توقيت القاهرة المحلي 15:31:15 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تكون 2021 سنة صعود الصين... وانتهاء الأحادية القطبية؟

  مصر اليوم -

هل تكون 2021 سنة صعود الصين وانتهاء الأحادية القطبية

بقلم:إياد أبو شقرا

تستقبل الولايات المتحدة الأسبوعين المقبلين بترقب، بعد طي صفحة عام 2020.
ذكريات الأشهر الـ12 الفائتة لا تنتهي، ومثلها ما خلّفته من حقائق لا بد من إيجاد طريقة للتعايش معها. وربما كان المراقب أكثر اطلاعاً على تلك الحقائق في الولايات المتحدة منه على منافستيها العالميتين الكبيرتين الصين وروسيا، بسبب الشفافية الأميركية بالمقارنة مع نهجي التكتم والسرّية الأمنية اللذين يشكلان ثقافة قائمة بذاتها في العملاقين الشيوعيَين سابقاً... والأمنيَين دائماً.
العام الانتخابي الأميركي الطويل، الذي ترك عليه تفشي جائحة «كوفيد - 19» بصمات جليّة، ما كان عاماً طبيعياً. وجاء اللغط حول نتيجة الانتخابات الرئاسية الأخيرة مؤشراً مقلقاً على تصدّع ما في الإجماع الوطني الأميركي. والمألوف أن في الديمقراطيات العريقة في الغرب، مثل الديمقراطية الأميركية، ثمة قواسم ثقافية مشتركة تسمو على الولاءات الحزبية والمُناكفات الشخصية، وتقوم على احترام مفاهيم راسخة كاحترام الدستور واستقلالية القضاء وتداول السلطة.
ما حصل منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد وجود تصدّع خطر واهتزاز واضح في القواسم الثقافية المشتركة. وبيّن أن مؤسسات الديمقراطية الأميركية تواجه اختباراً صعباً أمام هجمة متعددة الرؤوس، خلفها: الشعبوية السياسية، والولاء الشخصي المُطلق، والتعصّب العرقي والديني، واستغلال كتل المصالح وسائل الاتصال الحديثة لبث الشائعات وغسل أدمغة الناس عبر الترويج الدؤوب لـ«نظريات المؤامرة»، وأخيراً لا آخراً... نجاح قوى أجنبية - باعتراف ساسة أميركيين كبار - في اختراق الأمن الوطني الأميركي إلى حد التمكن من التأثير على الرأي العام والتلاعب في النتائج.
بالنسبة، لمسألة اختراق الأمن الوطني، بدأت الحكاية، كما نذكر، منذ بداية عهد الرئيس دونالد ترمب. فيومذاك اتهم قادة في الحزب الديمقراطي روسيا بـ«التدخل» لصالح ترمب ضد المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. وكما هو معروف، أدت حملة الاتهامات إلى تكليف المحقق الخاص روبرت موللر بترؤس لجنة للتحقيق في وجود التدخل الروسي المزعوم. ومع أن تحقيقات موللر انتهت «رمادية»، وصيغت خُلاصتها بتعابير تقنية مطاطية لم تُدن الروس أو ترمب لكنها لم تبرئ أياً من الجانبين، فإنها شكلت وقوداً استُغل لاحقاً في العديد من المناكفات، آخرها قضية علاقات مالية مزعومة لهنتر بايدن ابن المرشح (لاحقاً الرئيس المنتخب) جو بايدن في أوكرانيا.
في مطلق الأحوال، ساد مناخ من الكيدية والكيدية المضادة سقطت معه كل «الخطوط الحمر» التي تحكم الممارسة الديمقراطية المسؤولة في قوى عظمى تقوم على حكم المؤسسات وفصل السلطات، وكان لهذا المناخ تأثير مباشر على حضور الولايات المتحدة في مناطق العالم الساخنة. وأصلاً، قبل عهد ترمب، اتسمت سياسات سلفه الرئيس الديمقراطي باراك أوباما بمسحة من «الطوباوية» الاعتذارية والانكفائية، انتهت بخذلان عدد من حلفاء واشنطن. وكان الخذلان الأكبر، طبعاً، في الشرق الأوسط، حيث «باركت» واشنطن هيمنة الروس والإيرانيين على سوريا... من أجل تسهيل عقد الاتفاق النووي مع إيران.
ما حصل في عهد أوباما استغله ترمب في حملته الانتخابية عام 2016 تحت شعار شعبوي برّاق هو «إعادة عظَمة أميركا من جديد»، يدغدغ عبره المشاعر القومية الأميركية، أمّن له الفوز. ولكن طوال السنوات الأربع الأخيرة، مارست إدارة ترمب سياسات متذبذبة على المستوى الدولي. كذلك اعتمدت واشنطن خيار سحب قواتها من المناطق الساخنة، حتى ضد مشورة كبار القادة العسكريين أحياناً، متخلية لروسيا - تحديداً - عن مناطق نفوذ مهمة. وبالنسبة إلى إيران، فإنها اكتفت بالعقوبات الاقتصادية والضربات الاستهدافية الموجعة، من دون أن تبلور استراتيجية متجانسة متكاملة لضرب نفوذ طهران المتمدد في المشرق العربي، وصولاً إلى اليمن.
وأمر آخر مهم هنا، هو أن تركيز إدارة ترمب على «الخطر الآتي من الصين» قلّل من شأن التنبه لتنامي الدور الروسي في شرق المتوسط والقوقاز وجنوب شرقي أوروبا، والتقارب الروسي - التركي وما له من انعكاسات سياسية واقتصادية وأمنية في هذه المناطق.
مع هذا، لا يجادل كثيرون في أن الصين تشكل اليوم التحدّي الأكبر للولايات المتحدة، فالأرقام لا تكذب. ومشاريع الصين وخططها الاستثمارية والتنموية، في الداخل والخارج، مذهلة.
مثلاً، إلى جانب مبادرة «الطريق والحزام» العملاقة التي تشق طرق التجارة والنفوذ الصينيين عبر آسيا والمحيط الهندي إلى أوروبا وأفريقيا، للصين مصالح مالية في عدد من موانئ العالم بما فيها الولايات المتحدة وأوروبا. وحالياً ثمة ثلاثة موانئ ضخمة تملكها وتبنيها وتديرها الصين في كل من غوادار (باكستان) وبيرايوس (اليونان) وهامبانتوتا (سري لانكا). وجواً، على صعيد المطارات المدنية، تخطط «إدارة الطيران المدني الصينية» - لمواجهة الطلب المتزايد بسرعة - لبناء ما لا يقل عن 216 مطاراً جديداً بين اليوم وعام 2035. ومع وجود 234 مطاراً حالياً، تأمل الصين في أن يكون لديها ما لا يقل عن 450 مطاراً عام 2035.
وفي ميدان صناعة السيارات، بعدما كان لواء الصدارة معقوداً لعقود عديدة للولايات المتحدة، ثم اليابان، فإن الصين تصدّرت قائمة الإنتاج العالمي للسيارات عام 2019 بـ25 مليوناً و720665 سيارة، مقابل 10 ملايين و880019 سيارة للولايات المتحدة، و9 ملايين و684298 سيارة لليابان في المركز الثالث.
أكثر من هذا، أشارت إحصاءات منشورة عام 2017، إلى أن الصين باتت تخرّج سنوياً أكثر من ضعفي عدد المهندسين المتخرّجين في الجامعات الأميركية. وأيضاً في المجال التكنولوجي، تفيد أرقام «المنظمة العالمية للملكية الفكرية» بأن الولايات المتحدة تحصل منذ عام 1990 سنوياً على ما معدله 10 آلاف امتياز اكتشاف أو اختراع، وفي المقابل ازدادت طلبات الامتياز الصينية من 782 عام 2000 إلى 48899 طلب امتياز عام 2017، وبذا تجاوزت اليابان لأول مرة. وأخيراً، فيما يتعلّق بالمنجزات «السيبرانية» وتبعاتها العسكرية المستقبلية، فإن الدوائر الأميركية والأطلسي قلقة جداً من التطوّر الضخم لقدرات الصين، ومثلها روسيا، في هذا المجال، وتحذر من إمكانية إلحاقها أذى مدمّراً بالإمكانات العسكرية الغربية.
التحدي الصيني حقيقة واقعة إذن، ولكن هل ثمة استعدادات أميركية لمواجهته... أو، على الأقل، التعايش معه؟
إنه سؤال، يحتاج إلى إجابات سريعة، غير أن الإجابات الشافية قد لا تتوافر حالياً في ظل مناخات واشنطن ومناوراتها السياسية العبثية والمكلفة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تكون 2021 سنة صعود الصين وانتهاء الأحادية القطبية هل تكون 2021 سنة صعود الصين وانتهاء الأحادية القطبية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 02:55 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025
  مصر اليوم - أبرز قصات فساتين الزفاف الهالتر الرائجة في 2025

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon