بقلم - طارق الشناوي
أكاد لا أصدق وأنا أتابع بعض التعليقات على مسلسل (بطلوع الروح)، والتى تعلن رغبات داعشية دفينة تنتظر من يطلق سراحها، هناك إعجاب كامن يعيشه البعض بهؤلاء الذى يسفكون دماء كل من يختلف معهم فى الرأى أو العقيدة.
يحظى مسلسل (بطلوع الروح) بحالة خاصة من التماهى فى البيت المصرى والعربى، فهو يعزف على الجرح، يحكى معاناتنا جميعا، ولهذا فإن أى خطأ ولو شكلى كان يجب ألا يقع فيه فريق العمل (غلطة الشاطر بألف).
اكتشف البعض أخطاءً مثل أن سجادة الصلاة وضعتها أم جهاد (إلهام شاهين) عكس ما هو المفروض، موضع القدم مكان الرأس، مؤكد كان ينبغى على فريق الفنيين تداركه، كذلك أن جلد المرأة كما شاهدنا وهى واقفة يعد أيضا خطأ فى الطقوس الدينية، الجلد للنساء وهن راكعات على الأرض.
ليس (تلكيكًا).. ولكن المطلوب هو الدقة الشديدة فى كل التفاصيل، والمخرجة كاملة أبوذكرى تعلم أهمية كل هذه التفاصيل، حتى لو بدت شكلية ولا تغير فى مجرى الأحداث، فهذا لا ينفى كونها أخطاء.
ما استوقفنى أن هناك طعنات تشير إلى تطرف قائليها، مثل من يقول إن هؤلاء التكفيريين لا يمكن أن يشربوا الخمر أو يتقاضوا رشوة أو يمارسوا الدعارة.
المعروف أنه فى عز سطوة (طالبان) على أفغانستان راجت الدعارة، كانت لديهم شفرة خاصة فى التواصل بضربات محددة بالحذاء على الأرض، تبدأ بعدها الصفقة، ويعاينون البضاعة، ويحددون الثمن.. التشدد الذى نراه يتدثر عنوة بالإسلام، هو التربة الصالحة لكل الموبقات.
المسلسل قدم لنا أروع وأعمق تحليل لما جرى ويجرى مع هذا التنظيم الدولى الذى يهدد أمن وأمان العالم كله.
مشهد الغواية لإلهام شاهين وهى تقرر أن تتزوج أمير الجماعة أحمد السعدنى خلفًا لزوجها جلال العشرى.. المشهد مكتوب بحرفية شديدة أجادها محمد هشام عبية، الذى تعمق فى نسيجهم الفكرى والاجتماعى، كانت إلهام تجمع فى جملة واحدة بين الترهيب والترغيب لمن اختارته وأصرت على نكاحه.
أقرأ على (النت) بعض التعليقات التى تنم عن روح داعشية كامنة، وبعضهم- مع الأسف- مارسوا الفن فى مرحلة ما من حياتهم، ورغم ذلك يعتقدون أن هؤلاء مؤمنون حقا، لأنهم يكتبون على الجدران (لا الله إلا الله محمدا رسول الله)، هل نُطق أو كتابة الشهادة صار عندهم يساوى الإسلام؟!.. دعك أن الأزهر الشريف لسبب خاص بشيوخه لم يكفّرهم، إلا أنه رفض سلوكهم.. هناك قطاع أراه ينحاز عاطفيا وهو معصوب العينين لمجرد أنهم ينطقون الشهادتين، هذا هو أهم ما فضحه المسلسل عندما أماط اللثام عن الداعشى المخبوء داخل البعض.
رسم الشخصيات فى المسلسل يحرص على البعد النفسى والتناقضات التى تسكنها، طريقهم للجنة مفروش بجز الرقاب، الاستماع لأم كلثوم معصية، الموسيقى والرسم كفر بيّن، والأمل فى الهروب من الجحيم يلوح من بعيد، وعلى الحدود كل شىء له ثمن، الإرهاب يخلق تجارة موازية لشراء الأرواح مقابل الدولار.
من الذى منح داعش كل هذا الوجود؟ إنهم أصحاب العقول الفارغة والقلوب المظلمة الذين يعيشون بيننا، ولا تجد فارقًا بين أن تستمتع وهى تشرب فنجان شاى أحمر أو أن تجز رقاب الناس مستمتعة أيضا باللون الأحمر، المهم أنهم لا يشربون الخمر!!.