توقيت القاهرة المحلي 13:28:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما المطلوب من القمة العربية المقبلة؟

  مصر اليوم -

ما المطلوب من القمة العربية المقبلة

بقلم :ناصيف حتّي*

 تعقد الدورة الـ٣٣ للقمة العربية فى البحرين يوم السادس عشر من هذا الشهر. أمام القمة كما درجت العادة فى تاريخ القمم العربية العديد من القضايا والمسائل القديمة على الأقل بعناوينها ولو ليس دائمًا بمضامينها وتلك الجديدة أو المتغيرة أو الطارئة. تتناول هذه كلها عادة أولويات مشتركة أو ضاغطة على البعض أو على الكل فى مجالات مختلفة من الحياة السياسية العامة، بالمفهوم الشامل لهذه، وفى الأطر العربية والإقليمية والدولية فى خصوصياتها وترابطها وتداخلها. الكثير من القرارات لا تأخذ طريقها إلى التنفيذ كما هو معروف بسبب طبيعتها إذ تؤكد عادة على مواقف ومبادئ عامة أو تحمل مناشدات ودعوات ولا تحمل عادة قرارات عملية للتنفيذ والمتابعة، مع التذكير بالطبع أن هنالك العديد من الاستثناءات فى تاريخ القمم ولو أنها تبقى قليلة جدا مقارنة مع ما أشرنا إليه من سمة عامة لهذه القرارات فى تاريخ جامعة الدول العربية.

يأتى انعقاد القمة هذه المرة فى خضم عودة القضية الفلسطينية، من بوابة الحروب القائمة والمترابطة والتى تزداد سخونة كل يوم، إلى احتلال موقع الصدارة على جدول الأولويات الإقليمية الضاغطة والساخنة فى المنطقة. حروب تحمل تداعيات على الأمن والاستقرار فى الإقليم. الأمر الذى يطال مصالح الجميع ولو فى أوقات ودرجات مختلفة. حرب إلغاء تقوم بها إسرائيل ضد القضية الفلسطينية، فى الأراضى المحتلة وخارجها، كقضية تحرير وطنى تقابلها استراتيجية «وحدة الساحات» الأمر الذى يجعل هذه الحرب المفتوحة فى الزمان والمكان تمتد من شاطئ البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر. من المرجح أننا أمام تبلور مشهد إقليمى قوامه حرب استنزاف ممتدة فى الزمان والمكان تشهد تصعيدًا وقد تشهد أحيانًا تخفيضًا ضمن قواعد اشتباك قائمة أو أخرى جديدة أو متجددة مع مخاطر الانزلاق دائمًا نحو حرب مفتوحة تطال تداعياتها الجميع.

فى هذا السياق، أمام الحديث عن هدن مؤقتة للتوصل يومًا إلى وقف إطلاق النار، يبقى من الصعب إن لم يكن المستحيل تحقيق ذلك، مع الأهداف المرتفعة السقف التى وضعتها إسرائيل سواء فيما يتعلق بغزة بشكل خاص أو على الجبهة الشمالية (جبهة لبنان) وقرارها برفض العودة إلى الوضع الذى كان سائدًا قبل الحرب وكان ناظمًا للوضع على الحدود. صحيح أن الحروب أحيانًا هى جزء من عملية التفاوض على الأرض، وذلك قبل التفاوض ولو غير المباشر حول الطاولة، لكنها تحمل خطورة الاستمرار والتصعيد والتوسع والانزلاق أيضًا نحو حرب مفتوحة قد لا يريدها أحد، إذا لم يتم التوصل إلى سلة الحل المؤقت ولو تحت عنوان الحل الدائم أحيانًا، لكنه الهش والقابل للسقوط إذا ما تغيرت التوازنات أو تغيرت الأهداف والأولويات عند الأطراف المعنية.

قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضى، باعتبار فلسطين دولة مؤهلة وفقًا للمادة ٤ من ميثاق الأمم المتحدة، لتكون دولة عضو فى الأمم المتحدة ومنحها حقوق واعتبارات إضافية، على أساس استثنائى، لتعزيز مشاركتها فى دورات وأعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ومطالبة مجلس الأمن بإعادة النظر فى رفضه لعضوية فلسطين (الفيتو الأمريكى تحديدًا) والدعم الواسع للطلب الفلسطينى المدعوم عربيًا ثم التأييد الواسع الذى حظى به هذا القرار شكل انتصارًا معنويًا يجب البناء عليه وتعزيزه. وعلى صعيد آخر بذلت اللجنة السداسية العربية وتبذل جهودًا كبيرة فى هذا المجال لإعادة إحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين. أمام هذه المعطيات كافة، يصبح أكثر من الضرورى على القمة أن تبلور استراتيجية تحرك عربى على مستوى القادة. تحرك يضم دول السداسية وغيرها أو كل من يرغب بالمشاركة. تحرك على مستوى القمة، لما يشكله من رسالة، نحو عواصم الدول الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن والقوى الدولية الأخرى إلى جانب تجمعات إقليمية أساسية مثل الاتحاد الأوروبى. على القمة أن تبلور هذه المعطيات الجديدة والمطالب المطروحة عربيا (مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانضمامها للأمم المتحدة) والتحرك لعقد مؤتمر دولى للسلام عنوانه حل الدولتين والسلام الشامل، وبلورة خريطة طريق لذلك الأمر، بالاشتراك مع الأطراف والقوى الدولية المعنية والفاعلة. لن يكون الرفض الإسرائيلى لهذا التحرك /المبادرة مفاجئًا. لكن بقدر ما تكون هنالك مصداقية دولية لهذا التحرك بازدياد عدد الأطراف الدولية المنضمة إليه، تحت عنوان تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومبادرة السلام العربية المرتكزة على هذه القرارات ومؤتمر دولى لبلورة خريطة طريق للسلام الشامل القائم على حل الدولتين بقدر ما سيضعف الموقف الإسرائيلى الرافض للسلام. أركان المبادرة الدبلوماسية العربية العملية التى يفترض أن تنبثق عن القمة هو العمل على وقف إطلاق النار الدائم، إجراءات بناء الثقة أو ما يعرف بتبريد الجبهات، إطلاق المؤتمر الدولى للسلام على الأسس والمرجعيات المشار إليها والمعروفة وبلورة خريطة طريق وجدول زمنى واضح ولو مرن نحو السلام. السلام الذى يؤكد المؤتمر الدولى على أركانه، وهو حل الدولتين وإنهاء الاحتلال للأراضى العربية المحتلة. طريق ليس بالسهل ولوجه والوصول إلى نهايته المطلوبة، بسبب التعنت الإسرائيلى ولكنه الطريق الوحيد، الذى دونه العديد من العقبات للوصول إلى السلام العادل والشامل والدائم، إذ لن تستطيع إسرائيل أن تواجه بشكل مستمر موقف دولى شامل وواضح وصارم يوفر الطريق الوحيد لولوج السلام وليس الرهان على الأوهام، أوهام القوة. فبناء الجسور إلى منتصف النهر وسياسات التهدئة والمراهم وأنصاف الحلول أو الحلول المجتزأة تؤدى إلى تأجيل الانفجار والحروب المختلفة الدرجات والحدة.

خلاصة الأمر أن طريق السلام الذى أشرنا إلى خريطته، وإلى المسئولية العربية فى إطلاقه عمليا، أمامه الكثير من العوائق والمصاعب ولكنه بمبادرة عربية دولية يمكن أن يصل إلى تحقيق الأهداف المنشودة وهى أهداف واقعية لحل الصراع، وشرعية إذا تستند إلى القرارات الدولية ذات الصلة وإلى الدعم الفعلى، وبالتالى الفعال للقوى الدولية المعنية بالاستقرار والسلام فى الشرق الأوسط. مبادرة ننتظر أن تبصر النور وتنطلق بحزم وعزم من القمة العربية فى البحرين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما المطلوب من القمة العربية المقبلة ما المطلوب من القمة العربية المقبلة



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon