توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان»

  مصر اليوم -

«يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان»

بقلم: طارق الشناوي

شعرت بالانتماء لها وأنا بعيد عنها، منذ أن تداول الناس اسمها فى الشارع وأنا أتعجب كيف لا أكون واحدا من بين كتاب وصحفيى هذه الجريدة، فوجئت بعد سنوات من إصدارها، بتليفون من الكاتب الصحفى الأستاذ محمد السيد صالح عام 2015 رئيس التحرير، الذى لم أكن قد التقيت به من قبل، يخبرنى بترشيحى للكتابة، ثم أكمل زميلى الصحفى أحمد النجار المسؤول وقتها عن صفحة الفن، الاتفاق، سألنى عن التفاصيل المادية، ولم أكن أفكر، سوى أننى سأعود إلى بيتى، الذى كان ينبغى أن أكون أول من يقطنه.
عندما يأتى ذكر (المصرى اليوم)، يصعد فى نفس اللحظة اسم صديقى وكاتبى المفضل الراحل مجدى مهنا، حالة خاصة جدًا من البشر، منذ أن تزاملنا فى كلية الإعلام ثم على بلاط صاحبة الجلالة، من خلال مدرسة عريقة فى دنيا الصحافة (روز اليوسف).

كان مجدى فى 2003 قد وصل إلى موقع رئيس تحرير الوفد، ولم تمض سوى أشهر قلائل حتى وجد نفسه تحت مرمى نيران صفحات الوفد، لأنه انتقد موقفا فى الحزب فى برنامجه الأسبوعى عبر قناة دريم (فى الممنوع).

وفى لحظات بعد أن تم التشهير به على صفحات ( الوفد) كان مجدى، وموقفه الثابت المؤيد دوما للحرية، ملهما لعدد من رجال الأعمال لديهم قناعة بأهمية أن تولد جريدة على أرض (المحروسة) ترفع شعار فتح النوافذ للجميع، يقودهم المهندس صلاح دباب بما يمتلكه من إصرار وتحد وأيضا بحكم علم الوراثة (الجينات) تعود للجد الكاتب الكبير توفيق دياب، الذى تردد على السجون أكثر من مرة بسبب مواقفه الوطنية، فكان صلاح هو المؤسس الأول، وهو أيضا الاسم الأكبر والمساهم الأكبر اقتصاديا فى التجربة.

بدأت الرحلة فى 2003- التجربة لم تر النور- رأس مجدى مهنا مجلس التحرير وعلى مدى ثلاثة أو أربعة أشهر، كان العمل يجرى بكل إخلاص، لكى تخرج الجريدة للنور وكنت مسؤولًا عن صفحة الفن وأصدرنا أعدادا تجريبية لكن توقف المشروع، وتعددت الأسباب، والتى تحتاج إلى بحث وتمحيص، وأظن أن الأستاذ حلمى النمنم، يحتفظ بأرشيف مطبوع إلكترونيا، للأعداد التجريبية التى أصدرها مجدى.

من ثم ظهرت بعد ذلك «المصرى اليوم» كما نعرفها الآن، برئاسة تحرير الأستاذ «أنور الهوارى» ثم الأستاذ «مجدى الجلاد» وتتابعت أسماء رؤساء التحرير الأفاضل، وصولا للأستاذ علاء الغطريفى، والكل يحافظ بأسلوبه وطريقته، على استمرار مبادئ الجريدة مهما تعددت الأسماء.

كان لمجدى مهنا بصمة خاصة كرئيس للتحرير فى المرحلة التى سبقت إصدارها الحالى، ولم يتوقف عن الكتابة فى «المصرى اليوم» كان عموده (فى الممنوع) فى الأعداد التجريبية التى رأس تحريرها هو نفس عموده بعد أن ترك موقع رئيس التحرير، واستمر يكتب «فى الممنوع» مثلما كان يكتبه وهو رئيس تحرير، كان «مجدى» يدرك جيدًا أن الكلمة المكتوبة هى التى تبقى وليس المنصب، ولهذا كتب العمود منذ أول إصدار للجريدة، وظلت الجريدة عدة أيام بعد رحيله تنشر مساحة بيضاء فى نفس مساحة «مجدى مهنا».

الإنسان «مجدى مهنا» كان هو أيضًا الكاتب «مجدى مهنا»، فى عز محنته يتابع الأصدقاء والزملاء.. أتذكر آخر مكالمة سألنى عن كتاب لى أصدرته فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى وأرسلت له نسخة حرص أن يكتب عنه فى عموده واختار بالفعل مقطعًا سياسيًا من الكتاب.. كان «مجدى» يحمل بريقا ونجومية فى كتاباته، وهذه المنحة الإلهية ليس لها علاقة فقط بجمال الأسلوب، فليس كل من له مذاق أدبى يمتلك البريق، إنها تشبه النجومية فى عالم التمثيل، وكما أنه ليس كل ممثل موهوب يمتلك وهج وبريق النجومية، فإن قلة الذين منحهم الله تلك المنحة، مجدى كان ينتمى إلى فصيلة نادرة فى عالم الصحافة، هو آخر عنقودها، سبقه مثلًا من النجوم الكبار «مصطفى أمين» «أحمد بهاء الدين» «إحسان عبد القدوس» «أنيس منصور» «سلامة أحمد سلامة» «صلاح منتصر» و(أحمد رجب) و(محمود السعدنى) و(صلاح حافظ) وغيرهم. كاتب العمود الصحفى رغم أنه يبدو سهلًا من الناحية النظرية إلا أن التجربة العملية أثبتت أنه من بين كل عشرة أعمدة، هناك عمود واحد فقط مقروء وكان «مجدى مهنا» هو صاحب هذا العمود، ومن آخر جيل الموهوبين.

دائمًا ما كنت أسأل نفسى ماذا لو أننى اخترت أن أكون كاتبًا سياسيًا، ما هو الكاتب الذى تمنيت أن أكونه؟، بلا أى تردد «مجدى مهنا»، كنت أقول له ذلك فكان يضحك، مؤكدًا أن الكتابة فى الفن نوع من السياسة، ولكن بوسائل أخرى.

عرفت وتابعت وقرأت لعشرات الكتاب السياسيين وأعجبت بأقلام العديد منهم، وأحرص ولا أزال على قراءتهم بنهم وحب وتقدير، ولكن «مجدى مهنا» كان هو فقط الكاتب السياسى الذى فقط تمنيت أن أكونه، فهو زميلى وصديقى وأيضًا مثلى الأعلى فى الكتابة الصحفية!!.

(المصرى اليوم) تجربة عريضة وعميقة فى تاريخ الصحافة العربية، برغم كل ما تتعرض له من ضغوط أدبية ومادية تحرص على ألا تفقد أبدا وجودها وحريتها واحترام القارئ لها ولمواقفها، كانت ولا تزال تحتفى بكل الموهوبين من كل الاتجاهات (يهمها الانسان ولو ما لوش عنوان)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان» «يهمها الإنسان ولو ما لوش عنوان»



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 09:56 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:18 2016 الإثنين ,12 كانون الأول / ديسمبر

الروح والحب والإخلاص " ربنا يسعدكم "

GMT 23:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 18:11 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

3 تحديات تنتظر الزمالك قبل غلق الميركاتو الصيفي

GMT 07:33 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"سيسيه يؤكد رفضت عروضا من أجل البقاء مع "الاتحاد

GMT 05:59 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

محمد النني يقترب من الدوري السعودي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon