توقيت القاهرة المحلي 01:35:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحن وغزة... بين الأقوال والأفعال

  مصر اليوم -

نحن وغزة بين الأقوال والأفعال

بقلم : إياد أبو شقرا

هل من مصلحتنا معرفة حقيقة ما يجري في منطقتنا... أم أنَّنا أكثر براءة من أن نتحمّل مرارتها؟

شعوري الخاص - وأرجو أن أكونَ مخطئاً - أنَّنا أكثرُ براءةً وقلة حيلة من التعامل بالطريقة المناسبة مع التحدّيات التي سيجلبها لنا عام 2024، ولا سيَّما، بعدما كشفت الأشهر القليلة الماضية الكثيرَ من النيّات والمقاربات.

أنَّ منطقة الشرق الأدنى تتغيّر أمام أعيننا، جغرافياً وديموغرافياً، بينما يُراد منَّا أن نتلهَّى بالزيارات والجولات المكوكية، ونصدّق العبارات الدبلوماسية التي تُتخمنا بها واشنطن وبعض العواصم الغربية. وبالتوازي، ما زال بعض المضلَّلين (بفتح اللام) والمضللِّين (بكسرها) في عالمنا العربي وجواره، مرتاحين للتهديدات الجوفاء والتصعيد الكلامي الفارغ.

كثيرون بالأمس كانوا مهتمين بسماع ما سيقوله حسن نصر الله، أمين عام «حزب الله» اللبناني، بعد إقدام إسرائيل على اغتيال القيادي البارز في «حماس» صالح العاروري وعددٍ من رفاقه داخل الضاحية الجنوبية لبيروت حيث معقل «حزب الله». لكن ما قاله نصر الله لم يأتِ بجديد.

ثم إنَّ «الحزب» أصلاً جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الإيرانية، وإيران التي طالما هدَّدت قيادات «حرسها الثوري»، وكرّرت أنَّ «القضاء على إسرائيل» مسألة بضع دقائق ... لا تزال متمهلة في تحقيق «إنجازها» الموعود، على الرغم من فظاعة الكارثة الإنسانية التي ارتكبتها الآلة الإسرائيلية في قطاع غزة على امتداد ثلاثة أشهر، وراح ضحيتها عشرات الألوف من المدنيين الأبرياء.

لقد أوكلت طهران، كالعادة، مهمة المناوشة وتسجيل المواقف لأدواتها الناطقة بلغة الضاد. وهي حاربت وستحارب لتعزيز نفوذها الإقليمي - المسمّى «المقاومة» - بأجساد الآخرين وعلى ركام أوطانهم ومجتمعاتهم.

طبعاً، طهران تتوقّع في المقابل مكافأة على ذلك... تتوقع أن تكون، كما كانت لعقود، جزءاً من التسويات والحلول التي ستُفرض على أشلاء الشرق الأدنى بعدما سلّمها الغرب كياناته... الواحد تلو الآخر على طبق من ذهب.

في العراق، تمارس طهران «حرب تحريك» محلية عبر الميليشيات التابعة لها باسم الثأر لغزة. وبينما لا تبدو واشنطن منزعجة ولا إسرائيل مضطربة... فإنَّ الدولة العراقية والهوية العراقية والسيادة العراقية صارت كلها شيئاً من الماضي.

وفي سوريا، لم تنقذ «الخطوط الحمراء» التي تبرّع بها باراك أوباما، النظام وحده، بل ضمنت أيضاً سلامة الهيمنة الإيرانية على عاصمة سوريا و«حزامها الأوسط» من الحدود العراقية شرقاً إلى ما كان جمهورية لبنان غرباً. وها هي أراضي سوريا حالياً مناطق نفوذ تقسيمية، ومصانع مخدرات، وطرق تهريب سلاح، وتصدير فتن وقلاقل للدول المجاورة.

وفي لبنان، حيث «قرار الحرب والسلم» والهيمنة المالية والأمنية لطهران عبر «حزب الله»، تغيّرت كيمياء البلد، وتبدّلت الحقائق فيه. وما كان لهذا أن يتحقق لولا «المقاومة»... أي مخطط إيران للهيمنة الإقليمية. فبحجة هذه «المقاومة» يحتفظ «الحزب» بسلاحه دون سائر الأحزاب والقوى اللبنانية. وبهذا السلاح يناوش ويناور ويبتز. وهو الآن، بعدما بارك ترسيم حدود لبنان البحرية مع إسرائيل، ينتظر «مهندس الترسيم» آموس هوكستاين للتفاهم معه على الخطوة التالية بالنسبة للحدود البرية. وهذا ما تطرّق إليه نصر الله أمس تلميحاً لا تصريحاً، عندما لم يستبعد التهدئة «إذا أوقفت إسرائيل عملياتها في غزة». وفي هذه الأثناء، بالتلازم مع التصعيد اللفظي، يستمر التراشق الصاروخي والمدفعي عبر الحدود وفق سقوف ما يسمى «قواعد الاشتباك»... مع تذكر أن معظم المواقع الإسرائيلية المستهدفة أُجلي عنها سكانها منذ فترة غير قصيرة.

بناءً على ما سبق، فإنَّ الدور الجديد في «حرب التحريك» الإيرانية يلعبه اليوم حوثيو اليمن في البحر الأحمر، وعند مضيق باب المندب.

هذا عنصر جديد زاد من أهمية التدخل الدولي من «أجل حماية التجارة البحرية»، وهو أيضاً يصب في مصلحة تزايد الحاجة إلى «خدمات» إيرانية ستساعد طهران في هدف «سيناريو» تقاسم المنطقة، وخاصة بعدما تأكد أن لا نية في طهران في «القضاء على إسرائيل». بل على العكس، أدت كل تهديدات طهران خلال السنوات الماضية إلى تنامي قوة اليمين الإسرائيلي التوسّعي، وأيضاً حجم الدعم السياسي والعسكري الأميركي لإسرائيل.

قبل أيام، هاجمني ذباب إلكتروني متحمّس لإسرائيل على منصة «إكس»، واتهمني بالغباء لتطرّقي إلى وجود «تقاطع» مصالح بين تل أبيب وطهران... لكنني مقتنع بأنَّ الفعل دائماً أصدق من الكلام وأقوى.

إدارة جو بايدن، بالذات، تدرك تماماً أنَّ لا نية لدى إيران بمهاجمة إسرائيل. وكانت قد عارضت منذ بدء حرب تهجير غزة توسيع المواجهات إلى حرب إقليمية، لأنَّها أولاً توافق تل أبيب على تصفية القضية الفلسطينية، وثانياً تريد المحافظة على دور إيران الإقليمي في الشرق الأوسط.

ولمَن لا يزال يشكك في هذا الكلام ليس له إلا النظر إلى أحوال مناطق سيطرة طهران في المشرق العربي، ثم تذكّر كلمات أوباما «الإيرانيون ليسوا انتحاريين!».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن وغزة بين الأقوال والأفعال نحن وغزة بين الأقوال والأفعال



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»

GMT 20:44 2021 الأربعاء ,15 أيلول / سبتمبر

شيرين رضا تتعرض للخيانة الزوجية من صديقتها المقربة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon