توقيت القاهرة المحلي 10:09:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لمسات إيرانية إقليمية جديدة في استقبال عهد نتنياهو الجديد

  مصر اليوم -

لمسات إيرانية إقليمية جديدة في استقبال عهد نتنياهو الجديد

بقلم - إياد أبو شقرا

أن يحاول المرء طمأنة نفسه إلى مكامن قوته، والحرص على تعزيز صداقاته وتحالفاته، لا يعنيان البتة الاستهانة بمصادر التهديد كائنة ما كانت. كذلك لا يجوز إطلاقاً لأي قيادة حكيمة رشيدة أن تصدّق التعابير المنمّقة الصادرة عن جهات لديها من المصالح بقدر ما في جعبتها من أحقاد ومؤامرات.
ما من شك، أنه في مصلحة الجميع بمنطقة الشرق الأوسط طي صفحة العداوات، وإطلاق مقاربات جديدة قائمة على إدراك المصالح المشتركة في تجنب «الانتحار الجماعي». لكن ما الحيلة عندما تسير الدبلوماسية المهذبة والنيات السيئة في خطين متوازيين؟ وما العمل مع مَن يرفض فهم التعايش إلا على هواه وبشروطه - التعجيزية غالباً - ويدّعي رغبته في دفن العداوات... بينما هو لا يكفّ عن إثارتها في كل مناسبة؟
بالأمس في لبنان، المحتل واقعياً، تضافرت جهود الجسمين القضائي والأمني على فتح معركة «كسر عظم» لا مبرّر أخلاقياً لها مع عائلات ضحايا تفجير مرفأ بيروت في صيف 2020. إذ تصدّت الأجهزة القضائية لتفوّه الشاب وليام نون، شقيق أحد الضحايا وناشط من الناشطين ضمن مجموعات العائلات المنكوبة، بتهديد لفظي عفوي، وعمدت إلى ملاحقته جرمياً واحتجازه للتحقيق معه وتفتيش منزله بحثاً عن متفجرات!!
نون - الذي أفرج عنه مساء أمس بعد عدة ساعات من توقيفه - حتى وإن كان قد أطلق كلاماً تهديدياً غير لائق، فإنه أطلقه علناً وأمام الإعلام... ولم يتوجه إلى أقبية مظلمة لإعداد رُزَم تفجير أو سيارات مفخخة كما فعل غيره مراراً في السنوات الأخيرة.
أيضاً يظل هذا الشاب إنساناً مفجوعاً بمقتل شقيقه في التفجير المدمّر الذي قتل نحو 218 شخصاً بجانب آلاف الجرحى، وقدّر خبراء عالميون قوته بأنه أكبر تفجير غير نووي في تاريخ العالم. والأسوأ من هذا، أنه بعد سنتين ونيّف من الجريمة - الفاجعة لا يزال المتهمون والمشتبه بهم يسرحون ويمرحون، في حين سعت وتسعى جهات عدّة داخل بنية السلطة اللبنانية إلى تمييع القضية وتعطيل التحقيق وتجهيل الفاعل وتغييب الدلائل. وإزاء خلفية كهذه، طبيعي جداً تلاشي الثقة بجلاء الحقيقة وتزايد الإحباط واليأس والسخط عند الأهالي المكلومين. لكن المثير أنه في حين تأبىَ الدولة - المُصادرة القرار - السكوت عن تهديد لفظي انفعالي من شابٍ لا حَول له ولا طول، نجدها لا تحرّك ساكناً إزاء مَن يقول ويفعل... وأحياناً يفعل من دون أن يقول.
بالأمس، مثلاً، بشّرنا أحد الأبواق الإلكترونية التابعة لـ«حزب الله» اللبناني، الذي يقرّ بامتلاك مائة ألف صاروخ، أن عشرة آلاف «تعبوي» انضموا مؤخراً إلى صفوف الحزب. خبرٌ كهذا يفترض به أن يُثلج صدور المتحمّسين لتحرير فلسطين، لا سيما بعد ولادة حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة الجديدة. ولكن من الحكمة التذكير بأن «حزب الله» نفسه - رغم «تعبويته» المتسارعة - أيّد وبارك بقوة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، أخيراً، تحت رعاية الموفد الأميركي الإسرائيلي المولد آموس هوكشتين. وهو ما يعني اعترافاً عملياً ورسمياً بإسرائيل وحدودها مع لبنان.
أيضاً خلال الأيام الأخيرة، وصل إلى لبنان وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، حيث عقد سلسلة اجتماعات أبرزها مع الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله. ولقد جاءت هذه الزيارة وسط الشغور الرئاسي عقب انتهاء فترة رئاسة ميشال عون، وتعذّر التوافق على رئيس بديل، وتفاقم الأزمة الحكومية مع مقاطعة أتباع عون جلسات «حكومة تصريف الأعمال» التي ينص واجبها الدستوري بالفعل على «تصريف الأعمال» ريثما يُصار إلى انتخاب رئيس.
ليس سراً أن «العونيين» كانوا وما زالوا يريدون الاحتفاظ بمنصب رئاسة الجمهورية الذي حققوا منه استفادة عظيمة على امتداد ست سنوات، بغطاء سياسي شبه مطلق من «حزب الله». إلا أن الممارسات الإلغائية لزعيمهم جبران باسيل، رئيس «التيار الوطني الحر» (العوني) سواءً داخل «التيار» أو خارجه، أضعفت قدرته على مواصلة التدلّل على «حزب الله»... ومن خلفه إيران. ثم إنه، كان في طليعة رافضي ممارسات باسيل الإلغائية حليفان مهمان للحزب هما شريكته في «الثنائي الشيعي» حركة «أمل» بزعامة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، والنائب والوزير السابق سليمان فرنجية القريب من برّي ونظام دمشق... والمرشح الذي يقال إنه المفضّل عند الحزب.
عند هذه النقطة، في ما يخص تفجير مرفأ بيروت، يتكامل المشهد السياسي المحتقن، بل ويتعقّد أكثر. إذ إن ثمة تهماً قضائية تتصل بالمسؤولية أو التقصير طالت وزيرين سابقين من «أمل» ووزيراً سابقاً من مناصري فرنجية. ناهيك من أن الرئيس السابق عون اعترف أنه كان «على علم بوجود مواد متفجرة في عنابر داخل المرفأ، لكن الوقت كان قد فات على منع ما حدث»، ومن ثم فهو أيضاً يتحمّل معنوياً على الأقل جزءاً من المسؤولية. وفي ظل هذا الواقع توافرت مصلحة ما في تعطيل التحقيق عند الأطراف الأربعة المعنية: عون و«أمل» وفرنجية و«حزب الله»، الذي هو راعي القوى الثلاث والقوة الحاكمة في لبنان والمتحكمة أمنياً به... والجهة التي يزعم كثيرون أنها مَن خزّن المتفجرات في المرفأ. وبالفعل، وقفت الأطراف الأربعة، كل بطريقته وأسبابه المعلنة ضد المحقّق طارق البيطار، وتطايرت التهم ضده، ووصلت الأمور إلى حد الاتجاه نحو قاضي تحقيق بديل أو موازٍ.
أما بالنسبة لزيارة أمير عبد اللهيان، فإنها لا تخرج عن تأكيد ثوابت مخطط إيران الإقليمي التوسعي مظللاً بمناوراتها الكلامية بين ادعاء الحرص على تبريد الأجواء مع «الجيران» الخليجيين، والقمع المتصاعد للانتفاضة الشعبية داخلياً، والسعي للاستفادة من استعادة اليمين المتطرف الحكم في إسرائيل.
طهران التي زعمت مؤخرا الإيجابية وتقدم التفاهم مع «جيرانها» الخليجيين، عادت في أول مناسبة إلى لغة التصعيد والعدائية مع افتتاح بطولة كأس الخليج العربي في البصرة بجنوب العراق، واعتراضاتها الشديدة على اسم «الخليج العربي» الذي تعتبره وتسميه «فارسياً».
أما في الشأن الإسرائيلي، فإنها مرتاحة جداً - على الأرجح - لعودة بنيامين نتنياهو إلى الحكم بدعم من غلاة العنصريين لكونها المستفيد الأكبر تاريخياً من التعنت الإسرائيلي... وكأنها في تفاهم استراتيجي ضمني معه.
ولقد ثبت منذ مدة لأهل المنطقة المحاصرين بين «ناري» الجارين اللدودين أن التطرف الإسرائيلي يخدم مخطط طهران التوسعي الطائفي، تماماً كما يدعم التطرف الإيراني ذرائع غلاة إسرائيل «الترانسفيريين» ويزكّيها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لمسات إيرانية إقليمية جديدة في استقبال عهد نتنياهو الجديد لمسات إيرانية إقليمية جديدة في استقبال عهد نتنياهو الجديد



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن بداياته الفنية
  مصر اليوم - خالد النبوي يكشف أسراراً جديدة عن بداياته الفنية

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon