توقيت القاهرة المحلي 09:39:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تعود القضية الفلسطينية على جدول الأولويات الإقليمية؟‬

  مصر اليوم -

هل تعود القضية الفلسطينية على جدول الأولويات الإقليمية‬

بقلم :ناصيف حتّي*

سؤال سمعته في أكثر من لقاء في الفترة الأخيرة، أثاره أشخاص ذوو اتجاهات وأولويات سياسية مختلفة، بعضهم من الإخوة العرب وبعضهم الآخر من خارج المنطقة، عن مدى احتمال عودة القضية الفلسطينية إلى جدول الأولويات الفعلية في المنطقة مع العام الجديد. لم يكن ذلك من باب التمني فحسب عند البعض، بل من قناعة تولدت مع الوقت عند الكثيرين من أن البحث في إقامة الاستقرار وتعزيزه في الشرق الأوسط، الذي يشهد صراعات مختلفة ومترابطة عبر أجندات اللاعبين الكبار من الإقليم أو خارجه، يستدعي التوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية. مرد ذلك أن استمرار التأزم وغياب أي أفق جدي للحل السلمي الشامل المعروفة مراجعه وأسسه وكذلك عناصره يوفر مادة أساسية للاستغلال السياسي ولتوظيف القضية الفلسطينية كورقة جذابة في حروب وصراعات المنطقة ولأهداف ومصالح لا علاقة لها أساساً بالقضية الفلسطينية.
أسهم في ذلك التغييب عن جدول الأولويات الإقليمية، الوضع الفلسطيني ذاته. هنالك وللأسف حالة تفكك وترهل في الجسم السياسي الرسمي، وكذلك التنظيمي الفلسطيني ولو اختلفت درجة التفكك في الجسم التنظيمي بين طرف وآخر. وهنالك بالطبع شلل مؤسساتي في السلطة الفلسطينية يعكس حالة الوهن والتهميش التي تعيشها هذه الأخيرة أياً كانت الأوضاع أو الأطراف المسؤولة عن هذه الحالة. محاولات عديدة جرت في الماضي القريب لإنهاء هذا الوضع. بدأت مع ما عرف بالرباعي العربي الأوروبي (مصر والأردن وفرنسا وألمانيا)... كذلك جاءت دعوات من دول أخرى منها روسيا الاتحادية لإحياء دور الرباعية الدولية، وطُرحت أفكار لتوسيع الرباعية لتضم بعض الدول العربية.
على صعيد آخر، تقوم بعض الأطراف العربية، خاصة الجزائر، بالعمل على إطلاق حوار فلسطيني - فلسطيني بغية التوصل إلى ترتيب البيت الفلسطيني كشرط أكثر من ضروري ولو غير كافٍ لإعادة إطلاق عملية السلام.
إسرائيل تستفيد من هذا الغياب (للملف الفلسطيني) عن جدول الأولويات الشرق أوسطية بغية خلق واقع جديد في الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر سياسات وإجراءات مختلفة؛ أهمها من دون شك السياسات الاستيطانية. واقع يمنع بعد ذلك متى تكرس وتعزز إمكانية قيام الدولة الفلسطينية المطلوبة. هذا الوضع صار يدفع الكثيرين المؤيدين للحل السلمي الشامل والعادل للتراجع عن تبني خيار «حل الدولتين اللتين تعيشان جنباً إلى جنب»، والعودة لنفض الغبار عن عنوان/ أو خيار قديم اسمه الدولة الواحدة للجميع، الدولة القائمة على المساواة في المواطنة، وهو نقيض لفكرة قيام إسرائيل. عنوان أو هدف رغم جاذبيته الأخلاقية والمبدئية، لكنه يبقى غير قابل للتطبيق بتاتاً بسبب الموقف الإسرائيلي المبدئي ضد ذلك كما أشرنا.
لا يكفي القول إن هنالك قضايا تشكل أولويات أمنية بالمفهوم العام للأمن القومي وضاغطة على العديد من دول الإقليم أسهمت، ضمن عوامل أخرى تتعلق بالبيت الفلسطيني، كما أشرنا، في تهميش «الملف الفلسطيني». ولكن ذلك لا يلغي الانعكاسات السلبية الناتجة عن التجميد السياسي، أو كما يسميه البعض القتل التدريجي لهذا الملف، على الأمن والاستقرار الإقليمي بأشكال مختلفة وليس بالضرورة كلها بشكل مباشر. إن العمل على تحويل عنوان الأرض مقابل السلام، الذي شكّل منذ اليوم الأول لعملية السلام، مرجعية التفاوض إلى عنوان صنعته السياسات الإسرائيلية وتحاول تكريسه عاجلاً على أرض الواقع، قوامه بعض المساعدات الاقتصادية مقابل السلام (المطروح حسب الرؤية الإسرائيلية) لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر في ظل انسداد الأفق والقتل البطيء للتسوية السلمية الشاملة والعادلة والمطلوبة. ولن يكون ذلك بالطبع لمصلحة الاستقرار والسلم في المنطقة، بل سيوفر مزيداً من الوقود للحرائق المشتعلة وتلك الجاهزة للاشتعال في الإقليم. يجري ذلك، في وقت من مصلحة الجميع العمل فيه على التسوية السياسية السلمية والشاملة للصراعات المختلفة والمنتشرة في المنطقة.
شهران من الزمن تقريباً يفصلاننا عن الذكرى العشرين لمبادرة السلام العربية، مبادرة المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز، التي اعتمدت في القمة العربية في بيروت. المبادرة التي قدمت رؤية شاملة وشجاعة للتسوية السلمية للنزاع العربي - الإسرائيلي تستند إلى القرارات الدولية وإلى مبادئ وأهداف الأمم المتحدة. فهل يتبلور تحرك عربي فاعل مع دعم دولي صديق في هذا الخصوص، الأمر الذي لا يخدم فقط التسوية السلمية العادلة للنزاع العربي - الإسرائيلي، بل يسهم بشكل كبير في صنع الأمن والاستقرار في المنطقة من خلال العمل للتسوية السلمية لكل النزاعات في المنطقة، أياً كانت عناوينها، على أساس احترام المواثيق والقرارات والأعراف الدولية.
سؤال يطرح على أرض الواقع عله يجد الجواب المطلوب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تعود القضية الفلسطينية على جدول الأولويات الإقليمية‬ هل تعود القضية الفلسطينية على جدول الأولويات الإقليمية‬



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 09:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد السعدني يحلّ أزمة أمينة خليل في رمضان
  مصر اليوم - أحمد السعدني يحلّ أزمة أمينة خليل في رمضان

GMT 06:54 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب
  مصر اليوم - غوتيريش يؤكد أن الأمم المتحدة مستعدة للعمل مع ترامب

GMT 08:20 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ترامب وبوتين يتفقان علي إعادة النظام إلى الجنوب

GMT 23:48 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

مشهد لـ صبا مبارك في مسلسل "حكايات بنات" يحقق 15 مليون مشاهدة

GMT 07:38 2020 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

تعرَّف على المشكلات السلوكية عند أطفال الروضة وطرق حلها

GMT 00:53 2020 الأحد ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو السولية يرحب بالرحيل عن الأهلي إلى الدوري الإيطالي

GMT 09:21 2020 الجمعة ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أبطال مسلسل موسى لمحمد رمضان

GMT 21:57 2020 السبت ,01 آب / أغسطس

أسعار الفاكهة في مصر اليوم السبت 1 أغسطس

GMT 00:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

الفنانة سميحة أيوب تتعرض لوعكة صحية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon