توقيت القاهرة المحلي 12:44:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

طلال مداح... «صوت الأرض» العائد من السماء

  مصر اليوم -

طلال مداح «صوت الأرض» العائد من السماء

بقلم: طارق الشناوي

في مسرحية «يوليوس قيصر» يقول وليم شكسبير: «احذر منه، إنه لا يحب الموسيقى». نعم، احذر من البشر الذين لا يتعايشون مع الفن، والموسيقى تحديداً لأنها تقع -كما قال الفيلسوف شوبنهور- على قمة الفنون. من يتعانق وجدانه مع الأنغام، وتحركه الإيقاعات وتسكن روحه، فهو إذن الإنسان. ما دون ذلك يظل شروعاً في الوصول إلى معنى الإنسان!
عشنا في الرياض الأربعاء الماضي ليلة ممتعة، مبهجة، ارتدَت من فرط جمالها رداء «قوس قزح» بألوان الطيف السبعة، أقامتها هيئة الترفيه، واستطاع رئيس الهيئة المستشار تركي آل الشيخ أن يجمع أغلب وأهم مطربي عالمنا العربي، ليعيشوا ونعيش معهم، ليلة كلها موسيقى وغناء وطرب، تحت مظلة المطرب والملحن الكبير طلال مداح، رائد الأغنية الخليجية، الذي لعب منذ الستينات الدور الأهم والأكبر في الانتقال بالأغنية السعودية خارج حدود المملكة. لا يزال جميع مطربي الخليج العربي، وخارج الخليج، يعلنون في كل مناسبة، وأيضاً حتى بعيداً عن أي مناسبة، تلك الحقيقة التي لا يمكن إغفالها؛ لأنها ببساطة تمتلك الوثيقة.
إنه الرائد الذي واجه وتغلب على كثير من التحديات الاجتماعية والثقافية، ليقول للعالم إن هناك أنغاماً وإيقاعات خاصة تنبت على تلك الأرض، مثل أشجار النخيل.
تعددت الألقاب التي حظي بها طلال مداح، مثل «صوت الأرض»، و«قيثارة الشرق»، و«زرياب». منح ألحانه للجميع، وليس فقط لمطربي ومطربات الخليج. غنت له وردة، وسميرة سعيد، وفايزة أحمد، وذكرى، ونجاح سلام، وسميرة توفيق، وغيرهن. وحظي بحب وتقدير خاص من الموسيقار محمد عبد الوهاب، وكان بينهما مشروع لأغنية، لم يمهل القدر موسيقار الأجيال الزمن لإكمالها. وكثيراً ما كان الموسيقار الكبير يشيد بصوته وألحانه وأسلوبه الخاص في التعبير.
الحفل تعددت ألوانه وامتدت فقراته، برؤية إخراجية ممتعة، وكأنها «سيمفونية» متكاملة تتحرك وفق نظام تصاعدي (كريشندو). عدد كبير من المطربين شكَّلوا ثنائيات على المسرح لتقديم أغانيه، مما منحها مذاقاً خاصاً.
هل كانوا يكرمون طلال مداح أم أن طلال مداح هو الذي كان يكرمهم؟ محمد عبده أجاب عن هذا السؤال قائلاً: «طلال هو الذي كرَّمنا».
أقيم الحفل على «مسرح محمد عبده»، وكانت لحظة التتويج هي تلك التي صعدت فيها أسرة طلال مداح؛ أبناؤه وعدد من الأحفاد، على المسرح، لاستلام التكريم. واعتلى خشبة المسرح تركي آل الشيخ، والسفير المصري في الرياض.
طلال أمضى جزءاً كبيراً من حياته في مصر، وعندما سألته الإعلامية نشوى الرويني في لقاء منذ ربع قرن، عبر «إم بي سي»، عن البلد الذي تطيب له الإقامة فيه، أجابها: «مصر».
تم إطلاق اسم «صوت الأرض» على أكبر استوديو في الشرق الأوسط، تم افتتاحه مؤخراً بالرياض، وهذا هو التكريم الذي يليق بمطربنا الكبير.
التقيت طلال مداح مرة واحدة، نهاية الثمانينات. كتلة من التواضع تتحرك على قدمين؛ كان متسامحاً في علاقته بكل الأنغام والأغنيات وتذوقه لها. لاحظت أنه لم يغلق باب الشقة، فسألته، فأجابني: «بيتي مفتوح للجميع». كان قد بدأ يتردد وقتها تعبير «الأغنية الشبابية»؛ لم يرفض أبداً التجديد، ولم يناصب هؤلاء المطربين العداء، كما يفعل الآن بعض الكبار. تصالح مع كل الاتجاهات الموسيقية، حتى تلك التي تعارضت مع أفكاره وذوقه.
ما في قلبه على لسانه، ليست لديه حسابات أخرى، غير ما تمليه عليه مشاعره، ولا يخفي شيئاً أو يُجمل شيئاً.
في نهاية الحفل، شاهدنا طلال بتقنية «الهولوغرام» في «ديو» جمعه مع محمد عبده، ليصبح هذا هو مسك الختام.
الفنان الصادق لا تنتهي صفحته في كتاب الحياة عندما يصل للشاطئ الآخر. طلال غادرنا قبل نحو 23 عاماً، إلا أنه في تلك الليلة عاد متألقاً ومتدفقاً. استمعنا إلى ألحانه تخترق حاجز الزمن، وكأن في موته حياة. عاد من السماء إلى الأرض ليصبح «صوت الأرض» الذي لا يعرف أبداً الغياب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طلال مداح «صوت الأرض» العائد من السماء طلال مداح «صوت الأرض» العائد من السماء



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon