توقيت القاهرة المحلي 08:05:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران الرسّام وسوريا الصورة الأصلية... ولبنان نسختها

  مصر اليوم -

إيران الرسّام وسوريا الصورة الأصلية ولبنان نسختها

بقلم: إياد أبو شقرا

في خضمّ المأزق السياسي الفظيع الذي زجّ لبنان نفسه فيه مع الدول الخليجية، ابتداءً بالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، كان لافتاً موقف الوزير السابق سليمان فرنجية دفاعاً عن وزير الإعلام جورج قرداحي.
شخصياً، وخلافاً لكل ما هو مُعلن، أشك في أن قرداحي ينتمي قلباً وقالباً إلى تيار «المردة» الذي يقوده الوزير فرنجية، إذ إن شعوري الخاص - وقد أكون مخطئاً - أن وزير الإعلام، وهو ابن منطقة كسروان البعيدة عن منطقة نفوذ فرنجية في شمال لبنان، أقرب بكثير إلى «نَفَس» تيار الرئيس ميشال عون. بل، لقد كان «العونيون» - قبل غيرهم - يتداولون اسمه كأحد 3 مرشحين «عونيين» لحقيبة الإعلام طوال السنوات القليلة الماضية... عندما كان «لبنان - العهد القوي» يترنّح بين حكومة فاشلة وتكليف مستحيل.
ما علينا...
الحسابات «التوزيرية»، داخل حدود لبنان وخارجها، قضت بجعل هذا الوزير من حصة فرنجية كي يُعطى الرئيس ميشال عون أسماء إضافية تتجاوز معها حصته «الثلث» المعطّل، وذلك سواء تحت مسمى «حصة التيار الوطني الحر» أو «حصة كتلة التغيير والإصلاح» (ضمنها وزير درزي ووزير أرمني) أو «حصة رئيس الجمهورية».
الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، «ضابط إيقاع» الحكم داخل لبنان، ورئيس النظام السوري «ضابط الإيقاع» خارج الحدود - ومن خلفهما القيادة الإيرانية طبعاً - اختاروا هذه الصيغة المناسبة إفساحاً في المجال أمام كل من الوزيرين السابقين، سليمان فرنجية وجبران باسيل، للتسابق على إثبات ولاء أكبر والتزام أشد بتبني خط محور طهران... في المعركة المفتوحة على رئاسة الجمهورية؛ إذ ليس سراً أن «محور طهران - دمشق» يُعد منذ فترة للبناء على ما «أنجزه» في لبنان خلال سنوات عون الرئاسية، سياسياً وأمنياً وديموغرافياً واقتصادياً. وهو في سبيل تشديد قبضته على البلاد حريصٌ على تأمين تغطية مسيحية مزدوجة لهيمنة «حزب الله».
وفي حسابات هذا «المحور» - وهي صحيحة - أنه من الخطأ «طمأنة» فريق ماروني واحد لكونه صاحب الحظوة... ومنه حتماً سيأتي الرئيس المقبل. واستطراداً، لا بد من المضي في «حلْب» التنازلات الابتزازية من كل من العونيين و«المَرَدة» عبر إبقاء التنافس حامياً بين باسيل وفرنجية. وهكذا يظل الجانبان رهن الإشارة وطوع البنان، لاهثيْن لإرضاء «المحور»، وطمأنته في وجه التلويح الأميركي بعقوبات موسمية.
هذا الواقع يرسم الصورة الكاملة المتكاملة التي شاهدناها خلال الأيام الأخيرة بعد إذاعة شريط تصريحات قرداحي التي لم ولا تفاجئ الذين يعرفونه. ذلك أن هذا هو موقفه... الذي ما تغيّر ألبتة.
وبالتالي، كان مستغرباً بقدر ما هو بائسٌ، تذرّع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي - وقبله قرداحي نفسه - بأن المقابلة المثيرة للجدل سُجِّلت في أغسطس (آب) الماضي... أي قبل تشكيل الحكومة.
نعم، صحيح، سُجِّلت المقابلة قبل تشكيل الحكومة المَصون، غير أن رئيس الحكومة يدرك جيداً أن مواقف قرداحي المعبّر عنها بصراحة في المقابلة هي من لوازم «تزكيته» للمنصب، و«تأهيله» لدخول الحكومة.
إن ما قاله قرداحي، وما يؤمن به ماضياً وحاضراً، كان المطلوب بالضبط لـ«مكافأته»، بضمه إلى فريق وزاري مهمته التغطية السياسية اللازمة لتعزيز قبضة «الاحتلال»، وتعزيز ربط لبنان بـ«محور طهران - دمشق»، مروراً بالعراق و«حشده الشعبي».
من ناحية ثانية، أقدّر تماماً حجم الصدمة في الدول الخليجية الشقيقة من كلام الوزير والموقف الهزيل جداً للحكومة اللبنانية (بالاسم، على الأقل) بعد الكشف عنه.
وأتفهّم أيضاً مقدار خيبة أمل كل من السعودية والإمارات إزاء وصف مسؤول سياسي عربي دوريهما في اليمن، ضد مخطط «الهلال الإيراني» المهدِّد لعموم المشرق العربي، بأنه «اعتداء». بل، وتبريره أيضاً القصف الحوثي على الأهداف المدنية داخل السعودية بـ«الدفاع المشروع عن النفس».
ثم، إضافة إلى ما تقدم، فإن هذا المسؤول كان على علاقة وثيقة وطويلة ومُثمِرة مع البلدين، ما يزيد شعور كثيرين بوجود شيء من الجحود ونكران الجميل في مكان ما. وهذا أمر يسيء إلى كل لبناني يقيم ويعمل في دول الخليج.
إلا أنني هنا أتوقف لأثير، بأمانة، مسألتين:
المسألة الأولى أن العلاقة القائمة - أو الواجب أن تقوم - بين لبنان من ناحية والدول الخليجية الشقيقة من ناحية أخرى علاقة أخوة وتكامل... لا ارتزاق واستجداء وتمنين وصدَقة.
إن اللبناني الشريف الذي يعمل بكدِّ وشرف في دول الخليج، غير مسؤول عن تصرفات أي لبناني آخر ولا عن أخلاقياته. ومن واجبات الأخوّة، في الاتجاهين أن يكون اللبناني وفياً لمشاعر الأخوة بقدر وفائه للقمة عيش أهله، وفي المقابل، من واجبات أهلنا في الخليج أن يدركوا أن في لبنان اختلافات سياسية عميقة حتى على هوية البلد ومصيره لا تجيز التعميم. ولهذا كان لبنان، رغم ميزاته الطبيعية والحضارية الرائعة «بلداً طارداً» منذ أكثر من قرنين من الزمن. ولو كان كل اللبنانيين يفكّرون بالطريقة ذاتها، وفي الاتجاه ذاته، لما أصابهم ما أصابهم من ويلات، ولما نشرتهم النزاعات في مختلف أصقاع العالم كحالهم اليوم.
المسألة الثانية أن لبنان هو من الناحية الاستراتيجية الحلقة الأصغر في سلسلة أو منظومة «احتلالات» إيران في المنطقة العربية. وهو واقعياً مجرد نسخة للصورة التي رسمتها طهران في سوريا.
إن إيران هي «الرسّام»، والنظام السوري هو صورته الأصلية، أما لبنان فليس أكثر من نسخة لتلك الصورة. ومن ثم، إذا كانت ثمة رؤية استراتيجية متكاملة للأمن الخليجي... فالطبيعي جداً الربط الكامل بين ما يحدث في اليمن وما يحدث في سوريا، وما يعيشه لبنان بما يختبره العراق.
إن القرار والرسام و«المايسترو» في طهران، ما يعني أن أي انفتاح في غير أوانه، على أي من اللاعبين الصغار، من دون الأخذ في الاعتبار «مركز القرار الحقيقي» ينطوي على مجازفة غير مأمونة العواقب.
بل ما يزيد الأمر تعقيداً أن لا ضمانات مرتقبة أو مأمولة بمواقف دولية حازمة إزاء المخطط الإيراني، ولا تفاؤل بمقاربة إيرانية حكيمة في ظل المعطيات الحالية.
ختاماً، ما حصل في لبنان تنبيهٌ لواقع أخطر، ولكن رُبَّ ضارة نافعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران الرسّام وسوريا الصورة الأصلية ولبنان نسختها إيران الرسّام وسوريا الصورة الأصلية ولبنان نسختها



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
  مصر اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon