توقيت القاهرة المحلي 02:34:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

منع المنع!

  مصر اليوم -

منع المنع

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

هل من الممكن أن يحدد إنسان مهما بلغت درجة ثقافته ومؤهلاته العلمية، معياراً شاملاً لتوصيف «الذوق العام»؟ ما هو عام عندما نرصده من زاوية رؤية محددة، نحيله لا شعورياً إلى خاص.
كثر استخدام هذا التعبير الفضفاض، وعند كل مصادرة لفيلم أو مسرحية أو أغنية أو كتاب، ستجد أن على رأس الأسلحة للطعن في المصنف الفني هو نعته بمخالفة الذوق العام.
تاريخنا القريب مليء بعديد من تلك المواقف التي يبدو ظاهرها الرحمة بينما باطنها العذاب. في عام 1950 –مثلاً- احتج مصطفى باشا النحاس رئيس الوزراء في حزب «الوفد»، على أغنية فريد الأطرش «يا عواذل فلفلوا»، وتمت مصادرتها؛ لأن النحاس وجد في الكلمات كيداً وتدنياً لا يليق برجل. ومع الزمن، باتت من أشهر أغنيات فريد، فهل كان النحاس يعبر عن الذوق العام أم ذوقه الشخصي؟
في عام 1958 منعت إذاعة الأردن تداول أغنية فايزة أحمد «يا امّه القمر ع الباب» وأوقفت بثها، بسبب مقطع «يا امّه اعملي معروف، ما عدش فيها كسوف، قومي افتحي له الباب»، وقالوا إن بها دعوة صريحة للانحلال، لا تليق بالفتاة العربية. الآن عندما تستمع للأغنية، هل تثير بداخلك أي نفور؟
بمجرد انتخاب الشاعر الفنان مصطفى كامل نقيباً للموسيقيين المصريين، خلفاً لهاني شاكر، بدأنا نتابع محاولات لا تنقطع لدفع النقيب الجديد للتشدد مع الأغاني؛ خصوصاً تلك التي يطلقون عليها «مهرجانات»، حفاظاً أيضاً على الذوق العام.
هل كانت أغنية «بنت الجيران»، من غناء عمر كمال وحسن شاكوش التي كانت عنواناً لعديد من الخلافات والصراعات، تستحق كل هذه المعارك «الخائبة» التي بددت فيها نقابة الموسيقيين طاقتها بعيداً عن الهدف الرئيسي لها، وهو رعاية الأعضاء الذين عانوا ولا يزالون من البطالة؟ الهدف الذي شغل بال مجلس النقابة وقتها، هو مطاردة هؤلاء المطربين حتى في أرزاقهم. وعندما تستقبلهم دول مثل السعودية وتونس وقطر ولبنان وتركيا وغيرها للغناء، يعلو صوت الاحتجاجات، على الرغم من أن لا ولاية للنقابة المصرية على ما يجري خارج الحدود، إلا أنهم لا يتورعون عن استخدام سلاح الحفاظ على سمعة مصر.
هل يوجد في «بنت الجيران» أو في غيرها ما يدعو لكل هذا الغضب؟ اكتشفنا من تداعيات الأحداث أن ما هو معلن يتناقض مع الحقيقة، وأن الحكاية «فيها إن»، أي تحمل دوافع أخرى.
الآن يريدون إقحام النقيب الجديد لمصادرة أغنية حققت نجاحاً مدوياً في الشارع، هي «انتش واجري»، وهي أقرب إلى نكتة بكلمات غير مفهومة تحولت إلى «تريند». أنا شخصياً لم أستمع إليها إلا بعد أن تابعت كل تلك الضجة، بعد أن تعددت المطالبات كالعادة بمصادرتها.
هل دور النقابة أن تلعب دور محاكم التفتيش؟ أم خلق مناخ صحي، يؤهلنا لرؤية الفن الجيد، وهو ما لم تمارسه النقابة في السنوات العشر الأخيرة؟
غنت روبي «نمت ننة» فغضبوا، وغنت «حتة تانية» فازداد غضبهم. الكلمات كما وصفتها روبي «صايعة»، رددها الشباب، فهل هذه الكلمات بها إسفاف يعاقب عليه القانون؟ إجابتي هي: لا، وإلا كانوا قد حاكموا روبي جنائياً.
أعلم أن قطاعاً من المجتمع العربي يريد من الدول أن تتدخل من المنبع لتحميه وأولاده، بينما الحقيقة تؤكد أن زمن المنع انتهى، وعلينا أن نعيش زمن المناعة التي تعني أن نملك بوصفنا جمهوراً القدرة على الاختيار الصحيح.
من السهل جداً أن نردد مثل الآخرين، أن سر أزمة التعليم مسرحية عادل إمام «مدرسة المشاغبين»، وأزمة الأخلاق تفجرت بعد أغنية أحمد عدوية «السح الدح إمبوه»، والبلطجة ترعرعت بعد فيلم محمد رمضان «عبده موتة»، رغم أنها كلها مجرد حجج واهية «فشنك»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منع المنع منع المنع



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon