بقلم:طارق الشناوي
من المشاهد التى احتلت مساحة لا تمحى من الذاكرة يوم وداع الموسيقار المطرب محمد فوزى، والذى أقام صلاة الجنازة عام 66 المطرب محمد الكحلاوى، الذى اشتهر بلقب (مداح الرسول).
السنوات السبع الأخيرة من حياة فوزى شهدت صراعا حادا بينه وبين الكحلاوى، وصل لساحة القضاء، مما دفع جمعية المؤلفين والملحنين، المنوط بها تحصيل الأداء العلنى للأغانى ومنحه للمؤلف والملحن - إلى تجميد المبالغ المالية التى حققتها أشهر أغنية فرانكو أراب، كانت الملايين ترقص على إيقاعها ( يا مصطفى يا مصطفى)، لحنها فوزى وحققت أرقام مبيعات ضخمة فى الداخل والخارج، وتعددت النسخ لنفس اللحن بالعديد من اللغات.. الكحلاوى اتهم فوزى بالسرقة، والتى يجب أن تصل طبقا للقانون إلى أربعة موازير موسيقية متتالية.. قال إن فوزى أخذها من لحن بدوى قديم للكحلاوى باسم ( فضلك يا سايج المطر/ تُشكر يا سايج المطر). الغريب أن القضاء لم يحسم هذا الصراع، وحتى رحيل الكحلاوى عام 82، إلا أنه فى التسعينيات فقط أقر بأن الأغنية لفوزى، وأصبح الأداء العلنى لصالح ورثته.
كان والد رشدى أباظة لا يعترف أبدًا بمهنة التمثيل، وخيّر ابنه بين الانتماء للعائلة العريقة واحتراف الفن، فاختار رشدى السينما، الوالد وصل لرتبة لواء شرطة، والغريب أن رشدى أباظة ارتدى فعلا بدلة لواء شرطة عام 72 فى فيلم (كلمة شرف) وذهب بها لكى يصالح والده محققا حلمه، وعندما وصل للبيت اكتشف أن والده قد صعدت روحه قبل دقائق إلى بارئها.
الساحة الغنائية شهدت صراعا حادا بين عبدالحليم وعديد من المطربين، من أشهرهم محرم فؤاد، الذى كان كثيرا ما يُنكر على عبدالحليم اعتلاءه عرش الغناء، معللا ذلك بأن حليم لديه أذرعا إعلامية متعددة تعمل لصالحه من أجل أن يتبوأ تلك المكانة. بعد ساعات قليلة من رحيل عبدالحليم عام 77، اجتمع الموسيقيون فى مكتب بليغ حمدى، وهنا سأل أحدهم: من يحمل الراية الآن؟ قال محرم: أنا، رد عليه الإعلامى كامل البيطار: بأمارة إيه؟ أجابه محرم: أنا التاريخ)، رد عليه ساخرًا: (ميلادى أم هجرى؟).. ومن بعدها عندما يسألون محرم عن الراية يجيبهم: (أخذ حليم معه الراية للعالم الآخر). بينما عبدالحليم عندما رحل فريد الأطرش عام 74 قال إنه لم يشعر بالندم سوى مرة واحدة، لأنه لم يغنِ من ألحان فريد.
ولا يسلَم كبار الكتاب من تلك الصراعات التى وصلت إلى ساحة القضاء بين الكاتبين الكبيرين يوسف إدريس وثروت أباظة، بعد أن كتب كل منهما على صفحات جريدة (الأهرام) رأيًا تهكم وسخر فيه من الآخر، وظلت القضايا تنظرها المحاكم على مدى سنوات، حتى رحيل يوسف إدريس فى مثل هذه الأيام من عام 91، حيث كتب ثروت أباظة كلمات تقطر حزنًا وحبًا فى «يوسف إدريس الكاتب والإنسان».
كان من المفترض أن يجتمع عادل إمام ومحمود عبدالعزيز فى فيلم (حسن ومرقص) بعد أن ظلا لسنوات يتراشقان على صفحات الجرائد بسبب مسلسل (رأفت الهجان).. قبل التصوير بأسبوع فقط، طالب عادل بتغيير محمود وتم إسناد دوره إلى عمر الشريف، وعند تقديم واجب العزاء، سأل الصحفيون عادل إمام عن محمود، فأجابهم: كان بيننا مشروع فنى مشترك ندمت لأنه لم يكتمل!!.
لماذا ننتظر كل هذه السنوات قبل أن نصفح ونسامح وكأننا نلقى باقة ورد على قبور من نحبهم بدلا من أن نمنحهم وردة وهم أحياء