توقيت القاهرة المحلي 06:42:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحن وانتظارنا الطويل... الطويل جداً!

  مصر اليوم -

نحن وانتظارنا الطويل الطويل جداً

بقلم - إياد أبو شقرا

 

لست أشكّ لحظة فيما يطغى الآن على تفكير المُهجّرين الذين يطحنهم الخوف ويوجعهم القلقُ على المصير في كل من لبنان وفلسطين.

بديهي أن ما يؤجّل انتهاء ذلك الكابوس الذي يلفّهم... غياب أي بارقة أمل في اندفاعة عربية جماعية مثمرة، أو «صحوة ضمير» إسرائيلية تُنهي الصلف التوسعي والعربدة الدامية، أو موقف دولي مسؤول... يخالف ما نراه من تواطؤ صريح إزاء جريمة متمادية متكاملة التفاصيل.

من المؤكد، من حيث ميزان القوى، أن الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة القادرة على منع الانزلاق أكثر باتجاه الكارثة. إلا أننا، حتى بلوغ نهاية الأسبوع الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، سنظل رهائن لحملة انتخابات رئاسية انعدم فيها الاستثمار العربي المُجزي منذ عقود عديدة.

بل نحن، العرب، صرنا ندرك أنه في الحياة السياسية الأميركية... يتنكّر لنا الطامحون ويجري خلفنا المُتقاعدون. ولقد أثبتت التجارب الطويلة مع واشنطن أن الارتباط بالعرب أو أي قضية من قضاياهم ... إما «ممنوع» أو «انتحاري».

ولكن في المقابل، بعدما يحزم الساسة - الذين كانوا ملء السمع والبصر - حقائب العودة إلى الحياة الخاصة بعيداً عن نفوذ السلطة، نراهم فجأة «يتفهّمون» قضايانا «العادلة»... جرياً وراء المناصب الاستشارية أو عضوية «اللوبيات» الانتفاعية.

أكثر من هذا، أتذكّر جيداً، كما يتذكّر كثيرون غيري ممّن وعوا حقبة «الحرب الباردة»، أن الذريعة الدائمة المسوّقة لتزويد إسرائيل بأكثر الأسلحة تطوّراً وإغراقها بالدعم المالي السخي كانت «الحفاظ على التوازن العسكري في الشرق الأوسط». إلا أنه بمجرّد انهيار الاتحاد السوفياتي و«حلف وارسو»، تغيّرت الذريعة وصارت صادقة وصريحة وتتكرّر من دون رفّة جفن، ألا وهي «الحفاظ على تفوّق إسرائيل الاستراتيجي»! هذا ما نحن بصدده الآن مع تراكم علامات الاستفهام عما سيحمله المستقبل... ومنها:

كيف سنتعامل مع إسرائيل ليست فقط «متفوّقة»، بل أيضاً «إلغائية» للآخرين؟

ومتى - بعد كل ما حصل - ستتوقّف عمليات إسرائيل العسكرية التدميرية - التهجيرية؟

ثم، أي «شرق أوسط» يريده بنيامين نتنياهو في ظل تمتّعه بالدعم الغربي المُطلق واللامشروط؟ وأي حسابات «محسوبة» لسكان كيانات الشرق الأوسط... خِفية عنهم؟ وأي صفقات تُوضع لها اللمسات الأخيرة حالياً، بعد تصفية مَن صُفّي، وتهجير مَن هُجّر، وتدمير ما دُمّر؟

وتحديداً، وهذا تساؤل وجيه – في رأيي المتواضع – كيف سيكون «سيناريو التعايش» الأميركي (ومن ثمّ، الإسرائيلي) مع إيران مقلّمة الأظفار ومهشّمة الأنياب... لكنها نووية ونفطية وكبيرة السكان ومهمة ديموغرافياً؟

وأخيراً، كيف سيتأثر هذا «السيناريو» بنتيجة الانتخابات الأميركية في الشهر المقبل؟

إننا نسمع، ولنا أن نصدّق أو لا نصدّق، اعتزام القيادة الإسرائيلية المُنتشية بما أنجزته لبنانياً خلال الأيام الأخيرة... ضرب مرافق نووية أو بُنى تحتية إيرانية. وكذلك نسمع أن هذا الاعتزام «الابتزازي - الانتقامي» جُوبه بتحفّظ من جو بايدن، الرئيس الأميركي «المودّع»، الذي بتّ أشك في أن كثيرين ما زالوا يُصغون إليه...

ولكن بخلاف بايدن، لا يبدو منافسه الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، قليل التحمّس للتصعيد ضد حكم «ملالي طهران»، وذلك أملاً في تحسين وضعه الانتخابي مع «اللوبي الإسرائيلي» على أبواب انتخابات نوفمبر.

الحقيقة، يمكن المجادلة هنا بأنه ليس هناك رئيس أميركي قدّم لليمين الإسرائيلي خلال 4 سنوات ما قدّمه ترمب إبان سنوات رئاسته. لكن الناخب اليهودي الأميركي يظل أذكى من أن تخدعه «الهدايا» - المُسلّمة والموعودة - من زعيم مسيحي يميني أبيض يستنهض خطابه السياسي التحريضي اليومي أمام اليهود... كل أشباح العداء والتهديد التاريخيين الأوروبيين المسيحيّين.

صحيح أن اليمين الإسرائيلي مرتاح جداً لما يحقّقه الابتزاز بتهم «العداء للسامية» التي يطلقها راهناً ضد كل مَن يتجرأ على رفض غلوّه السياسي، لكن الصحيح أيضاً أنه حتى القيادات اليهودية الأميركية تخشى جدّياً تنامي نزعة «القومية المسيحية البيضاء» تحت رايات تيار «ماغا» (استعادة أميركا عظمتها).

ثم إن ما ينطبق على «أميركا الترمبية» ينطبق هذه الأيام أيضاً على أوروبا. هذه الـ«أوروبا» الماضية بثقة على طريق إعادة تأهيل حركاتها القومية والعنصرية المتطرفة، التي أسهم أسلافها في صنع مشاعر الخوف والغبن والاضطهاد عند اليهود... بدءاً من «محاكم التفتيش» الإسبانية وانتهاءً بـ«المحرقة النازية» الألمانية، ومروراً بـ«بوغرومات» الروسية!

في المقابل، صحيح أيضاً أن العقل اليهودي، منذ تأسيس إسرائيل في قلب العالم العربي - الإسلامي، بدأ ينظر بريبة وخوف إلى تصاعد الخطاب الإسلامي الديني. وهذا الواقع، في زعمي، تطوّر يخالف «الطبيعة» المؤسساتية لثقافة «العداء للسامية»... التي ولدت أصلاً في بيئة أوروبية مسيحية كان اليهود، كما كان المسلمون، في حالة صدام معها.

وهنا يمكن العودة إلى التهجير المشترك في أعقاب «الريكونكيستا» و«محاكم التفتيش»، الذي أدى إلى استقرار جاليات يهودية وافدة ضخمة في مناطق عدة على امتداد شمال أفريقيا، وكذلك ما تمتع به اليهود في العراق ومصر وبلاد الشام من مكانة وامتيازات قبل 1948. في أي حال، مع تناقض المصالح وتزايد التدخلات، تضعف الذاكرة الجماعية السياسية بالتوازي مع غياب الشُّهود، وتُستسهَل الفرضيات الكاذبة، فتزدهر تجارة الأوهام، ويكثر مزوّرو التاريخ والمتلاعبون بالجغرافيا.

نحن الآن أمام هذا الواقع.

إن جزءاً حيوياً من تاريخنا، وكذلك من جغرافية دولنا ومصائر شعوبنا، يُسرق من أمام عيوننا استناداً إلى «تبريرات» دينية أو شعارات غيبية.

وإلى أن نكتشف في نفوسنا وعقولنا القدرة على وقف الانهيار سيكون انتظار نهاية الكابوس طويلاً... بل طويلاً جداً!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن وانتظارنا الطويل الطويل جداً نحن وانتظارنا الطويل الطويل جداً



GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

GMT 22:47 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حرب القرن

GMT 22:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

جورجينا رودريغيز تتألق بالأسود في حفل إطلاق عطرها الجديد

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 08:01 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

نجمات تألقن على منصات عروض الأزياء
  مصر اليوم - نجمات تألقن على منصات عروض الأزياء

GMT 08:18 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

الخزانة ذات الأدراج قطعة أثاث مهمة في غرفة النوم
  مصر اليوم - الخزانة ذات الأدراج قطعة أثاث مهمة في غرفة النوم

GMT 00:23 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن تطلب من إسرائيل عدم قصف مطار بيروت
  مصر اليوم - واشنطن تطلب من إسرائيل عدم قصف مطار بيروت

GMT 20:22 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

محمد رمضان يستعد لفيلم سينمائي جديد بالتعاون مع أحمد مراد
  مصر اليوم - محمد رمضان يستعد لفيلم سينمائي جديد بالتعاون مع أحمد مراد

GMT 22:34 2024 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تطوير روبوت قادر على الرسم بأسلوب الفنان التشكيلي
  مصر اليوم - تطوير روبوت قادر على الرسم بأسلوب الفنان التشكيلي

GMT 22:30 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الكويت تسجل 570 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 18:42 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

يوفنتوس يستهدف ضم جيانلوكا سكاماكا مهاجم ساسولو الإيطالي

GMT 00:45 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

الفنان باسم سمرة يرد على رحاب الجمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon