قبل نحو شهرين أو أكثر قليلا حاول وفشل، هذه المرة جدد المحاولة وتجدد الفشل، أتحدث طبعا عن محمد رمضان، نقطة الضعف والتى صارت عقدة يعانى منها، هى إيرادات شباك التذاكر، فهو يترقب أن تضعه على القمة، إلا انها لم تتحقق له سوى مرة واحدة، وبعد ذلك أصبح يعيش فى انتظار ما لا يأتى.
لو تتبعت مسيرته الفنية ستكتشف أنه كان فى البداية مشروع نجم جماهيرى، أرقام فيلمه (عبد موتة) قبل 11 عاما أشارت إلى أن (موتة) هو بداية الطريق وتعددت بعدها المحاولات، إلا أنه عمليا لم يتحقق كنجم جماهيرى إلا فى التليفزيون ثم على خشبة المسرح، وأضاف هو أيضا لمشواره الغناء، فهو النجم والممثل الوحيد فى التاريخ السينمائى الذى احترف إحياء حفلات استعراضية تحقق رواجا، يقدم ألوان مختلفة من فنون الاستعراض، إلا أنه لايزال يؤرقه افتقاره للجذب السينمائى. فيلمه قبل الأخير (هارلى) الذى عرض بعد النجاح المدوى لمسلسل (جعفر العمدة)، لم يصمد سوى أيام العيد فقط، وبعد أن نفدت العيدية تبخر سريعًا من دور العرض ومن الذاكرة.
هذه المرة معه كل فريق (آل العدل)، المنتج جمال، والكاتب مدحت والمخرج محمد (ماندو) ويتناثر فى جنبات الفيلم أكثر من (عدل) آخر.
السيناريو تبدو فيه الصنعة والمباشرة، شخصيات درامية تم تركيبها بلا أى قدر من الانسياب، قطعا طرح جريمة بيع الأعضاء، واحدة من أكثر القضايا الملحة خاصة فى ظل تراجع الأجور، كما أن جشع الأطباء وتعاملهم القاسى مع المرضى- أقصد طبعا جزءا منهم- كل من مر بتجربة مماثلة يدرك أن تلك الأحداث ليست إلا جزءا يسيرا من الحقيقة، ما يحدث واقعيا فى الكثير من الأحيان يفوق الخيال.
طفل وكلب وبطل قوى البنية، وهكذا شاهدنا الشاشة، وكالعادة يجب أن يتم زرع مشاهد ضرب وجدعنة لمحمد رمضان مع إضافة التبرير، وهو أن البطل يريد إنقاذ ابنه الطفل منذر ريحان من الموت، فهو مصاب بسرطان الدم (لوكيميا) ويحتاج إلى زرع نخاع. وضع الكاتب شخصيات جانبية، امرأتين وصديقا خفيف الظل، المرأتان نيللى كريم ممرضة صاحبة مبدأ، وجومانة مراد صاحبة (فندق) والصديق المضحكاتى إسلام إبراهيم.
قصة حب مفتعلة بين رمضان ونيللى، تشعرنى نيللى بأنها مثلت الدور وكأنها موظف يوقع على أوراق حضور وانصراف، كل المسلسلات الأخيرة التى لعبت بطولتها لا يمكن لها إلا أن تستجيب لشركات الإنتاج، ليس هذا هو دورها، لا أتحدث أبدا عن المساحة ولكن عن دور مزروع، ويفتقر إلى خلق تحد مع الممثل، لم تتعايش مع أى موقف، وهو ما ينطبق على جومانة مراد، المهووسة بسعاد حسنى، الكل يتعلق بالطفل والكل يضحى من أجله، نيللى مثلا كانت فى طريقها للزواج من رجل عجوز ومتزوج، وتكتشف أنها فعلت ذلك من أجل إنقاذ حياة الطفل، حتى إنها سرقت الخزانة فى المستشفى أيضا لإنقاذ الطفل، شىء مشابه فعلته جومانة مراد، كل ذلك من أجل الطفل، ورمضان يفعل كل شىء ويبيع أجزاء من جسده لإنقاذ ابنه ويتاجر حتى فى المخدرات. يعتمد الكاتب على تسامح الجمهور، ولأنه سيمنحهم فى المقابل بين الحين والآخر ما دفعوا من أجله تذكرة الفيلم، ألا وهو مشاهدة نجمهم المفضل فى صراع ينتهى لصالحه فى النهاية.
يأتى الحل مع أغنية (ع الزيرو) التى حققت الملايين من المشاهدات، على (اليوتيوب) وأصبح من حق رمضان الملايين من الجنيهات.
هذا الحل رأيته أيضا بتنويعة أخرى فى (بيت الروبى) والأغنية غيرت المسار الدرامى لبطل الفيلم كريم عبدالعزيز، تلك الحالة صارت تشبه ورقة (اليانصيب) فى أفلام الأربعينات، التى كانت تغير من مصير البطل والبطلة فى المشهد الأخير.
الكل قرر أن يشارك فى تفصيل فيلم على مقاس رمضان، فى محاولة لتحقيق جماهيرية شباك التذاكر السينمائى المفقودة.
كل هذه التضحية التى شاهدناها من أجل إنقاذ حياة الطفل أقرب إلى تنويعة غير موفقة لفيلم عمره يقترب من 70 عاما للمخرج حلمى حليم (أيامنا الحلوة)، الكل كان يريد إنقاذ فاتن حمامة، وهم أساسا وقعوا فى حبها، فتصبح التضحية مقننة دراميا، عمر الشريف وعبدالحليم حافظ وأحمد رمزى، وعندما تتعرض لمرض قاس يعملون جميعا على إنقاذها.
وحرص المخرج حلمى حليم والكاتب على الزرقانى على ألا يورطا أبطاله فى جرائم أخلاقية، وكانت نهاية الفيلم كما عرضت فى السينما عندما تطل فاتن من شرفة حجرتها ممسكة بالستارة وهى تتابع الأصدقاء الثلاثة وهم يغادرون المستشفى، وفى تلك اللحظة تسقط على الأرض، دلالة على الموت، وفى الفضائيات عندما يعاد عرض الفيلم، من فرط تعلق الجمهور مع فاتن يكتفى فقط بلقطة إمساكها بالستارة.
كانت هناك دوافع مؤكدة للتضحية من الجميع، ولكن ما حدث مع نيللى كريم وجومانة هو مجرد فقط إرادة من كاتب السيناريو، قطعا كل عيوب السيناريو السابقة، يتحملها المخرج (ماندو العدل) لأنها انسحبت سلبا على الشاشة.
هل قفز رمضان خطوة للأمام؟ أراها خطوات للخلف دُر، هل هذا يعنى أن على رمضان أن يترك السينما لنجومها القادرين على تحقيق تلك الحالة الخاصة من الجاذبية؟.
لا أستطيع أن أصدر حكما قاطعا.
علينا أن نضع فى المعادلة أن هناك حالة من التفاعل بين (الميديا) والنجم، قد تحدث أو لا تحدث، مثلا يتوهج يحيى الفخرانى فى ميديا التليفزيون ولا يحقق نفس الوهج على شاشة السينما، عادل إمام ظاهرة استثنائية بكل المقاييس، نجم يعتلى القمة فى نفس اللحظة وفى كل الوسائط المسرح والسينما والتليفزيون والإذاعة، ومن حق رمضان وغيره أن يحلم ومن واجبنا أن نقول له لايزال الحلم بعيدا، فهو لم يعرف القمة الرقمية إلا فقط قبل 11 عاما مع (عبده موتة).
(ع الزيرو) فيلم يشبه أغلب أفلام رمضان السابقة، فقط أضيف له طفل يحتاج إلى عملية لإنقاذه، ونجحت العملية ومات الفيلم!!.