توقيت القاهرة المحلي 08:44:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«باتمان» على الطريقة الإيرانية.. «العنكبوت المقدس».. يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر!

  مصر اليوم -

«باتمان» على الطريقة الإيرانية «العنكبوت المقدس» يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر

بقلم - طارق الشناوي

«باتمان» على الطريقة الإيرانية «العنكبوت المقدس».. يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر!.

لأول مرة تشاهد فيلما إيرانيا به كل هذه المشاهد التي نصفها عادة بالجريئة، في تصوير العلاقة الحميمة بين المرأة والرجل. قائمة الممنوعات في إيران متعددة ولا تسمح بخلع الحجاب حتى لو كان المشهد المطلوب هو تقديم امرأة في منزلها ومع أبنائها، كما أن العنف والدماء عليهما خطوط حمراء.

المخرج الإيرانى عندما يقدم عملا فنيا، حتى خارج حدود بلاده، يلتزم عادة بـ(الكود) الأخلاقى المعمول به في الدولة.. ومن نعتبرهم معارضة، لا يضعون أنفسهم في مرمى نيران الدولة، لأنه بمجرد عودته سيتعرض للمساءلة.. سبق قبل نحو 25 عاما أن واجه المخرج الراحل عباس كيروستامى سيلا من الانتقادات لمجرد أن رئيسة لجنة التحكيم في (كان) إيزابيل أدجانى عام 1997 قبلته بعد حصوله على جائزة السعفة الذهبية عن فيلمه (طعم الكرز)، وتناسوا أنه حقق واحدة من أهم الجوائز طوال تاريخ إيران، انتقدوه لأنه لم يرفض قبلة (أدجانى).

فيلم (العنكبوت المقدس) الذي يمثل السينما الإيرانية في (كان) هذا العام إنتاج مشترك مع الدنمارك، حيث إقامة المخرج على عباسى، الذي شارك في الكتابة والإنتاج، ومن المؤكد أن كل فريق العمل من الممثلين يقيمون في الخارج، فلا يمكن افتراض أن فنانا إيرانيا يشارك في فيلم يحمل توقيع مخرج معارض، محطما كل الاعتبارات المعمول بها هناك، ويعود بدون محاكمة.

أغلب المهرجانات الكبرى لا تقدم في برامجها- إلا فيما ندر- سوى الأفلام التي تقدمها الأسماء المستقلة عن الدولة.. إيران لا تسمح بالعمل إلا لمن ترضى عنه، كما أنها تتعنت كثيرا في التصريح بالتصوير، ولدينا أكثر من مخرج، مثل جعفر بناهى ومحمد رسولوف، ممنوعون من السفر خارج الحدود، بل ممنوع عليهم أيضا ممارسة المهنة، رغم أنه بين الحين والآخر تسافر أفلامهم للمهرجانات، بينما هم لا يسمح لهم بالمغادرة.

فيلم (العنكبوت المقدس) حالة مختلفة، واضح من العنوان أنه مستوحى من الفيلم الأمريكى الشهير متعدد الأجزاء (الرجل العنكبوت)، الفيلم الأمريكى يدفعك للتعاطف مع العنكبوت، لأنه يتدخل عادة لتحقيق العدالة، العنكبوت الإيرانى، مؤكد أن أغلب من يشاهده لن يتعاطف مع قاتل، مهما كانت له من مبررات، إلا أنه داخل إيران هناك من انحاز إليه وتبنى موقفه، وهذا هو تحديدا سر تقديم الفيلم بعد أكثر من عشرين عاما مضت على الواقعة الحقيقية، ولهذا منحه المخرج على عباس صفة (المقدس) لأنه يشنق النساء تحت غطاء من القدسية والمباركة الدينية كما يفهمها هو، فهو يطبق ما يرى أنه يعبر عن شرع الله، من خلال مفهومه للدين، يطهر المجتمع من بنات الليل، ولهذا يستقل (موتوسيكل) ويتفق مع عاهرة على الأجر، يذهب معها إلى شقته، وهناك يشنقها مستغلا تفوقه الجسدى، ثم يضعها داخل سجادة ويلقى بها في مكان مهجور، ويعاود نفس السيناريو أكثر من مرة كلما واتته الفرصة، وقتل 16 ضحية.. ونأتى للضحية رقم 17، التي كشفت غموض الجريمة، إنها الصحفية التي قررت أن تمسك بخيوط الجريمة، تذهب لقسم الشرطة وتقرأ كل الملابسات، ويفضح الفيلم تواطؤ رجل الشرطة الذي يحاول أن يراودها عن نفسها، وتهدده بالاتصال بالشرطة فيرد عليها متبجحا: (هل تشكين الشرطة للشرطة؟).

يقدمها المخرج على طريقة أفلام التشويق الأمريكية، تتقمص شخصية فتاة الليل، وتضع مكياجا صارخا، ويلتقط الطعم (العنكبوت المقدس)، ويتم إلقاء القبض عليه، عاقبه القضاء بالشنق وقبلها بـ 100 جلدة، شاهدنا تمثيلية عندما أغلقت عليه حجرة وبدأ يتصنع الألم ويصرخ طالبا الرحمة بينما كل الضربات يتلقاها الحائط، اتفقوا معه من الباطن أن يحصل على البراءة في نهاية الأمر، (الملالى) في إيران، يؤيدون موقفه وعليه أن يتحمل قليلا السجن ولا يشى لأحد بالاتفاق، ولم تكن تلك سوى أيضا خدعة حتى يخففوا عنه كوابيس انتظار الإعدام، يقدم كشخصية متدينة يصلى كل الفروض وكثيرا ما يداعب ابنته التي تعتلى ظهره أثناء الصلاة، كما أنه مخلص لزوجته، وهو مقتنع تماما أن الله يبارك كل جرائمه، فهو يقدِم عليها فقط لمرضاته.

تأتى نهاية الفيلم محذرة من أن القادم أسوأ عندما نرى فيديو ابنه وابنته يعيدان تقديم الجريمة بأداء تمثيلى يملأهما الإحساس بالفخر، دلالة مباشرة على أن المجتمع أو قطاعا منه يعتبر القتل في هذه الحالة فعلا مقدسا تباركه السماء.

الفيلم سينمائيا لا يمتلك الكثير من الطموح، لجأ للإطار التقليدى في رحلة الصحفية لكشف الغموض، المخرج نجح في ظل تلك الدائرة (الكلاسيكية) في أن يقدم أحداثه في إطار التشويق، كما أنه نجح في فضح المؤسسة الدينية، لا بل إن في التقييم الفنى ينبغى أن تملك ما هو أبعد من ماذا تقول إلى كيف تقول، ولا أجد إضافة أو خصوصية في أسلوب التناول.

أهم ما كشف عنه الفيلم قدرته على قراءة عميقة للمجتمع، مشيرا إلى أن الجيل الجديد المتمثل في ابن وابنة القاتل مقتنعان وفخوران بأبيهما البطل، كما أنه قدم القاتل في لمحات إنسانية محبا لطفليه ولزوجته، مقتنعا بأن ما يفعله هو عمق الإيمان، ولهذا نراه يمارس الجنس مع زوجته بكل سعادة وفخر، بينما جثة إحدى الضحايا بالغرفة مغطاة بالسجادة.

الحالة السينمائية لا تحمل ومضات إبداعية تفتح الباب للجان التحكيم لمنح جائزة، وأتصور أيضا أن تواجد المخرج الإيرانى الشهير أصغر فرهدى كعضو لجنة تحكيم ربما يلعب دورا عكسيا، لأنه في حالة حصول (العنكبوت المقدس) على جائزة قد تعتبر في إيران سلاحا يطعن به فرهدى، فهو من المخرجين الذي يقفون بعيدا عن الدولة، ولكنه قطعا لا يعاديها، وأفلامه في السنوات الأخيرة تنتج خارج الحدود، إلا أنه لا قيود تواجهه، فهو يقدمها في أغلب تفاصيلها طبقا (للكود) الإيرانى، بينما على عباسى حطم هذا الكود وذهب بعيدا عن كل الممنوعات بـ(العنكبوت)!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«باتمان» على الطريقة الإيرانية «العنكبوت المقدس» يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر «باتمان» على الطريقة الإيرانية «العنكبوت المقدس» يفضح الفساد ويتجاوز الخط الأحمر



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 08:44 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة ترد على إعلان إسرائيل إنهاء عمل الأونروا
  مصر اليوم - الأمم المتحدة ترد على إعلان إسرائيل إنهاء عمل الأونروا

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon