توقيت القاهرة المحلي 01:01:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران... بيت الداء ورأس الدواء منذ 1979

  مصر اليوم -

إيران بيت الداء ورأس الدواء منذ 1979

بقلم : إياد أبو شقرا

ما أبعدَ الهوةَ بين قول الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري: «عجبتُ لمن لا يجدُ قوتَ يومِه كيف لا يخرجُ على الناسِ شاهراً سيفَه!»، وقول حسن نصر الله أمين عام حزب الله: «نحنا يا خيي، على راس السطح، موازنة حزب الله ومعاشاته ومصاريفه وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران. تمام؟ ما حدا إلو علاقة بها الموضوع...!». بل قوله في مناسبة أخرى ما معناه أنه «ما دام لدى إيران أموال فلدينا أموال»، وفي مناسبة ثالثة تطوّعه بدفع أجور موظفي الدولة إذا عجزت الدولة عن ذلك!
لا تناقض أكبر من هذا بين وجهين للثقافة السياسية للتشيّع. بين نقاء مدرسة الصحابة الذين رفضوا الفساد والفاسدين والاستكبار والمستكبرين، وعنجهية وصلف من شوّهوا منذ 1979 تراثاً متكاملاً وثقافة عريقة وهوية راسخة. بين صدق الزهد النظيف النية واللسان والكف، ورفع شعارات المظلومية والعدل والدفاع عن المستضعفين زوراً... من أجل استخدامها سلاحاً للثأر والحقد والفتنة والهيمنة.
اليوم عندما تثور مدن إيران فإنها تثور لسبب مفهوم هو الذي تكلم عنه أبو ذر، الزاهد النقي الشجاع الذي ما كان يخشى في الحق لومة لائم.
والحقيقة أن الشيعي الإيراني الجائع والمظلوم في سيرجان وأصفهان وكرج ليس أقل أو أكثر شيعية من العراقي ابن كربلاء والحلة والناصرية وساحة التحرير في بغداد، وهو لا ينافس الشيعي اللبناني في كفر رمان وصور والنبطية على «شيكات» السفارات من أجل التآمر على «مقاومة» ما أطلقت رصاصة واحدة على إسرائيل منذ 2006... بشهادة الرئيس اللبناني ميشال عون!
إن ما نشهده اليوم في لبنان والعراق تتردد أصداؤه في إيران، والسبب الأصلي هو لقمة العيش وفرص العمل، والمجتمع السليم المتسامح، بمنأى عن فساد يزرعه سلاح «مافيا» تتستر بالدين، وتقتل عشوائياً، وتفتك بمجتمعاتها مستخدمة آفات الانغلاق والتعصب وافتعال العداوات وترويج المخدرات.
التقارير الواردة من إيران، منذ سنوات، كانت تتحدث عن الأمراض الاجتماعية التي تتفشى في النسيج الإيراني بينما يُقاد المجتمع الشاب على الرغم منه إلى المجهول. كانت تكشف عن تقصير مخيف وسوء إدارة معيب في تسيير المرافق العامة، ومعاناة صامتة خلف المشاريع الميليشياوية المافياوية التي تتكامل فيها سطوة السلاح مع الفساد المالي، وتعمم في كل مكان صُدّرت إليه التجربة الخمينية - الخامنئية. في كل مكان زُرع نموذج الحرس الثوري، وقمعه الدموي، ونهبه المنظم لثروات الدول والشعوب التي يهيمن عليها.
ما فعله ويفعله حزب الله في لبنان يعرفه اللبنانيون جيداً. يعرفونه منذ رفض التعاون مع المحكمة الدولية المشكَّلة للتحقيق في اغتيال رفيق الحريري وشهداء الانتفاضة على هيمنة طهران وراء «واجهة» الجهاز الأمني السوري - اللبناني قبل عام 2005... وحتى اليوم الذي ينهى الحزب فيه ويأمر ويهدّد ويخوّن من خلف سلطة صنعها لتكون نموذجه لمشروع «حلف الأقليات».
أيضاً السوريون على دراية كافية بما فعله الحزب داخل سوريا، بموجب التكليف الشرعي من طهران، والتنظيم التنسيقي والإسنادي من «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني وميليشياته الطائفية العراقية والأفغانية والباكستانية.
وها هي قد زالت الغشاوة في العراق الآن، بعد طي صفحة «فزاعة داعش» التي استفاد منها أتباع نظام طهران طويلاً، فحوّلوا بلدهم إلى تابع صاغر يُدار بنظام «التحكم عن بُعد» من طهران، و«شرعنوا» سلاح ميليشياتهم في جيش رديف خارجي الولاء يتحدّى - بمجرّد وجوده - مكانة الجيش الوطني. واللافت، أن الانتفاضة هذه المرة ما أتت من الموصل الذبيح ولا الفلوجة المضطهَدة... بل من صميم البيئة الشيعية. من كربلاء والنجف، والحلة والناصرية، والبصرة والعمارة.
لقد انتهت الكذبة الكبرى، وانتهى معها الخوف!
من لبنان والعراق... إلى إيران من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، ما عاد ممكناً التعايش بين الجوع والفساد.
لا يعقل في بلد يعجّ بالثروات الطبيعية مثل إيران، ويمتلك رابع أضخم احتياطي نفط في العالم، أن يعاني من أزمة وقود، وأن تهرب قيادته من معالجة الحاجات الملحة لشعبه البالغ تعداده 82 مليون نسمة بالمغامرات الخارجية، وأن تنفق مافياته الميليشياوية موارد البلاد على حلم هيمنة نووية بينما يقرُّ رئيس البلاد بأن 60 مليون مواطن يحتاجون للدعم الحكومي، وأن تسيطر مؤسسات الحرس الثوري على ثلث الناتج الإجمالي لاقتصاد البلاد.
كذلك لا يقبل المنطق أن يرتضي بلد كلبنان، ازدهر منذ استقلاله بفضل اقتصاد الخدمات والسياحة ويتمتع بإمكانات زراعية وتجارية وثقافية متميزة، بالاستسلام لـ«اقتصاد مقاومة» لا تقاوم، ويسكت بسببها عن حرمانه من الاستثمارات الخارجية ويقبل بأن تهجره خيرة إمكاناته، ويستسلم للهيمنة الميليشياوية على مؤسساته الحكومية المدنية والأمنية.
ولا يختلف الوضع كثيراً في العراق. ومثلما تتطاير تهم الفساد والنهب المحميّين ميليشياوياً في لبنان، كذلك تتداول التقارير أرقاماً خيالياً تصل إلى مليارات الدولارات عن ثروات يقال إن شخصيات النظام العراقي النافذة جمعتها من الصفقات المشبوهة منذ عام 2003.
صحيح أن هناك ضغطاً اقتصادياً خارجياً على المنظومة الميليشياوية - المافياوية للحرس الثوري الإيراني وامتداداته يتمثل بالعقوبات الأميركية، لكن المشكلة تبدأ أساساً من فكر هذه المنظومة وسلوكياتها. ذلك أن أولوية أي نظام سياسي، في أي مكان وزمان، يفترض أن تكون مصلحة الإنسان أو المواطن. ومن ثم، فمهما كانت النيات أو المصالح الجانبية أو الاعتبارات السياسية لمكونات السلطة، تفقد أي سلطة مبرر وجودها إذا خذلت هذا المواطن.
في الدول المتقدمة، وفّرت الديمقراطية المسؤولة للمواطن فرصة توصيل صوته. ومن ثم، تغيير أولئك الذين فوَّضهم إذا هم خذلوه أو عجزوا عن تحقيق ما يصبو إليه. كذلك وفر التسامح وتقبل التعددية المجال للتعايش من دون قهر أو قمع.
لكن النموذج الخميني - الخامنئي خذل الإيرانيين ونكب جيرانهم، حتى اتفق كل متابع رصين على أن أي تغيير في المنطقة يجب أن يشمل التغيير في إيران.
التغيير في قلب طهران هو الضَّمانة للتغيير الآمن والإيجابي في المشرق العربي كلِّه.

وقد يهمك أيضًا:

الفصل الختامي من ضم لبنان إلى محوَر إيران

على انتفاضة لبنان وعي جوهر الأزمة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بيت الداء ورأس الدواء منذ 1979 إيران بيت الداء ورأس الدواء منذ 1979



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا
  مصر اليوم - بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 00:01 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

"لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا"
  مصر اليوم - لطفي لبيب يودع الساحة الفنية ويعلن اعتزاله نهائيًا

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022

GMT 08:36 2021 الخميس ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أيتن عامر تحذر من المسلسل الكوري «squid games»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon