توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل كانوا سعداء بالنشر بعد الرحيل؟

  مصر اليوم -

هل كانوا سعداء بالنشر بعد الرحيل

بقلم - طارق الشناوي

بعض الأسئلة تبدو عصيّة على الإجابة، إلا أننا لو تأملنا الملابسات نقترب، ولا أقول بالضرورة نوقن بالحقيقة.

مثلًا، هل وافق المبدع الراحل على نشر هذه الرواية أو القصيدة، أم أنها أقل مما كان يحلم به، ولهذا لم يسمح بتداولها فى حياته؟، وحتى تلك الإجابة ليست نهائية ومردود عليها، بأنه ربما كان ينتظر اللحظة المواتية لطرحها على الناس.. إلا أن هناك وقائع لا تحتمل الشك، كان لعبدالحليم حافظ أغانٍ قدمها فى عدد من المناسبات الخاصة لأصدقائه، ولم يكن يسعى لنشرها فى حياته، بعد رحيله عام 77 بدأنا نتابع بعضها، وهى تحمل صفة أغان (مجهولة)، هل كانت مجهولة أم متجاهلة، إنها قطعا ليست كنوزا غنائية. كان عبدالحليم عامدا متعمدا لا يسمح بطبعها على أشرطة، مثلما كان يمنع تداول نحو 30 أغنية سجلها فى الإذاعة المصرية مطلع الخمسينيات، قبل مرحلة الشهرة، غناها فى بداية المشوار لحاجته المادية، وتم الإفراج عنها تباعًا، واكتشفنا بالفعل أن لعبدالحليم وجهة نظر صائبة فى التعتيم عليها.

سبق مثلًا لحليم أن سجل أغنية محمد قنديل الشهيرة (يا رايحين الغورية) بدون عِلم ملحنها كمال الطويل، إلا أنه أيقن أن (الغورية) بصوت قنديل هى الأجمل، فكان يطالب بعدم تسريبها على الخريطة الغنائية، حتى لا يتفوق عليه قنديل.. بعض ألحان الموسيقار محمد الموجى تم العثور عليها بعد رحيله، وحرص ابناه الملحن الراحل الموجى الصغير والموزع وعازف الكمان يحيى الموجى على تداولها، لأنهما كانا موقنين بأنه طرحها للتداول.. هناك أعمال فنية أخرى من الممكن أن نطلق عليها فى مرحلة (الشخبطة) أو حتى (التشطيب)، هذه قطعا لا يسمح لها بالخروج للعلن، فهى مبتسرة لم تكتمل.

مع آخر ديوان للشاعر الفلسطينى الكبير محمود درويش (لا أريد لهذه القصيدة أن تنتهى).. اكتشفوا هنّات فى علم العروض - التفعيلات - وأيضًا أخطاء لغوية.. وبالطبع، درويش إحدى أهم علامات الشعر فى عالمنا العربى، ولا يمكن أن يخطئ أبدًا فى هذه البديهيات، ربما كانت فى مرحلة (الشخبطة) أو ما قبل التنقيح النهائى!.

الفنان عادةً يدون عمله بتلقائية، يسارع بملاحقة ومضاته، قد يخطئ فى وزن وقافية أو تتابع، وتأتى بعد ذلك النظرة المتفحصة التى يطلقون عليها النظرة الباردة. الفنان أثناء تدفق الإلهام يعيش لحظة ساخنة يريد أن يُمسك بالمعانى والكلمات قبل أن تفلت منه، وبعد أن يوثقها على الورق، فإن عليه أن يبتعد عنها حتى تهدأ مشاعره ويتحكم فى انفعاله ليتأمل بحياد ما انتهى إليه، ومن الممكن بعد كل ذلك أن يمزقه!.

ليس بالضرورة أن آخر ما يكتبه الفنان هو أفضل ما لديه، الزمن بقدر ما يضيف من خبرة، فإنه على الجانب الآخر قد يخصم بكارة وطزاجة الإبداع.

أيقونة السينما شادى عبدالسلام صاحب الفيلم الرائع (المومياء) عثروا قبل خمسة عشر عامًا عن فيلمين تسجيليين لم يكملهما، عُرضا فى مهرجان (الإسماعيلية) بإشراف عدد من أخلص تلاميذه، افتقدنا فى الفيلمين سحر شادى.

الموسيقار محمد عبدالوهاب لم يكمل لحن قصيدة (فى عينيك عنوانى) التى كتبها فاروق جويدة وأكملها الموسيقار محمد الموجى محاولًا أن يستحضر روح عبدالوهاب، وغنتها سمية القيصر، فجاءت لحنًا وهابيًا زائفًا. حاول بليغ حمدى فى منتصف السبعينيات أن يستكمل لحنًا تركه فريد الأطرش (كلمة عتاب)، غناء وردة، تقمص بليغ روح فريد، فلم نشعر بفريد ولا بليغ ولم نسمع وردة!.

عندما أراجع أغلب ما حدث شعريًا وموسيقيًا وسينمائيًا وتشكيليًا، أجدنى أميل إلى الرأى القائل بأن الإبداع الناقص يظل مكانه المراكز الفنية المتخصصة بعيدا عن التداول، مهما توافرت حسن النوايا!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل كانوا سعداء بالنشر بعد الرحيل هل كانوا سعداء بالنشر بعد الرحيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon