توقيت القاهرة المحلي 19:17:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفيلم المغربي (الكل يحب تودا) يخطف الأنظار بـ(الزاف)!!

  مصر اليوم -

الفيلم المغربي الكل يحب تودا يخطف الأنظار بـالزاف

بقلم - طارق الشناوي

من المخرجين العرب الذين حققوا تواجدا عالميا، خاصة على خريطة مهرجان (كان) المخرج المغربى الكبير الذى تابعته على مدى ربع قرن نبيل عيوش، هذا الفنان المبدع، يحمل على أكتافه وفى قلبه عشقا للوطن، وفى نفس الوقت يمتلك الجرأة أن يقول كل شىء على الشريط السينمائى، بين الحين والآخر يواجه هذا الصوت الغاضب الذى يتدثر عنوة ونفاقا بالمجتمع رافعا شعار سمعة الوطن، ومتهما كل من يقدم أى لمحة تحمل شىء سلبى أنه يبيع الوطن، من أجل الحصول على تمويل، أو للتواجد على الخريطة العالمية، تابعنا شيئا منها مع عدد من افلامنا بداية من أفلام يوسف شاهين فى مصر، وعيوش من اكثر المخرجين الذين يواجهون بقوة هذا السلاح العشوائى.

مع أفلام عيوش أو فى القسط الأكبر منها، ستلمح أن أكبر حائط صد امتلكه المخرج المبدع طوال تاريخه هو الشريط السينمائى، فهو كفيل بالدفاع عن أفكاره، كما أن أغلبها ستجد أن من يتصدر مشاركات الإنتاج (مركز السينما المغربى)، الداعم الأول، وهذا قطعا يعنى مباشرة موافقة ضمنية على الشريط السينمائى، تصبح الدولة شريكا فى تحمل المسؤولية وبالدفاع عن الفيلم لأنه يحمل أفكارها.

قطعا ليس لدينا فى مصر مركز سينمائى لديه ميزانية ويحمل أيضا مشروعا فكريا، نعم لدينا مركز للسينما، بلا دور حقيقى، الميزانية تكفى بالكاد دفع أجور العاملين، وإنتاجه يتضاءل من عام إلى آخر، ولا أحد يهتم، لأننا غالبا لا ندرك أهمية أن توجه الدولة دعمها لعدد من الأفلام، ولهذا لا يجد السينمائى من يدافع عنه وتلك حكاية أخرى!!

عيوش لا تواجه أفلامه فقط بغضب محلى ولكن أحيانا يصبح عربيا، أتذكر فيلم (كل ما تريده لولا) 2007، قدم حياة امرأة أمريكية قررت احتراف الرقص، تأتى للقاهرة، عند عرض الفيلم فى أحد المهرجانات العربية وقبل كتابة كلمة النهاية، استمعت إلى صوت نجم مصرى كبير، ردد نفس الاتهام، هذا الفيلم يحمل إساءة للوطن، وطالب بعدم عرضه، وهو ما وضع إدارة المهرجان فى حرج وكأنها شاركت فى جريمة ضد مصر.

نبيل عيوش تم اختيار فيلمه (الكل يحب تودا)، للعرض الرسمى فى قسم أطلقوا عليه (العرض الأول)، الذى يعنى أن المهرجان يشير إلى أهمية هذا الفيلم، فهو يلعب دوره فى الاكتشاف، إلا أنه لا يتسابق على الجوائز، واستطاع الفيلم أن يسرق الكاميرا، بما لدى المخرج من مصداقية وتاريخ، فهو صاحب العديد من الأفلام التى عرضت فى (كان) من بينها فيلم (يا خيل الله) 2012 الذى كان يفضح الإرهابيين الذين يشعلون النيران فى المسارح والملاهى باعتبارها ضد الدين.

فيلمه الأخير (تودا) حظى بالعديد من العروض فى المهرجان والتى شهدت إقبالا ضخما من الجمهور بمختلف الجنسيات، المؤكد سوف يصبح هدفا للمهرجانات العربية والعالمية. ولا أستبعد قطعا أن يعلو أحد الأصوات الغاضبة والمتحفزة دوما تجاه أى خروج على ما تعودنا عليه، واجه المخرج من قبل الكثير منها، ووصل الأمر إلى حد المطالبة بإسقاط جنسيته المغربية، بعد عرض فيلمه (الزين إللى فيك)، تماما مثلما واجه يوسف شاهين نفس الاتهام قبل 33 عاما بعد عرض فيلمه (القاهرة منورة بأهلها)، ومع الزمن وكالعادة يعلو صوت العقل على صوت التشنج.

(تودا) هى مطربة تؤدى نوعا قديما من الغناء المغربى الفولكلورى يسمى (العيطة)، ارتبط تاريخيا بمقاومة الاستعمار الفرنسى، وكان فى الماضى حكرا على الرجال، لأننا نعتبر النضال قاصرا على الرجال، وننسى أن حماية الوطن بكل الأسلحة الممكنة شأن النساء أيضا، وهكذا فإن هذا الفن تاريخيا له فى الذاكرة المغربية بعدا وطنيا للدفاع عن الهوية.

يطلقون على المطربة فى المغرب لقب (شيخة)، فى مصر تعودنا منذ القرن التاسع عشر، أن يحمل المطرب والملحن لقب شيخ، حتى وهو لم يتحصل بالضرورة على أى شهادة أزهرية، ولكن لارتباط الفن والموسيقى بترديد القرآن وعدد منهم فعلا كانوا من حفظة القرآن، ظل اللقب مصاحبا لهم مثل سلامة حجازى وكامل الخلعى وسيد درويش وزكريا أحمد وصولا إلى سيد مكاوى.

يقدم نبيل مشهدا يدعم ويعمق هذا الإحساس من خلال المطربة تودا التى أدت دورها بإتقان نسرين الراضى، شاهدناها تردد مقطعا من غناء (العيطة) بالطريقة التقليدية، وصوت أذان الفجر الذى كان يتردد فى خلفية المشهد، وكأنه يصنع توافقا أو بالأحرى يشير إلى هذا التوافق بين الجانبين.

وهو من أكثر المشاهد إبداعا وحميمية، لأنه يحمل بداخله بدون صخب أو مباشرة عمق الحكاية.

بطلة الفيلم تغتصب، مع اللقطات الأولى، لأن هناك من يعتقد أن مجرد ممارسة الفن تستحق العقاب، وتقرر أن تذهب إلى كازابلانكا (الدار البيضاء) لتبدأ رحلتها مع النجاح.

ليس الجميع أشرارا، هناك أيضا الأخيار، من يتحمس لها ومؤمن بصدق موهبتها، مثل أبيها، وعازف كمان عجوز يصاحبها، والمفارقة أن هذه الشيخة (تودا) والتى تحلم بأن يصل صوتها للجميع، نكتشف أن أقرب الناس إليها محروم من سماع صوتها والحديث معها، فهو يعانى من فقدان حاسة السمع، وتتعلم من أجله لغة الإشارة، وتسعى برغم كل المعوقات لإلحاقه بمدرسة لذوى الاحتياجات الخاصة.

الخط العام الذى أمسك به عيوش وقدمه فى السيناريو الذى شاركته زوجته الكاتبة والمخرجة أيضا مريم التوزانى.

لا يقدم هذا الخط العام لرحلة صعود مطربة، ولا هو فيلم توثيقى عن فن (العيطة)، بقدر ما يسعى المخرج إلى إنعاش الأمل بداخلنا للمقاومة، وستصل الرسالة الأهم، وهى أنك بعد نهاية العرض ستجد كل مشاعرك تتوجه للإحساس بتقدير لهذا النوع من الفن، ولتلك الشخصية (تودا) القادرة على التحدى، وقبل كل ذلك للمخرج نبيل عيوش الذى تعرفت عليه بعد فيله الأول (مكتوب) ثم الثانى (على زاو) الذى عرض فى مطلع الألفية مى مهرجان (قرطاج)، ومن بعدها صارت أفلامه محط أنظار مختلف المهرجانات، قادرة على المشاغبة ولديها حس جماهيرى، وتمتاز بعصرية التناول البصرى والسمعى، عيوش أحد أهم الموهوبين قدرة على إحالة الإحساس السمعى النغمى الذى رأيته فى العديد من أفلامه إلى لقطات مرئية تدخل إلى القلب، وهكذا بعد العرض استمعت إلى كلمات بالمغربية (أحببنا الفيلم بالزاف) والتى تعنى أحببناه كثيرا!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفيلم المغربي الكل يحب تودا يخطف الأنظار بـالزاف الفيلم المغربي الكل يحب تودا يخطف الأنظار بـالزاف



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon