توقيت القاهرة المحلي 22:33:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوكرانيا.. مخاطر التصعيد بانتظار التسوية

  مصر اليوم -

أوكرانيا مخاطر التصعيد بانتظار التسوية

بقلم :ناصيف حتّي*

قرار روسيا الاتحادية ضم مناطق أربع من أوكرانيا إليها، وهى لوجانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا، فى استفتاء تم فى خضم الحرب القائمة وباعتبار أن لهذه المناطق علاقات تاريخية خاصة مع روسيا، شكل خطوة تصعيدية كبيرة فى الحرب الدائرة. حصل ذلك بعد أن شعرت موسكو أنها آخذة فى الغرق فى الرمال المتحركة الأوكرانية وفى حرب استنزاف يقودها الحلف الأطلسى ضدها بواسطة كييف ومن خلال توفير جميع أنواع الدعم العسكرى الكمى والنوعى لأوكرانيا. ردت كييف بطلب تسريع الانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسى. وكان الحلف قد رحب بانضمام أوكرانيا خلال مؤتمره فى جورجيا عام ٢٠٠٨. ولكن بين التهديد بقبول أوكرانيا فى الحلف الأطلسى وتنفيذ ذلك القرار على الصعيد الفعلى مسافة شاسعة. ويرى الكثيرون فى الغرب أنه من غير الممكن قطعها، إذ إن حصولها يدخل الحلف الغربى فى صراع مفتوح مع موسكو لا تعرف أدواته وأبعاده ونتائجه. ولا يمكن أن تقبل روسيا بنشر صواريخ حاملة لرءوس نووية على حدودها الطويلة مع أوكرانيا. الأمر الذى يشكل تهديدا خطيرا وكبيرا للأمن القومى الروسى. ورد الرئيس الروسى فى كلمة/رسالة إلى الغرب ألقاها فى الكرملين جاء فيها أن بلاده تعمل لإقامة نظام متعدد الأقطاب على حساب نظام الأحادية الغربية الذى تقوده واشنطن. وللتذكير فإن الدول التى كانت جزءا من الاتحاد السوفيتى أو من حلف وارسو وانضمت إلى الحلف الأطلسى بعد نهاية الحرب الباردة قامت بذلك فى «لحظة الأحادية الأمريكية» التى طبعت النظام الدولى غداة نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتى. لحظة انتهت مع عودة روسيا الاتحادية للعب دور القطب الدولى أيا كانت طبيعة التوازنات التى تحكم علاقاتها مع الولايات المتحدة إلى جانب بالطبع القطب الدولى الآخر؛ الصين الشعبية.

مجمل الدول الصديقة لموسكو التى عبرت عن موقفها القريب من موسكو أو المحايد من الأزمة الأوكرانية لم تؤيد عملية الضم، رغم تفهمها لمخاوف روسيا من السياسة الأوكرانية الحالية ومن الاستراتيجية الغربية التى تحتضنها. وقد دعت إلى حل سياسى للأزمة وفى طليعة هذه الدول الصين الشعبية.
فالحلول يجب أن تبقى فى إطار الحفاظ على الوحدة الترابية للدول القائمة وليس عبر التقسيم أو عبر اقتطاع جزء من دولة معينة، وهى إحدى القواعد المعمول بها دوليا، والخوف من تكريس أو تعزيز سياسة التقسيم أو الضم أيا كانت التبريرات التى تحملها. فالنظام الدولى بأطرافه المختلفة لا يذهب فى هذا الاتجاه، سواء تعلق الأمر بالتقسيم أو بالضم إذ إن حصول ذلك يؤدى إلى فوضى عالمية ذات تداعيات مختلفة وخطيرة على الجميع. وعلى سبيل المثال لا الحصر نشير إلى جمهورية شمال قبرص التركية التى ولدت رسميا عام ١٩٨٣، وكذلك جمهورية أوسيتيا الجنوبية وإقليم أبخازيا (المنفصلتان عن جورجيا) ولم تحظ بالاعتراف الدولى.
إن «لعبة» التصعيد المتبادل فى أى صراع لا يعنى البتة عدم التراجع عن موقف معين والذهاب فى طريق اللاعودة، بل قد يكون هذا الموقف فى حالات كثيرة بمثابة ممارسة ضغط على الطرف الآخر أو ما يعرف بـ«عض الأصابع» لرفع السعر المطلوب من الخصم عبر التفاوض على الأرض قبل التفاوض حول طاولة المفاوضات.
قد تستمر الحرب لفترة طويلة ويتكرس الوضع القائم، وتصبح حربا ممتدة فيها تصعيد وتخفيض للأعمال العسكرية فى لعبة الصراع فى أوكرانيا وحول أوكرانيا. وتحمل تداعيات مكلفة ومختلفة على جميع اللاعبين المشاركين بشكل مباشر أو غير مباشر إلى أن يأتى يوم التسوية التى لن تكون بالضرورة فى القريب العاجل، مما يزيد من تعقيداتها وتكلفتها. تسوية يجرى الحديث عن بعض عناصرها ومرتكزاتها.
تسوية تقوم على الحفاظ على الوحدة الترابية لأوكرانيا من خلال التراجع عن ضم المناطق الأربع مقابل منح هذه المناطق وضعية خاصة (علاقات خاصة مع موسكو)، وضمانات بعدم انضمام أوكرانيا إلى منظمة حلف شمال الأطلسى وإقامة نوع من الحياد السياسى، كما كانت فنلندا خلال الحرب الباردة. حياد ينعكس فى علاقات متوازنة مع روسيا الاتحادية واحتمال انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبى عندما تستوفى الشروط المطلوبة أوروبيا لهذا الانضمام.
وإلى أن يحين موعد التسوية تجد أوروبا نفسها أمام جدار برلين جديد وتعود أوروبا لتكون فى قلب لعبة صدام استراتيجيات الكبار فى العالم.
وزير خارجية لبنان الأسبق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوكرانيا مخاطر التصعيد بانتظار التسوية أوكرانيا مخاطر التصعيد بانتظار التسوية



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon