توقيت القاهرة المحلي 03:51:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرقابة وسيدة (الشبشب)!

  مصر اليوم -

الرقابة وسيدة الشبشب

بقلم - طارق الشناوي

ما هو «ترمومتر» الرقابة؟، لا توجد بالطبع معايير محددة أو ثابتة، ولهذا تتعدد الانتقادات أحيانًا بالتشدد وأخرى بالتسيب، تتعنت الرقابة مع مخرج وتصرح بنفس المشهد لآخر، الرؤية الشخصية للرقيب لا تتحرك بمعزل عن قوة أراها تلعب دور البطولة، إنه المجتمع، يرسل المجتمع دائمًا إشارات مباشرة للأجهزة الرقابية وتحديدا فيما يتعلق بهامش السماح فى الجنس والعرى، صورة الشارع المصرى فى الخمسينيات تختلف تمامًا عن الشارع منذ التسعينيات، فى الماضى كانت المرأة ترتدى الجيب، ثم المينى جيب، ووصلنا إلى الميكروجيب، ولم يكن هناك من يقف ضد ذلك أو يستهجن ولو حتى بقلبه ذلك، كان عدد من كبار الشيوخ مثل «محمد حسن الباقورى» يبيح أن تضع المرأة طلاء الأظافر ولا يجد فى ذلك ما يفسد الوضوء، الأغانى تتحدث عن الحب بلا تحفظ.. «إحسان عبد القدوس» فى الإذاعة المصرية يقدم حديثًا يوميًا ينهيه قائلًا (تصبحوا على حب)، ملحوظة بناء على تدخل مباشر من جمال عبد الناصر أحالها إلى (تصبحوا على محبة)، ولكن هذه حكاية أخرى، مجلة «صباح الخير» لسان حال الشباب المتحرر.. راجعوا مثلًا حوارا مع الكاتب الكبير «نجيب محفوظ» أجرى معه نهاية الخمسينيات، أثناء توليه الرقابة على المصنفات الفنية، سألوه عن القبلة المباحة سينمائيًا؟، قال لهم أوافق على شرط ألا تتجاوز العنق؟! ورغم ذلك فإن العديد من القبلات التى صرحت بها الرقابة فى عهد «نجيب محفوظ» تجاوزت العنق، سألوه مرة أخرى ماذا تفعل لو كنت فى الشارع ورأيت فتى وفتاة يتبادلان القبلات.. قال لهم (أبتسم وأنظر بعيدًا وأقول يا رب عقبالى)!!.
هكذا كان المجتمع لديه سماحة، ولم نقرأ مثلًا من يتهم «نجيب محفوظ» بالمجون لأنه يقول وهو فى الخمسين من عمره (يا رب عقبالى)، إنه دائمًا المجتمع الذى يلعب دورًا محوريًا فى السماح للأعمال الفنية، فى الشارع تجد أن الحجاب هو السائد وعلى الحوائط تنتشر شعارات (يا أختى المؤمنة الحجاب يساوى الجنة) ولا تجرؤ أى فتاة أن ترتدى فى الشارع «جيب» أعلى من الركبة لأنها سوف تتعرض لاستهجان، بل إن كثيرا من الفتيات غير المحجبات تجدن من يتدخل فى حياتهن الشخصية ويطالبهن بتطفل بضرورة ارتدائه، ولا تنسى واقعة (الضرب بالشبشب) فى محطة المترو، نستعيد أيضًا قبل بضعة أشهر حكاية الطالبة الجامعية التى ارتدت الفستان، وبعد ذلك أجبروها على البنطلون، المجتمع الذى وافق على مشهد اغتصاب «سعاد حسنى» فى «الكرنك» قبل نحو 47 عامًا، هو نفسه المجتمع الذى يسأل الرقيب الآن لماذا وافق على مشهد به خمور ونساء فى مسلسلى (مشوار) و(العائدون).

دور الرقابة ألا تستسلم لكل ما يريده قطاع عالى الصوت من المجتمع، خاصة أن إعلان التحفظ والدفاع عنه يجد ترحيبًا عند قطاع من الجمهور، وبالطبع ليس الجنس أو العرى هو الإبداع، إلا أن التعسف فى مصادرتهما يحيل الدراما إلى شاشات معقمة!!.

النجوم صاروا يزايدون فى نفس الاتجاه، وهذا بدوره أيضًا يصب لصالحهم لأن الجمهور يحكم على الفنان أخلاقيًا ويختلط عليه الأمر بين سلوك الفنان الشخصى ودور درامى يؤديه على الشاشة.

لدينا نجوم محجبون ينافسون النجمات المحجبات، والرقابة بطبيعة تكوينها تميل للتشدد، خوفًا من الدخول فى معركة يصل لهيبها إلى مجلس الشعب.

الرقيب الحائر بين تلك المتناقضات، اكتشف أن الحل الوحيد أمامه أن يرسل للأجهزة بالدولة ويسترشد برأيها ويحصل منها أولًا على الضوء الأخضر، وكأن (سيدة الشبشب) انتقلت من مقرها الدائم فى محطة المترو، إلى مكتب الرقابة!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرقابة وسيدة الشبشب الرقابة وسيدة الشبشب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon