توقيت القاهرة المحلي 00:47:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«كذب أبيض» فيلم الأفلام

  مصر اليوم -

«كذب أبيض» فيلم الأفلام

بقلم - طارق الشناوي

فى المهرجانات لا يستطيع أحد مشاهدة كل الأفلام، ولن تتمكن أيضا من تناول كل الأفلام التى تعاطيت معها، لن يتبقى فى الذاكرة إلا القليل من كل ما شاهدت، وهو فقط الذى يستحق البقاء.

إنه الفيلم الذى ما إن ينتهى عرضه على الشاشة، إلا وتكتشف أنك تعيد عرضه لا شعوريا فى وجدانك، وقد تضيف أو تحذف، إلا أنه يبقى بداخلك وكأنه بالضبط ما شاهدته.

لى حكاية مع الفيلم المغربى (كذب أبيض) لأسماء المدير، عرض لأول مرة فى مهرجان (كان) مايو الماضى، داخل قسم (نظرة خاصة)، تضاربت المواعيد ولم أستطع مشاهدته، إلا قبل أيام فى مهرجان (البحر الأحمر) فى قسم (روائع عربية)، رأت إدارة المهرجان، ولها كل الحق، أن الفيلم أتيحت له المشاركة فى (كان) وحصد أيضا جائزة أفضل إخراج، ولا ينبغى أن يزاحم الأفلام الأخرى.

هذه المرة فى (البحر الأحمر) حرصت أن أقتنصه قبل نهاية المهرجان بأربع وعشرين ساعة وكان هو (فيلم الأفلام).

الشريط لا يتوقف فقط أمام لحظة تاريخية فى المملكة المغربية، وهى ما عرفت بانتفاضة الخبز عام 1981 فى زمن ولاية الملك العاشق للفن والموسيقى تحديدا الحسن الثانى، والد الملك (محمد السادس).

تلك هى الخلفية السياسية المباشرة، إلا أن العمل الفنى يبحث عما هو أبعد، يعود أكثر من أربعين عاما، لنرى المشهد من خلال الجدة، والحفيدة، الجدة عاشته، الحفيدة تسعى لتوثيقه، ونتوقف أمام الحكاية وكيف نرويها، ويدخل الزمن كطرف فاعل فى كل التفاصيل، الحفيدة تبحث عن صورة من طفولتها وسط بقايا جدتها، من خلال تلك الصورة نعيش الزمن، إنها حكاية المخرجة أسماء المدير. الفيلم التسجيلى يتكئ على حكايات تختلط من أجل أن تتسق، تروى تفاصيل لتلك الحقبة، الجدة لم تعترف بأن حفيدتها مخرجة سينمائية، فهى ترى أن السينما مثل الكباريه، لا ترضى لحفيدتها الذهاب إليه، لكنها تراها صحفية، تحظى باحترام أدبى.

الجدة الملكة المتوجة فى هذا المنزل، هكذا يراها الجميع، فهى عمود البيت الذى يضم الأجيال الثلاثة، وتستعيد الحكاية من خلال بناء ديكور للزمن بكل تفاصيله، وتظل صورة الحسن الثانى تزين المكان، وهى فى القلب عند الجدة، بينما تنتقد الحفيدة ما حدث وأدى لتلك الانتفاضة التى اندلعت بسبب رغيف الخبز، لكن لماذا وصفها بالكذب الأبيض؟ لأنه لا يضر، بل أحيانا مباح، وفى ظل ظروف محددة ضرورى.
هل الجدة وهى تروى الأحداث تكذب أم أن الصحيح أنها تروى ما تعتقد أنه حدث، المخرجة تنتقل بين تسجيل الحدث إلى اللعب بالعرائس، التى تشبه الدمى الروسية تفتح عروسة لتخرج منها واحدة أصغر، وهكذا، وقد نرى العكس أيضا العروسة الصغيرة تخرج منها عروسة أكبر.

الديكور الذى تقدمه لشقة الجدة وديكور آخر أشبه بلعب الأطفال يعيدنا مجددا للزمن القديم.

الجدة، الملكة المتوجة، ولها كلمة نافذة على الجميع، بها كل المميزات: ذكاء وخفة ظل وكاريزما، شخصية زادها الزمن حضورا ووهجا، إلا أنها أيضا متسلطة فى قراراتها، تعتقد فقط أنها تملك الصواب. لا توجد ذاكرة فوتوغرافية وحتى لو وجدت ستكتشف أن اختيارك للزاوية التى تطل منها على الحدث هى التى تفرق بين إنسان وآخر عاشا نفس اللحظة، وقد يتناقضان فى الرؤية 180 درجة. الفيلم يقدم مخرجة تتعامل مع الشريط السينمائى بروح الطفل الذى تحركه فطرته، وهكذا حرصت أسماء المدير فى تعاملها العفوى وهى تروى لنا الحدث، تمتلك كل أدوات التعبير من حركة الكاميرا والإضاءة والموسيقى، كما أنها حافظت على أن تظل الجدة فى تلك الحالة المتوهجة القادرة على التعبير، الحفيدة تقف على الجانب الآخر فكريا وسياسيا، رغم أن كل تفصيلة تؤكد عشقها الفطرى لجدتها.

الرقابة المغربية تستحق التحية بهذا الهامش الذى يتسع ويمنح السينمائى هناك القدرة على التعبير والتحليق، بينما لاتزال رقابتنا الميمونة تنفخ فى الزبادى، ونشارك جميعا بعدها فى النفخ!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كذب أبيض» فيلم الأفلام «كذب أبيض» فيلم الأفلام



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon