بقلم: طارق الشناوي
فجأة، أصبح على الطفلة ريهام حلمى بكر أن تتعرف على الموت، بعد أن شاركت فى تشييع جثمان أبيها، ورأت بعينيها الجثمان يخرج من النعش ويدخل المقبرة.. ولا أتصورها فى تلك المرحلة العمرية أدركت شيئا سوى أن الموتى لا يتكلمون.كان حلمى لا يتنفس إلا عندما تختلط أنفاسه مع ريهام، لم تستوعب تلك الطفلة بعد إعلان الوفاة كل ما تراه أمامها، قسطا وافرا من المشاهد، أتمنى أن تسقط من ذاكرتها حتى لا تؤثر مع الزمن سلبا على بنائها النفسى.
تعوّد حلمى مع تعدد زيجاته ألا ينجب، وأعتقد أنه كان يشترط على زوجاته بعد السيدة شاهيناز طوب صقال، شقيقة شويكار وأم ابنه الوحيد هشام، ألا ينجبن. الوحيدة التى خالفت الشرط السيدة سماح القرشى، ولا أدرى هل بموافقة حلمى أم أن تلك كانت رغبتها منفردة؟. لا أستبعد أن حلمى عندما اقترب من الثمانين وجد نفسه يحلم باستعادة مشاعر الأبوة مجددا.
حلمى هو من أطلق على المولودة- التى ورثت ملامح والدها- اسم (ريهام)، على نفس الإيقاع الموسيقى لهشام، كما أنه أوصى هشام برعاية شقيقته بعد رحيله.
من الواضح، طبقا لكثير من الملابسات، أن العلاقة بين هشام ووالده لم يكن يغلفها دائما الدفء، هذا لا يعنى أبدا أن الكراهية هى العنوان. حلمى تركيبة متطرفة المشاعر، ولا أستبعد أن تفلت منه كلمة أو موقف فى أى نقاش يحدث بين أب وابنه، حتى إن ابنه قال فى أحد البرامج، إن والده لم يحضر فرحه الذى أقيم بالقاهرة؛ لأنه كان مشغولا باستكمال بروفات لحن.. على الجانب الآخر، كان هشام يأتى للقاهرة، كما هو واضح من أحد التسريبات الأخيرة، ولا يزور والده.. وهو ما حدث أثناء مرضه الأخير.
هناك قدر من الفتور فى علاقته مع زوجة أبيه، دفعه لأن يعلن فى إحدى الفضائيات أنها طلبت منه 15 ألف جنيه حتى تحضر لحلمى ممرضة وتعيده لشقته فى حى المهندسين. لا يجوز أدبيًا أن تخرج تلك المناقشات للعلن، يبدو أن العلاقات بين هشام وسماح وصلت للذروة فى العنف، واستخدام كل طرف الأسلحة الممكنة مشروعة أم غير مشروعة.
سماح حالة استثنائية بين كل زوجاته، التى لم يوثق بالضبط عددهن: 15 كحد أقصى أو 13 فى الحدود الدنيا.. ما يربطها بحلمى ليس مجرد لحظة عاطفية، كثيرا ما عاشها حلمى، فهو (زجزاجى) المشاعر، ينتقل من أنثى إلى أنثى، ومن النقيض للنقيض، وعندما يحكى كيف حدث الطلاق فى زيجاته السابقة، تتأكد أن أسرع قرار يتخذه فى حياته هو الزواج ولا يتجاوزه فى السرعة سوى الطلاق. أغلب الحكايات التى ذكرها حلمى من الممكن فى الظروف العادية أن تؤدى فقط إلى عتاب، يحدث مثله عشرات المرات، ثم تُستأنف بعدها الحياة الزوجية. السيدة سماح استوعبت مبكرا تلك التفاصيل، وأدركت أن كل زيجات حلمى السابقة (زواج على ورقة طلاق)، ووضعت خطتها لتتجنب الفصل الثانى، أو تجعل خسائرها فى الحدود الدنيا.
أسفرت هذه العلاقة عن ابنة (8 سنوات). أخذت كل ملامح أبيها، إنها بطلة الحكاية وأكثر إنسان على الجميع أن يسعوا لحمايته ماديا وأدبيا، ما الذى تتوقعه عندما تدرك مع الزمن أن أقرب الناس إليها بعد أبيها وأمها، شقيقها الوحيد هشام يتهم أمها بالإهمال الجسيم الذى أدرى إلى موت أبيها.
أرجو من هشام إغلاق هذه الصفحة تماما، حبا فى حلمى وتنفيذا لوصيته برعاية (ريهام حلمى بكر)، كان هو قبل ساعات قليلة شقيقها الوحيد، الآن صار أيضا أباها!.