بقلم - طارق الشناوي
أسدلت قبل ساعات ستائر الدورة التي تحمل رقم 74 في مهرجان «برلين»، لم تكن قطعاً هي الأجمل، بل شابها الكثير من القصور، خاصة في اختيار الأفلام الرسمية، التي أصابت في مجملها الإعلام العالمي بخيبة أمل. غابت فيها تماماً السينما المصرية عن الحضور، في كل فعاليات المهرجان، وتكرر أيضاً غياب مصر في السنوات الأخيرة عن مهرجانات كبرى أخرى، كان هناك حضور عربي مميز في تلك الدورة من «برلين» حتى لو لم يسفر في نهاية الأمر عن جوائز، ولكن وجدنا السينما العربية لها مساحة من خلال أفلام شاركت في إنتاجها صناديق من كل من «مهرجان البحر الأحمر» و«مؤسسة الدوحة»، وغيرهما وهو ما بتنا نلمحه في العديد من المهرجانات العالمية.
أشعر بأمل قادم يلوح بقوة من خلال الشراكة القادمة بين مصر والسعودية الممثلة بين وزيرة الثقافة المصرية د. نيفين الكيلاني والمستشار تركي آل شيخ رئيس هيئة الترفيه، في عدد من المشروعات الفنية العابرة للحدود وعلى رأسها السينما، التي أخذت في تلك الشراكة حيزاً مماثلاً لما نالته فنون الموسيقى والغناء والدراما التليفزيونية.
الخطة الاستراتيجية، هي أن تتعدد المشاركات بين البلدين الشقيقين، على كل المستويات ومن بينها اللعبة الشعبية الأولى في العالم كله، كرة القدم، التي تجمع يوم 8 مارس (آذار) المقبل بين قطبي الكرة الأهلي والزمالك في «موسم الرياض»، وللناديين جمهور عريض في العالم العربي، وخاصة المملكة العربية السعودية، أعتقد أن تلك المباراة لم تكن مجرد فكرة مضمونة النجاح الجماهيري طرحها المستشار تركي آل الشيخ، لتأكيد أن روح التنافس العنيف التي شكلت ملامح العلاقة بين الناديين العريقين في السنوات القليلة الماضية، صارت محسوبة على زمن «كان»، ولهذا أنتظر المباراة لكي تتوج تلك النتيجة على أرض الرياض، عندما تنتصر في النهاية الروح الحقيقية للرياضة في الجمع بين الناس، وليس زرع الفتنة التي كانت هي العنوان مع الأسف في السنوات الأخيرة، لممارسات كانت كثيراً ما تؤدي للعنف بين جماهير الناديين، تابعنا قطعاً بأسى عدداً منها، وهذه أول النتائج الإيجابية لهذا التعاون الذي كنا جميعاً ندركه ونتلمس نتائجه قبل الإعلان الرسمي.
والمتابع للإيرادات التي حققتها الأفلام والمسرحيات التي يلعب بطولتها فنانون من مصر في السعودية، خلال العامين الأخيرين، يدرك أن المزاج الواحد بين الشعبين يؤكد الرواج الفني والثقافي والترفيهي المقبل. لنبدأ في حصد أكثر من لمحة إيجابية تلوح في الأفق، هناك نحو 20 فيلماً مشتركاً بين البلدين، ستظهر تباعاً خلال عام ونصف العام، وأتصورها بداية ممكنة لعودتنا للمهرجانات الكبرى، هناك قطعاً مشكلات متعددة تواجه الفيلم المصري في الداخل مثل التعنت الرقابي، حيث بات الرقيب دائم «النفخ في الزبادي»، عندما يتعامل مع أي هامش من المشاغبة الفكرية، وأعتقد أو بالأحرى أتمنى أن المشروعات السينمائية المقبلة من الممكن أن تلعب دوراً في زيادة هامش المسموح، وهذا قطعاً سينسحب على كل الأفكار. ضمان السوق السعودية في تسويق الفيلم المصري، سيؤدي حتماً إلى زيادة الميزانيات التقديرية المسبقة للعمل الفني، وبالتالي تنفيذ خيال مغاير لما دأبنا عليه في السنوات الأخيرة. من دون مكابرة كلنا ندرك أن المهرجانات السينمائية التي تعقد على أرض المحروسة لا تعثر فيها على فيلم جدير بأن يحمل اسم الوطن، بالتالي يتفاقم المأزق، لولا أن هناك بعض الشباب الذين يشاركون في تلك المهرجانات بمجهود ذاتي، وعدد منهم يلاقون عنتاً رقابياً عند العودة وطلب العرض في الداخل، لولا ذلك لصارت الصورة أكثر قتامة. أنتظر قطعاً انفراجة قادمة قادرة على أن تضع السينما المصرية في مكانة تستحقها، ما نراه حالياً أشبه بنظرية الأواني المستطرقة، النجاح الفني والثقافي والترفيهي سيرتفع منسوبه في البلدين، تبدو كرة القدم عند البعض مجالاً مختلفاً إلا أنها هي أسرع النتائج وأولها التي نستشعر من خلالها بداية نجاح الطريق، الذي رسمت ملامحه مشاعر عميقة بين البلدين.
سواء فاز الأهلي أو الزمالك داخل «المستطيل الأخضر»، فهي تبدو مثل قص الشريط الأحمر لأفق قادم من التعاون الفني والثقافي والترفيهي سوف نجني جميعاً ثماره في مصر والسعودية.