توقيت القاهرة المحلي 12:48:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان وخارطة طريق السنيورة

  مصر اليوم -

لبنان وخارطة طريق السنيورة

بقلم :علي شندب

خلط رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الأوراق السياسية التي سبق وبعثرها خروج الرئيس سعد الحريري وتياره السياسي من الحياة السياسية، وضمناً وأساساً العزوف عن خوض الانتخابات النيابية المقبلة. وإذا كان الخروج غير المفاجئ للحريري قد ارتد بشكل سلبي على تياره أولاً وعلى الطائفة المأزومة والمكلومة ثانياً، فإن خطوة السنيورة بدت كثغرة في جدار محكم الإغلاق، سيما وأن سعد الحريري ترك الساحة السُنيّة دون أن يسلمها لأحد، أشبه بأرض محروقة.

وقد بدا المؤتمر الصحفي الذي عقده السنيورة عبارة عن خارطة طريق تشخّص الخلل بأنه ليس أزمة طائفة أو حزب أو تيار، وإنما أزمة وطنية لبنانية عامة. خارطة طريق السنيورة ذات مسالك وعرة سيما وأنها تسير بين حقول ألغام متعددة، وتعتمد مقاربات سياسية جديدة صاغها السنيورة بتأن متقن بهدف تأمين أوسع شبكة احتضان وطني لها.

تجرّأ السنيورة وأقدم على طرح مبادرته السياسية، المرتكزة على الانخراط في الانتخابات النيابية المقبلة ترشيحاً واقتراعاً خلافاً لما أراده الحريري، وخصوصاً من قبل أهل السنة والجماعة بهدف عدم ترك الساحة السياسية سائبة أمام من وصفهم بالطارئين والمغامرين.

لم يشأ السنيورة إقتفاء أثر سعد الحريري بالعزوف والخروج من الحياة السياسية، ولا باقتفاء أثر شريكه في نادي رؤساء الحكومة تمام سلام بالعزوف عن الانتخابات إفساحاً في المجال أم التغيير الذي ينشده شباب الجيل الجديد، ولا أيضاً النائب نهاد المشنوق الطامح لوراثة كرسي رفيق الحريري، ثم آثر بدوره العزوف عن خوض الانتخابات مستذكرا أن نتائج الانتخابات الاخيرة أفرزته السادس على لائحة تيار المستقبل، كما بيّنت استطلاعات عدة ضمان سقوطه، ففضل العزوف عن السقوط المضمون.

لقد اختط رئيس كتلة المستقبل النيابية السابق فؤاد السنيورة طريقاً متوازناً يشبه مسيرته السياسية، وحصّن نفسه بشرعية غير مستمدة من تيار المستقبل ورئيسه سعد الحريري، بل من رفيقه وشريكه في السياسة والحكم والمسؤولية، رفيق الحريري إياه. وهي الشرعية التي اضطرت السنيورة في لحظة سياسية حرجة للتصرف كفدائي بهدف منع وقوع الدولة بالمطلق في فم إيران وذراعها حزب الله، وبالتالي الحد ما استطاع إليه سبيلا من التداعي الخطير في الطائفة السنية المختلة الوزن والتوازن النفسي والسياسي.

ويبدو أن السنيورة أدرك أن طريقة خروج الحريري وإلقائه الحرم السياسي على كل من يترشح باسمه او اسم تياره، إنما ستكون نتيجته الوخيمة تمكين الطارئين والمغامرين من تمثيل الطائفة السنية المهيضة الجناح. وتشير استطلاعات عدة أن انخفاض نسبة التصويت السني، معطوفة على صهاريج حزب الله ومساعداته الغذائية والاجتماعية والمالية كتلك التي منحها الحزب لذوي شهداء وجرحى انفجار خزان التليل في عكار، فضلاً عن رماد "مُسيرة حسان" الكثيف، ما يشوش الرؤية الضبابية أصلاً ويُسهم في تأمين عوائد نيابية وازنة، ستنعكس تضخماً في كتلة "نواب سنة حزب الله" أو "اللقاء التشاوري السني" سابقا.

إنه الحرم السياسي الذي لم يمنع فؤاد السنيورة من الإقدام، متكئاً على خصوصيته مع أبو الحريرية الأصلي، كما وعلى رمزيته في الأوساط السنية واللبنانية معاً. فكتاب "الإبراء المستحيل" الذي استلّه ميشال عون عندما كان رئيساً للتيار الوطني الحر، لم يكن يستهدف سوى قطع رقبة السنيورة، الذي لم يتوان في الرد عليه بكتاب "الافتراء في الإبراء"، كما أن محاولته في بسط سيادة الدولة انطلاقاً من شبكة الاتصالات هو ما مهّد الطريق أمام غزوة 7 أيار 2008.

التطاول على مقام رئاسة الحكومة، شكّل الشغل الشاغل للسنيورة الذي ابتكر لأجل تحصينه ما سمي بنادي رؤساء الحكومة السابقين والذين حاكت بياناته السياسية التي كان يصوغها السنيورة شخصياً بيانات بكركي من زمن البطريرك نصرالله صفير وحتى البطريرك بشارة الراعي ومطالباته الدؤوبة في الحياد وبسط سلطة الدولة وتحريرها من السلاح غير الشرعي.

ورغم حديثه ووضوح رأيه في مسألة السيادة وهيمنة إيران على الدولة اللبنانية، فقد تمكّن السنيورة من ابتداع مقاربة مختلفة عن تلك التي ذهب إليها بهاء الحريري بشأن عدم الحوار مع الحزب وتجريمه واعتباره تنظيماً إرهابياً، ما جعله يخوض تجربته السياسية الكترونيا وليس واقعياً. إنها المقاربة التي تقول "لا دولة مع سلاح حزب الله ولكن هناك إمكانية لدولة مع حزب الله من دون سلاح حزب الله الذي أصبح بالفعل موجهاً إلى صدور اللبنانيين وصدور الأشقاء العرب".

يعلم السنيورة جيداً أن مقاربته الحزبلّاهية الجديدة مرفوضة من قبل الحزب، رغم أنها لم تلحظ إلغاءه أو اجتثاثه. وكلنا يعلم أنّ "الاجتثاث" لغة وأسلوباً وممارسة هو من مخلّفات الاحتلال الأميركي وورثته والمتخادمين معه ممن أتوا على متن الدبابات الأميركية إلى سدة الحكم في العراق، ورغم ذلك لطالما رشق حزب الله السنيورة بتهم العمالة للأميركي، في حين أن نظراء الحزب يتخادنون معه في سرير واحد.

بالعودة إلى خلط الأوراق في لبنان، فقد أحدثت مبادرة السنيورة وخارطة الطريق التي استبق الإعلان عنها، بإطلاع نظيريه تمام سلام ونجيب ميقاتي عليها، كما وباستحصاله على بركة دار الفتوى ومفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، أحدثت صدمة إيجابية ساهمت في التقاط بعض أنفاس البيئة السنية التي ربما عاد اليها بعد توازنها المفقود، ولينفتح المشهد على اصطفافات وطنية وسياسية جديدة ستتظهر معالمها في الأسابيع المقبلة ربطاً بإغلاق موعد الترشيحات للانتخابات المقبلة في حال لم يصدر القرار الكبير المرجّح بتأجيلها ربطا بما تتمخض عنه مفاوضات فيينا التي جعلتها مقتضيات الأمن الاستراتيجي لروسيا وتدخلها العسكري في أوكرانيا خبراً ثانوياً لا ثانياً.

باختصار شديد.. لقد وضع السنيورة المشهد السياسي والانتخابي أمام معادلات جديدة، ربما من شأن تلقفها لبنانياً وعربياً الحدّ من الانهيار وبلوغ الارتطام ما بعد الاقتصادي والمالي، في بلد بات يصحو على مربعات قضائية وجزر أمنية وإحباط جرائم تفجيرية، إخراجها الإعلامي، أشبه بالخبطات الصحفية الفاشلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان وخارطة طريق السنيورة لبنان وخارطة طريق السنيورة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon