توقيت القاهرة المحلي 06:34:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة!!

  مصر اليوم -

احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة

بقلم - طارق الشناوي

لعبة النقاد أو تحديدًا القسط الوافر منهم تكمن فى إعادة قراءة (الكادر) السينمائى والبحث عن ظلاله المتعددة، وبين الحين والآخر يضيف بعضهم تفاصيل أعتبرها (اجتهادًا خارج النص).

مثل تلك اللمحات نطبق عليها القاعدة الشرعية، من اجتهد وأصاب له أجران، ومن أخطأ فله أجر، مع الأخذ فى الاعتبار أن بعضها خارج المنطق تستحق العقاب.

تذكرتُ الأستاذ الفنان محمود مرسى، وكان يدرس لنا فى معهد السينما مادة (حرفية إخراج)، كان رأيه مثلا أن لقطة المخرج صلاح أبوسيف لمحجوب عبد الدايم (حمدى أحمد) فى ( القاهرة 30)، والتى يظهر فى الخلفية له قرنان، هى مجرد (قفشة) من صلاح، أيضا توظيفه لإعلان مشروب (كوكاكولا) فى فيلم (شباب امرأة) ومكتوب عليه (كبيرة ولذيذة)، إشارة إلى تحية كاريوكا، تلك وغيرها مجرد قفشات (ابن بلد) وليست رموزا، القراءة الرمزية أبعد من ذلك بكثير.

فى مؤتمر نقاد السينما الذى أقامته (هيئة الأفلام) بالرياض، كانت الفرصة مهيأة لعدد من تلك القراءات، عنوان المؤتمر قراءة خارج الإطار، يفتح الشهية للإضافة، وتناول العديد من المحاضرين عشرات من الأفلام التى دخلت تاريخ السينما، مثل (الطيور) لألفريد هيتشكوك و(سارق الدراجة) فيتوريا دى سيكا، وكل منهم أضاف لمسته الخاصة فى القراءة.

الناقد لديه زاوية رؤية قد تتوافق أو تتناقض مع المخرج، والبعض يضيف من عنده الكثير تبعًا أحيانًا لما يريد أن يراه فى الفيلم، ليس هو بالضرورة ما يحتويه الفيلم، وربما تفرض قناعاته السياسية والفكرية عليه تلك الرؤية.. أيضًا بعض المخرجين عندما يحللون أعمالهم هم الذين يضعون الكثير من تلك (التحابيش)

أحيانًا يلعب عددا من النقاد دورًا فى تحلية البضاعة الأدبية والفنية، بإضافات خارج النص، وأحيانا خارج المنطق، لم تخطر على بال مبدع العمل، البعض يعتبرها تعلى من شأن عمله الإبداعى، ولا يكتفى بإظهار سعادته بهذا التفسير، الذى لم يخطر على باله بل ويتعمد التأكيد بأنه كان عامدًا متعمدًا، وأن على النقاد أن يغوصوا أكثر ليحصلوا على دُرر أكثر، قرأت سيرة حياة الكاتب «أرنست هيننجواى» صاحب الرواية الأشهر «العجوز والبحر» عندما بدأ النقاد فى البحث عن تفسير للرواية، التى أصبحت واحدة من أشهر وأخلد الروايات فى الأدب العالمى، اعتبروها تقدم رؤية فلسفية للحياة، لأن العجوز يبدأ رحلته فى الصيد، وعندما يعثر على سمكة كبيرة يمسك بها بقوة وفى نفس الوقت يتحرك قاربه الصغير فى اتجاه الشاطئ، وعندما وصل، كانت أسماك القرش قد التهمت سمكته ولم يبقَ منها إلا هيكل عظمى- قالوا إن هذا الموقف يشبه رحلة الإنسان فى الحياة عندما تبدأ وهو يعتقد أنه يمسك كل متع الحياة بيديه، ثم ينتهى الأمر بنهايته كهيكل عظمى مثل بقايا سمكة «هيمنجواى».. التشبيه يضفى الكثير من الزخم الفكرى والفنى على رائعة الأديب العالمى، رغم ذلك أزعجه كثيرًا، وقال إنه لم يتعمد أيًا من هذه الرموز، وأضاف أن هذه التفسيرات تشبه وضع الزبيب على الخبز من أجل تحسين الطعم وأن كثيرًا من الكتاب يهزمون أنفسهم بأنفسهم عندما يستسلمون للزبيب!!

فى فيلم «داود عبد السيد (رسائل بحر) مثلًا أثار قارب مكتوب عليه اسم (القدس) فى نهاية الفيلم الكثير من التفسيرات، رأينا فى المشهد الأخير بطلى الفيلم «بسمة» و«آسر ياسين» وحولهما الأسماك النافقة واسم (القدس) يتصدر القارب، لم يكن «داود» يقصد شيئًا هو فقط استأجر قاربًا، وكل القوارب مكتوب عليها أسماء مثل (ما تبصليش بعين رضية بص للى اندفع فيّا) أو (ما فيش صاحب بيتصاحب)، سيل منهمر من التفسيرات السياسية ذات الصلة بالطبع بمدينة القدس، بما تحمله من قيمة روحية، انهالت على «داود» سواء فى القاهرة أو عند عرض الفيلم خارج مصر، وكان داود أول المعترضين على مكسبات الطعم واللون والرائحة!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة احذروا مكسبات اللون والطعم والرائحة



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon