بقلم - طارق الشناوي
فوجئت بردود فعل متباينة لمقال نشرته على صفحات (المصرى اليوم) تناول فيلم أحمد حلمى (واحد تانى)، ورغم أننى أمقت أن ننسب الفيلم للبطل أو نجم الشباك، إلا أن هذه المرة فعلًا، الفيلم هو حلمى، وحلمى هو الفيلم.
حلمى من النجوم القلائل الذين أصدرت عنهم كتابًا قبل نحو خمس سنوات وعنوانه (شفرة حلمى)، استحق هذا الكتاب لموهبته وذكائه.
بعد أن شاهدت (واحد تانى) مع الحفل الثانى من عرضه ومع الجمهور المستهدف ليلة وقفة العيد، شعرت بأنى أفتقد حلمى الذي أعرفه إبداعيًا ولم أجد حالة الوهج، وكتبت مقالًا عنوانه (حلمى فقد البوصلة)، وسافرت بعدها مباشرة لحضور مهرجان (مالمو) السينمائى بالسويد، واكتشفت هناك وكأنى فجّرت لغمًا، وقبل نحو 48 ساعة وجدت قناة العربية وعلى غير عادتها تمنح مقالى مساحة ليصبح هو القضية المطروحة.
أنا أعتبر أن ما أكتبه ليس سوى فقط رؤية تحتمل الصواب والخطأ، والبعض غالى في التفسير وحمّل المقال أكثر بكثير من فحواه، وهو (إعلان وفاة فنية لحلمى)، رغم أن النجم له رصيد عند الجمهور، وحلمى من هؤلاء الذي صنعوا عمقًا في علاقته بالناس تتيح لهم بين الحين والآخر الإنفاق من الرصيد، آخر أفلام كريم عبدالعزيز (البعض لا يذهب للمأذون مرتين) شهد تراجعًا ولايزال كريم متصدرًا المشهد السينمائى كنجم شباك و(جان).
(واحد تانى)، كما علمت قبل ساعات، لايزال متربعًا على قمة الإيرادات، وبفارق شاسع عن فيلمى (العنكبوت) و(زومبى)، هل هي شهادة مؤكدة بقوة الفيلم، أم بضعف المنافسين؟ ضعف المنافسين لعب الدور الأكبر في صناعة هذا الفارق الرقمى، إن العيد هو التوقيت السحرى لحلمى صاحب قاعدة عريضة من الجمهور، الأسبوع الأول يساوى جاذبية النجم، خاصة أن العيد يدفع بشرائح جديدة لدور العرض، علاقتها بالسينما لا تتجاوز مرة أو مرتين في العام من العيد للعيد.
أتصور أن الإيرادات لكل الأفلام بعد الأسبوع الأول ستتأثر سلبًا، الأسبوع الأول يساوى النجم، وبعد ذلك تبدأ قدرة الفيلم على الجذب، إذا استمر الفيلم في تصاعد رقمى يرصده شباك التذاكر، يصبح لزامًا علىّ أن أعيد المشاهدة مجددًا لأعرف بالضبط أين يكمن السر؟ لا يمكن لأحد اتهام الجمهور ولكن علينا احترام ذائقة الناس وقراءتها بكل تفاصيلها، وأنا قطعًا كما أنتقد الفيلم أرحب بنقد نقد الفيلم.
أسوأ ما يواجه الفيلم ليس الاختلاف حول مستواه، ولكنْ بلاغ للنائب العام على اعتبار أن الفيلم يروّج للشذوذ الجنسى، وهو ما يجب أن نتصدى له جميعًا، فهو يهدد الحياة الفنية برمتها، القراءة الخاطئة للأعمال الفنية، وهى في جزء كبير منها متعمدة، هي القضية الأولى التي نتصدى لها، ولا أستبعد في ظل تلك الرعونة لتوجيه الاتهامات أن أجد أيضًا من يتحرك في مجلس النواب للمطالبة بمحاكمة الرقابة التي وافقت على الشريط السينمائى.
التربة مع الأسف صالحة بل وخصبة جدًا لانتشار هذه الأفكار، ولها قطعًا سند من قطاع في المجتمع، صار بالنسبة له الفيلم هو مادة للتقييم الأخلاقى، و(الترمومتر) جاهز جدًا، وهكذا.. بينما نرى أن العديد من الدول بجوارنا تسمح للسينما بالانطلاق لآفاق أرحب، تكثر لدينا الأفكار التي تدعو لخنقها.
أختلف فنيًا تمامًا مع (واحد تانى)، ولكن لا يمكن أن أقف في الجانب الآخر مع هؤلاء الذين يقذفونه بحجر اسمه الترويج للشذوذ!!.