توقيت القاهرة المحلي 07:40:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الصندوق الأسود»... ناصع البياض

  مصر اليوم -

«الصندوق الأسود» ناصع البياض

بقلم - طارق الشناوي

العقد شريعة المتعاقدين، وهكذا يأتي الاتفاق بين برنامج «الصندوق الأسود» وضيوفه الذين يقبلون هذه المقايضة، التي تفرض عليهم إسقاط كل، أو في الحد الأدنى معظم، الخطوط الحمراء.

الإعلامي الكويتي عمار تقي مؤكد لا يجبر أحداً على فتح «صندوقه»، لكنه يمتلك الكثير من المفاتيح الأدبية والمادية، التي تغري ضيوفه بالبوح، بكل ما كانوا حريصين في الماضي على اعتباره خطاً أحمر.

تابعت التصريحات التي أعلنها الدكتور مصطفى الفقي، الذي شغل مواقع متعددة داخل النظام المصري، تتيح له الإلمام بالكواليس (المسكوت عنها)، يكفي أنه كان سكرتير الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك للمعلومات، على مدى سبع سنوات من 85 حتى 92، وصاحبت إقصاءه عن المنصب الكثير من الشائعات، تولى هو في أكثر من حوار نفيها.

كل هذه السنوات، في زمن ملبد بضباب الشائعات، داخل الدائرة القريبة من الرجل الأول في صُنع القرار، تمنحه حصيلة خصبة لكي يَحكي، وتمنحنا أيضاً قدراً كبيراً من الاطمئنان لكي نصدق ما يُحكي.

كان دكتور مصطفى الفقي من أوائل الرجال القريبين من السلطة الذين انحازوا لثورة 25 يناير، بمجرد أن بدأت البشائر تؤكد تعاطف الشعب المصري أو تحديداً القسط الكبر منه مع الثورة، مما أغضب قطعاً مبارك، خصوصاً أنه بعد أن غادر موقعه الرسمي (سكرتير الرئيس) ظل قريباً من الدولة.

د. الفقي أخفق في تحقيق حلمين متتاليين؛ الأول أن يصبح وزيراً للخارجية، والثاني أن يعتلي خلفاً لعمرو موسي كرسي أمين عام جامعة الدول العربية، كان يعتقد جازماً أن عمرو موسى لعب دوراً في إقصائه عن المنصبين، إلا أن هذا لا يعني أبداً أن الدولة ناصبته العداء.

وجه مألوف في الفضائيات المصرية والعربية، وبحكم الخبرة يعلم ما يقال وكيف يقال، أقصد بأي مفردات، خصوصاً أننا في زمن «السوشيال ميديا»، التي صارت تلتقط الكلمة من سياقها، وتمنحها ظلالاً متعددة من المعاني، غالباً لم يقصدها صاحبها، إلا أنها من أجل تحقيق «التريند» تفعل ذلك وأكثر.

يظل السؤال هل ما يعلمه الموظف العام بحكم موقعه من معلومات تمنحه الحق المطلق في ذيوعها، سواء مع وجود أو رحيل شهود العيان.

أتصور أنه تجب التفرقة بين الخاص والعام، هناك قضايا عامة، مثلاً اتفاقية السلام مع إسرائيل، وكل التفاصيل التي توافقت معها من استقالة أكثر من وزير خارجية تصبح في هذه الحالة قضية عامة، ولكن عندما يتبسط مثلاً الرئيس في كلمة أو «مزحة» داخل دائرة محددة، لا يجوز أن يعد ذلك مشاعاً بين الجميع.

توقف كُثر عند تصريح للدكتور الفقي بأن الرئيس جمال عبد الناصر كان يتناول على العشاء كأساً أو اثنتين، وعدّوا ذلك انتقاصاً من حق الزعيم، رغم أن الدكتور الفقي حرص على تهذيب المعنى، ومنحه الصفة العامة، على اعتبار أن أغلب الرؤساء والزعماء يفعلون ذلك لتخفيف ضغوط الحياة.

غضبت دكتورة هدى ابنة الرئيس، واضطر الفقي لتقديم الاعتذار، فأخطأ مجدداً عندما قال إنها مجرد دردشة، وكلنا نعلم أنه كان يعلم أنها ليست أبداً دردشة، بل حوار مسجل من أجل العرض على الناس، أعتقد أن الدكتور الفقي لم يتصور أبداً أن تلك التفصيلة العابرة سوف تؤدي إلى كل ما تابعناه، من مساحات الغضب.

ما قاله عن أشرف مروان أراه أكثر خطورة، عندما عدّه جاسوساً يعمل لحساب إسرائيل ضد مصر، تم تكريم أشرف مروان، وأمر الرئيس الأسبق مبارك بإقامة جنازة عسكرية لوداعه باعتباره رجلاً مصرياً شريفاً رهن حياته من أجل مصر، رواية الفقي تتعارض مع البيان الرسمي للدولة، وتلك قضية شائكة أكثر حساسية من كأس تناولها عبد الناصر، لأنها تمس مباشرة الأمن القومي.

قبل أن يشرع المفكر الكبير دكتور مصطفى الفقي على الملأ في فتح صندوقه الأسود ليجعله ناصع البياض، مع الإعلامي عمار تقي، كان عليه أن يأخذ الحكمة من «أولاد البلد» الذين كثفوا الحكاية في تلك الجملة «إللي يخاف ما يقولش... واللي يقول ما يخفش»، بينما مصطفى الفقي كان خائفاً وهو يقول، ويقول وهو خائف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الصندوق الأسود» ناصع البياض «الصندوق الأسود» ناصع البياض



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon