توقيت القاهرة المحلي 19:17:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«جردة حساب» عربية ـ أميركية... انطلاقاً من اليمن

  مصر اليوم -

«جردة حساب» عربية ـ أميركية انطلاقاً من اليمن

بقلم: إياد أبو شقرا

طمأننا الرئيس الأميركي جو بايدن إلى أن إعادة اعتبار الحوثيين جماعة إرهابية مسألة «قيد الدرس» في أعقاب استهدافها مطار أبوظبي.

هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، مع أن رفع الإدارة الديمقراطية الجديدة في واشنطن الانقلابيين الحوثيين عن قائمة الإرهاب، بعد فترة قصيرة من تسلّمها السلطة، جاء منسجماً مع سلسلة مواقف وقناعات عند الديمقراطيين تجاه إيران وأتباعها من العرب منذ سنين.

وبعيداً عن لياقات الدبلوماسية ولباقة عباراتها، كانت معظم تحركات واشنطن ومواقفها الفعلية – تحت الإدارات الجمهورية والديمقراطية – منذ 2003 تقوم على اعتبار طهران جزءاً من الحل لا جزءاً من المشكلة. ولئن كان بول بريمر، (حاكم العراق العسكري بعد الغزو فالاحتلال)، قد تباهى بإنهائه الحكم السني للعراق بعد أكثر من ألف سنة، فإن المنطقة العربية تعيش اليوم واقع «تقبّل» واشنطن التمدد الإيراني غرباً باتجاه البحر المتوسط وجنوباً باتجاه اليمن والبحر الأحمر، ناهيك من عملها على تحويل الخليج إلى «بحيرة فارسية»... ومباركتها الضمنية استحواذ أتباع إيران على العراق وسوريا ولبنان وشمال اليمن وغزة.

لا ندري بالضبط منذ متى بدأ «درس» قرار رفع الحوثيين عن قائمة الإرهاب، وما هي حيثياته أو مبرّراته، لكن ما هو منطقي في سياق تلاحق الأحداث، ما يلي:

1 - داخل الحزب الديمقراطي، وكذلك داخل «لوبيات» واشنطن و«مراكزها البحثية والاستخباراتية»، يوجد تيار معاد تلقائياً لدول مجلس التعاون الخليجي – وتحديداً، المملكة العربية السعودية – من دون أن يكون بالضرورة حليفاً للنظام الإيراني. وهذا العداء التلقائي يدفع على الدوام إلى سوء الظن بالنيات الخليجية من ناحية، وتجاهل وجود أي نيات عدوانية مبيّتة في الطرف المقابل، وفي حالة اليمن... النظام الإيراني.

2 - ينشط في واشنطن وعواصم القرار الغربية «لوبي» إيراني منظم، قد لا يكون من الناحية التنظيمية جزءاً من أصابع المنظومة الإعلامية والأمنية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني، لكنه لاعتبارات قومية ووطنية يبقى حريصاً على مكانة إيران «القيادية» على مستوى الشرق الأوسط. وعليه، فهو لا يمانع – ولو مرحلياً على الأقل – بأن يقطف الملالي وحرسهم الثوري الثمرة على حساب منافسي إيران الإقليميين.

3 - لا تكترث شبكات المصالح المالية الأميركية كثيراً بـ«الصداقات» التقليدية ورومانسياتها، وهي على استعداد دائماً لابتزاز الحليف قبل الصديق. وهذا ما رأيناه ونراه غير مرة في علاقات واشنطن حتى بـ«حليفاتها» الأوروبيات والأطلسيات.

4 - أكثر من طبيعي أن حسابات الولايات المتحدة بوصفها «قوة عظمى»، تجاه تفاصيل القضايا المحلية والإقليمية، تختلف جوهرياً عن الحسابات الخاصة بكل دولة معنية بهذه القضايا مباشرة. ومن هذا المنطلق، وحتى إذا سلمنا بسلامة نيات واشنطن إزاء التعامل الخليجي مع الملف اليمني، نجد تيارات عديدة في العاصمة الأميركية ترى في المواجهة الخليجية للانقلاب الحوثي «هجوماً عدوانياً» لا إجراءً دفاعياً - كما هو حقاً - يرفد قرارات الشرعية الدولية، ويتصدّى لحالة عدوانية تتباهى بها طهران علانية وبلا مواربة في ظل ارتباط الحوثيين العضوي بالمخطط التوسعي الإيراني.

5 - ورثت إدارة جو بايدن الحالية «طاقمها الشرق أوسطي» شبه كامل من إدارة باراك أوباما. ومعلوم أن إدارة أوباما اعتمدت «مفاهيم» جديدة في تعاملاتها مع قضايا الشرق الأوسط... من إيران إلى إسرائيل، مروراً بالإسلام السياسي وغيره من المسائل البنيوية اقتصادياً وسياسياً وأمنياً. وواكبت هذه «المفاهيم» تطوّر «التحديين» الروسي والصيني في المنطقة، وتسريع طهران وتيرة «احتلالاتها» على امتداد المنطقة، وتبلور معالم حضور تركي متزايد ومرتبك إلى حد ما حتى اللحظة.

في الحصيلة النهائية، يتوجب علينا أن نقتنع إذن، بأن مواصلة الرهان على «صداقات» غير موجودة… سياسة تفتقر إلى الواقعية والبراغماتية. وبالتالي، عاجلاً أو آجلاً، لا بد من تقييم الخيارات والبدائل، إذا كانت هناك حاجة أو إمكانية لاعتماد بدائل. وفي هذا السياق، أذكر أنه نُشرت في الأيام الأخيرة مطالعتان إزاء سياسات إدارة بايدن الشرق أوسطية.

المطالعة الأولى وردت في تقرير لمعهد «بروكينغز» الأميركي، وهي من إعداد باحثة أكاديمية وخبير استخباراتي يمثلان وجهة نظر معادية تماماً للموقف الخليجي، ويعتبران الحوثيين «ضحية لعدوان خارجي» على اليمن... يجب على واشنطن مناوأته ورفضه. وينهيان مطالعتهما العدائية بـ«مقارنة» مزعومة للوضعين اليمني والأفغاني، فيدّعيان أن «الحالة اليمنية شبيهة بالحالة الأفغانية. ومع أن طالبان، كالحوثيين، منتهكون دائمون لحقوق الإنسان، فإنهم – حسب زعم التقرير – يقاتلون ضد قوة أجنبية غازية». ومن ثم، يحث المعدّان الرئيس بايدن على اعتماد خيار «الانسحاب» نفسه الذي اعتمده في أفغانستان، متجاهلَيْن بصورة غريبة الخلفيات التوسعية الإيرانية (الطائفية والعسكرية والإرهابية والمخدراتية) على مستويي الخليج والمشرق العربي والبحر الأحمر.

أما المطالعة الثانية فتمثلت بتقرير أعدّه ستيفن كوك ونُشر في «فورين بوليسي»، وجاء قراءةً ناقدة لكنها موضوعية - وأقل عداءً - لخلفيات تعامل إدارة بايدن مع الملفات الإقليمية في الشرق الأوسط.

لقد اختار كوك في مطالعته مصطلح «البراغماتية العديمة الشفقة» لوصف «استراتيجية» بايدن في المنطقة. وشدد على أن لدى الإدارة استراتيجية في الشرق الأوسط لكنها «عديمة الشفقة» في براغماتيتها، وخاصة في كل من سوريا واليمن.

إزاء سوريا، يرجح كوك أن بايدن استنتج أن «خفض التوتر» هو خير وسيلة لخدمة الأهداف الاستراتيجية الأميركية، وذلك من منطلق «اقتناع ضمني بأن بشار الأسد انتصر وما عاد بالإمكان فعل شيء». ثم يضيف أن استراتيجية بايدن في «براغماتيتها العديمة الشفقة» تربط الآن مصالح واشنطن بـ«مكافحة الإرهاب، ومنع انتشار الأسلحة، وضمان أمن إسرائيل... وحقوق الإنسان عبر تعزيز وصول الإغاثة!».

أما بالنسبة لليمن فيعرض الكاتب حسابات إدارة بايدن وتبريراتها، والكلام الملتبس حيال تعريف ما يشكل «الدفاع المشروع» أو لا يشكله. ثم يتطرق إلى مستقبل الاستقرار في شبه الجزيرة العربية، والتهديد الاستراتيجي للملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر إذا ما قيّض للحوثيين النجاح، ولا سيما، في ظل ارتباطاتهم مع إيران. ويختتم بالقول إنه «لا تنوير ولا بطولات» في استراتيجية بايدن هذه «لأنه، في أغلب الأحيان، تنطوي السياسة الخارجية على اتخاذ قرارات مشكوك في أخلاقيتها».

هذه الصورة الكئيبة الآتية من واشنطن تسلط الضوء على خفايا من المفاوضات النووية مع إيران… تهرب من الحقيقة، وتطرح أمامنا أوهاماً وخرافات على أنها حقائق وسياسات واقعية وأخلاقية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جردة حساب» عربية ـ أميركية انطلاقاً من اليمن «جردة حساب» عربية ـ أميركية انطلاقاً من اليمن



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:53 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024
  مصر اليوم - اختيار بشار الأسد كأكثر الشخصيات فسادًا في العالم لعام 2024

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 16:04 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها
  مصر اليوم - سيمون تتحدث عن علاقة مدحت صالح بشهرتها

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 01:12 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يوسف يكشف حقيقة استقالة كارتيرون

GMT 09:06 2021 الإثنين ,09 آب / أغسطس

ارتفاع صادرات مصر من منتجات البترول

GMT 17:02 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

محافظ بورسعيد يتابع بدء تفعيل خطة التعليم عن بعد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon