بقلم:طارق الشناوي
مات النقيب رجائى عطية وهو يؤدى عمله مدافعًا عن حقوق الناس فى قاعات المحاكم، فكان مثالًا للرجل يظل فى ميدان العمل حتى اللحظة الأخيرة!.يرحمه الله، كان مؤمنًا بالمحاماة إلى أقصى حد، ولم يكن يراها مجرد وظيفة يقوم بها صاحبها، وإنما كان يراها «رسالة»، على المحامى أن يؤديها كما يجب فى ساحات القضاء، ومن شدة إيمانه بما كان يعمله أصدر كتابًا سماه: «رسالة المحاماة»!.
ومن قبل، كان رجال كبار قد غادروا الدنيا بالطريقة نفسها التى رحل بها رجائى عطية عن الحياة، وربما يكون الدكتور فؤاد محيى الدين، رئيس الوزراء الأسبق، هو الأقرب إلى الذاكرة فى هذا الموضوع.. فلقد سقط ميتًا فى مكتبه فى يونيو ١٩٨٤ بعد أن كان أول رئيس حكومة مع الرئيس مبارك، وبعد أن قضى فى رئاسة الحكومة عامين ونصف العام!.
روى اللواء حسن أبوباشا، فى مذكراته، أن محيى الدين دعاه ذات يوم إلى اجتماع مع عدد من الوزراء، وكانت انتخابات مجلس الشعب القادمة وقتها هى موضوع الاجتماع، وكان النقاش حول مدى قدرة الحزب الوطنى على أن يفوز بالغالبية فيها.. كان أبوباشا وزيرًا للداخلية، وفى الاجتماع قال إن ما لديه من معلومات يشير إلى أن الحزب سيحصل على ٧٥٪ من المقاعد.. وما كاد فؤاد محيى الدين يسمع هذا الكلام من وزير داخليته حتى استدار بمقعده معطيًا ظهره للحاضرين مع وزير الداخلية معًا!!.
كان محيى الدين طبيبًا، وكان رئيس وزراء قويًا، وكان تقديره أن حزب الحكومة إذا دخل الانتخابات فنصيبه من المقاعد لا يقل عن ٩٩٪!.
وفى مرحلة ما قبل ثورة ١٩٥٢، توجه حسن صبرى باشا، رئيس الحكومة، ليلقى خطاب العرش فى مجلس النواب، فسقط فى مكانه وهو يلقيه.. كان ذلك فى ١٩٤٠، وكان قد أمضى فى منصبه شهورًا معدودة على أصابع اليد الواحدة!.
ومن قبل، كان خالد بن الوليد قائدًا عسكريًا لم ينهزم فى أى معركة خاضها، وكان يتمنى لو مات فى ميدان القتال، ولكنه رحل على فراشه، وقد رأى فى ذلك سوء حظ فقال: «أموت على فراشى كما يموت البعير، وليس فى جسدى موضع إلا وفيه رمية سهم، فلا نامت أعين الجبناء»!.