بقلم - طارق الشناوي
هل يجوز الاحتفال بالعيد دون مشاهدة (مدرسة المشاغبين)؟ من الناحية النفسية والاجتماعية، ولن أقول الشرعية حتى لا أثير حساسية أحد، صارت (المشاغبين) بمثابة طقس حتمى، لا يمكن الاستغناء عنه هى مع (العيال كبرت) و(المتزوجون) و(ريا وسكينة) و(سك على بناتك) وعدد قليل آخر من المسرحيات اخترقت حاجز الزمن.
أفردت جريدة الأهرام قبل يومين صفحة من الأرشيف إعداد الزميلة دعاء جلال، عن تلك المسرحية، والملابسات التى صاحبتها، تكتشف أن نفس الاتهامات التى نرددها اليوم كنا نكررها قبل نصف قرن، توقفت أمام رأى دكتور يوسف إدريس، لأنه أيضا وبنفس زاوية الرؤية المتحفظة هاجم المسرحية، رغم أن التكوين الفكرى ليوسف إدريس، لا يمكن أن يقف فى طابور التزمت، ربما مثلا لم تكن العلاقة الشخصية بين يوسف إدريس وكاتب المسرحية على سالم جيدة، فأراد أن يوجه له تلك الضربة المباغتة.
الغريب أن على سالم وأيضا المخرج جلال الشرقاوى كان لهما تحفظات سلبية على خروج الممثلين عن النص، وهو أيضا ما ذكره عبدالمنعم مدبولى بعد اعتذاره عن استكمال أداء دور الناظر، وأنقذ حسن مصطفى العرض ولعب الدور، الوحيد الذى دافع هو سمير خفاجة، بذكاء أدرك أن (المشاغبين) ستستمر سنوات، وأنها كتبت شهادة ميلاد لنجم قادم بقوة عادل إمام، وسوف يعتلى العرش، رغم أننا كنا نعيش زمن عمالقة المسرح فؤاد المهندس وأمين الهنيدى ومحمد عوض.
عادل لم يكن المرشح الأول لدور (بهجت الأباصيرى) ولكنه سعيد صالح (مرسى الزناتى) الذى كان وقتها يتقاضى أجرا أكبر، لأنه عرف قبل عادل البطولة فى (هاللو شلبى)، إلا أن عادل وجد أن الأباصيرى هو الزعيم الحقيقى للمشاغبين، فالتقطها (بدرى بدرى)، وأضاعها سعيد (بدرى بدرى).
رفض عادل بعدها المشاركة فى (العيال كبرت) التى تعتبر وكأنها جزء ثان لـ(مدرسة المشاغبين)، بدأ عادل رحلة البطولة المطلقة، تحت مظلة المنتج سمير خفاجة فى (شاهد ما شافش حاجة) ثم انتقل إلى مشاركة سمير خفاجة فى الأرباح، فهو يحصل على ثلث إيراد الشباك، وليس له علاقة بأجر الفرقة ولا تكاليف المسرح ولا الضرائب وغيرها من المصروفات، أى أنه فعليا يحصل على ربح أكبر من سمير خفاجة.
لاحظت على (الأفيش) الأول للمسرحية أن أسماء عادل وسعيد ومدبولى وسهير مكتوبة ببنط كبير.
(بنط) باقى المشاغبين لا يكاد لا يقرأ بالعين المجردة، وترتيبهم كالتالى، هادى الجيار ويونس شلبى وأحمد زكى.
المنتج كانت لديه قناعة بأن الجيار قادم، بينما فعليا أول من حقق النجومية بين الثلاثة هو يونس شلبى.
حكى لى أحمد زكى أنه ذهب صباحا للمسرح، كانوا يعرضون على خشبة الحرية بالتحرير، شاهد يونس شلبى يعتلى السلم الخشبى، ويمسح اسم أحمد زكى ليكتب اسمه سابقا أحمد.
عندما بدأ أحمد يحقق النجومية الطاغية فى السينما، وفى أحد البرامج هاجمه هادى الجيار قائلا إنهما اتفقا فى كواليس (المشاغبين) أن من يصل لمرتبة البطولة قبل الآخر، عليه أن يرشح زميله فى أى عمل فنى ليلحق به، وعاتب أحمد لأنه خان الوعد، وكان رد أحمد أنه لا يملك أن يطلب من المنتج أو المخرج ترشيح هادى أو غيره.
(مدرسة المشاغبين) لم تكن فقط مسرحية حققت نجاحا طاغيا، ولا حتى واحدة من طقوس أعيادنا، إنها كتاب كان ولايزال مفتوحا تستحق فى كل مرة قراءة جديدة، يكفى أنها لا تزال قادرة على إنعاش أرواحنا، رغم انف المتحذلقين