستوجب، بالأخص، على المهاجر أن يحترمَ البيئة التي اختار بمحض إرادتِه أن ينتسبَ إليها، وعلى اللاجئ أن يحفظَ الجميل للبيئة التي احتضنته عندما قست عليه ظروفُ وطنه... أو خسر ذلك الوطن.

وهنا لا حاجة للذهاب بعيداً في تعداد عواملِ الانجذاب إلى بريطانيا، وكلها وجيهة. ولكن يكفي أنَّ حياةَ بريطانيا السياسية، منذ مطلع القرن العشرين على الأقل، كانت أكثرَ سلاسة وأماناً وتسامحاً منها من قريناتها من الدول الأوروبية الأخرى.

ثم إنَّ الحركاتِ الراديكالية المُعادية للأجانب ظلت إلى حدٍ بعيد حركاتٍ هامشية، بعكس نجاح تلك الحركات في دول أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، وهذا بجانب أن روحَ «المؤسسات» في البلاد حالت دون نشوءِ أنظمةٍ ديكتاتورية كحال إسبانيا والبرتغال، ولبضعِ سنوات عجاف اليونان أيضاً.

ومن جهة ثانية، فإنَّ تداولَ السلطة، كما أثبتت التجارب، لا يضمن وجودَ وحدة الأولويات داخل الأحزاب الرئيسة. وحقاً، استوعب الحزبان الكبيران، حزب المحافظين وحزب العمال، العديدَ من الأجنحة ذات الأولويات المختلفة... سواءً على صعيد السياسات الاقتصادية أو مستوى التدخل الحكومي و«دولة الضمانات الاجتماعية». وأيضاً، كانَت ولا تزال هناك اختلافات - تكبر وتقل، وتبرز وتخبو - على صعيد السياسات الخارجية، من المواجهات العالمية «الساخنة» إلى قضايا الهجرة واللجوء.

الأسبوع المنقضي شهد انتخابين فرعيين مهمين، ولننظر في المشهد السياسي العام...

يقود اليوم حزب المحافظين الحاكم التيار اليميني (الثاتشري) المتشدّد بعد القضاء شبه المُبرم على التيارات المعتدلة، وأبرزها تيار التكامل الأوروبي. ولكن تأكد الآن أنَّه حتى القيادة اليمينية المتشددة ما عادت تشفي غليلَ قطاع مهم من غُلاة اليمين والانعزاليين الذين قادوا الضغوط الهادفة إلى الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. فقد قرّر هؤلاء تأسيس حزب «الإصلاح» («الانسحاب» سابقاً) ومنازعة المحافظين الشارع السياسي اليميني.

وخلال الأسبوع، أثبت «الإصلاحيون» حضورهم في الانتخابين الفرعيين اللذين خسر المحافظون مقعديهما اللذين كانا «آمنين» لهم سابقاً، وحصل «الإصلاحيون» على أكثر من 10 في المائة من الأصوات. وهذه النتيجة، بلا شك سيئة جداً لقيادة الحزب الحاكم بغض النظر عن المبرّرات، لأنها:

أولاً، تُضعِف الثقة بالقيادة نفسها، بعدما بدّل الحزب 3 زعماء ورؤساء حكومات منذ عام 2019. وثانياً، لأنَّها تقسم أصوات اليمين بين حزبين متنافسين في انتخابات مفتوحة ضد بدائل مقبولة انتخابية.

والأسوأ، أنَّ قوة الدفع ما عادت في صالح المحافظين، الذين - توضيحاً لمدى حرج موقفهم - خسروا حتى الآن 10 انتخابات فرعية في عمر البرلمان الحالي وحده. وهذا أسوأ سجلّ لأي حكومة بريطانية خلال السنوات الخمسين الأخيرة.

في المقابل، على «الضفة» العمالية، حقّق حزب العمال بالأمس تحت زعامة السير كير ستارمر انتصارين كبيرين لا جدال حولهما. وهذا، مع أنَّ إحصاء الأرقام وحده قد لا يعطي الصورة الكاملة، كونه قد لا ينطبق على أجواء الانتخابات العامة، ولا يؤكد نسبتي الممتنعين عن التصويت أو الراغبين في «تصويت تكتيكي» ضد المحافظين.

انتصار العمال المزدوج هذا جاء بعد أسبوعين عاصفين مرّا على الحزب، وظهرت فيهما من جديد الانقسامات الجدّية بين التيار «البراغماتي» والتيار «اليساري». وكان السببان الرئيسان: تراجع ستارمر عن التزامات في السياسة الاقتصادية أغضبت اليسار. وتأييده شبه الكامل لـ«حرب التهجير» الإسرائيلية في قطاع غزة، وهو موقف جيّش ضده نسبة عالية من المسلمين والعرب، نواباً وأعضاء مجالس محلية... وناخبين طبعاً.

«الفترة السيئة» بالنسبة للمسلمين والعرب، التي بدأت بها كلامي، أتوقَّع أن تكون سيئة «يميناً» و«يساراً».

«يميناً» لأنَّ هامش الاعتدال في حزب المحافظين يتلاشى. وبالتالي، فما هو مطروح أمام الناخب المحافظ المسلم والعربي هو إما تأييد حزب «الإصلاح» أو دعم تيار داخل حزب المحافظين نفسه سيكون أكثر انعزالية وعداءً للمهاجرين والأجانب درءاً لخطر «الإصلاحيين»... والمزايدة عليهم.

أما «يساراً»، فإنَّ التبنّي المُطلق للقيادة العمالية للخيار الإسرائيلي، ينذر بتضييق أكبر على الناخب العمالي المسلم والعربي. بل إنَّ القيادة، التي ذهبت بعيداً في استخدامها تهمتي «معاداة السامية» و«تشجيع الإرهاب» لخنق أصوات الاعتراض وتهديد السياسيين اليساريين (حتى من غير المسلمين والعرب) عبر سحب ترشيحاتهم من قوائم الحزب، سترى في كسبها الانتخابات الفرعية «تزكية» لسياساتها الحالية... وأنَّه لا قيمة البتة للصوتين المسلم والعربي.

وهكذا، بجانب القضاء على القوى اليسارية القادرة على مواجهة تغوّل العنصرية الجديدة... سيُزال أي ثقل انتخابي لأكبر أقلية دينية في البلاد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بريطانيا أيام سياسية صعبة على المسلمين والعرب بريطانيا أيام سياسية صعبة على المسلمين والعرب



GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon