توقيت القاهرة المحلي 19:11:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجيب محفوظ ملك التاريخ أم الابنة؟

  مصر اليوم -

نجيب محفوظ ملك التاريخ أم الابنة

بقلم:طارق الشناوي

لاحظ البعض تناقضاً بين ما يكتبه مباشرة كاتبنا الكبير نجيب محفوظ في الصحافة، أو يدلي به من أحاديث، وبين ما يمكن أن تجده في نسيج وثنايا أعماله الروائية من مواقف سياسية واجتماعية، سألوه أيهما يعبر بالضبط عن نجيب محفوظ؟ أجابهم العمل الفني هو الأصدق.
سيد الرواية العربية تميزت أعماله بالجرأة، وبعضها كانت تتردد بسبب جرأتها، بعض دور الصحف في نشرها، أو تدخل في صراع مباشر مع الدولة، مثلما حدث مع رواية «أولاد حارتنا»، التي أثارت غضب الأزهر، وأيضاً «ثرثرة فوق النيل»، التي دفعت الرجل الثاني في مصر خلال الستينيات، المشير عبد الحكيم عامر، إلى إصدار أمر باعتقاله، اعتبر أن الرواية تُعَرِّضْ به شخصياً، لولا تدخل الرئيس جمال عبد الناصر في اللحظات الأخيرة، لحمايته من بطش المشير.
الكثير من كتابات نجيب محفوظ قالت الكثير، الذي أثار مساحات من التأويل، إلا أنه كان يتدثر دائماً بسلاح الإبداع، الذي يمنحه القدرة أن يقول كل شيء، وفي الوقت نفسه لا تُمسك عليه أي شيء، فهو يضع درعاً واقياً، يبعده عن مرمى نيران السلطة.
مؤخراً، عثرت ابنته هدى والتي أطلق عليها أيضاً أديبنا الكبير اسم مطربته المفضلة (أم كلثوم)، قالت إنها وجدت في مكتبته مذكرات، أو بالأحرى يوميات بخط نجيب محفوظ، حيث كان يحرص على تدوينها، وذلك قبل محاولة الاعتداء عليه 14 أكتوبر (تشرين الأول) 1995.
قالت هدى إنها سوف تُقدم هذه المذكرات في كتاب بعنوان «أبي نجيب محفوظ»، ترد من خلاله على العديد مما وصفته بالافتراءات، التي نالت من نجيب محفوظ، وكانت صريحة جداً عندما أشارت إلى أنها سوف تنتقي منها ما تراه صالحاً للنشر، قطعاً هذه المذكرات كتبها أديبنا الكبير لنفسه وليست بالضرورة للتداول، كان فيها صريحاً ومباشراً، ومن المؤكد أنها تناولت العديد من الشخصيات والمواقف سلباً أو إيجاباً. إلا أن السؤال هل كان نجيب محفوظ سينشرها؟ وإذا كانت الإجابة هي نعم، فإن السؤال الثاني هل كان سينقحها أم لا؟ إجابتي أنه سيعيد صياغة بعضها، وقد يحجم عن نشر البعض الآخر، من يملك أن يتقمص روح نجيب محفوظ، معبراً عن قناعاته، هل هي فقط ابنته، أم عدد من الأدباء الذين اقتربوا منه ويعلمون بالضبط أين تتجه بوصلة أفكاره؟
نجيب محفوظ كان يميل بطبعه إلى عدم إثارة الزوابع، ولهذا مثلاً عندما منحه الرئيس الأسبق حسني مبارك «قلادة النيل»، التي من المفروض أنها مصنوعة من الذهب عيار 18. وذلك طبقاً للأوراق الرسمية، إلا أنها كانت في حقيقة الأمر مزيفة، وكما يطلقون عليها «ذهب قشرة»، تصنع من الفضة بينما فقط الغطاء من ذهب، اكتشفت ذلك زوجته السيدة عطية الله بعد أن تشككت، وذهبت بها إلى تاجر الذهب الذي تتعامل معه فأخبرها بالحقيقة، نجيب محفوظ آثر وقتها الصمت، بينما ابنته قبل نحو خمس سنوات فضحت المستور.
هناك مسافة بين ما كان يفعله الأب، وما يمكن أن تُقدم عليه ابنته، ومن المؤكد أنها في انتقائها لما يجوز نشره من المذكرات، سوف تُخضع الأمر لرؤيتها المطلقة.
هل نجيب محفوظ ملكاً خالصاً لابنته، أم أن الأمر يتجاوز هذه المرة وبالضرورة قوانين الميراث؟
الأستاذة هدى (أم كلثوم) ابنة أديبنا الكبير، اختلفت مع بعض الأدباء المقربين لنجيب محفوظ، واعتبرتهم متاجرين بأبيها، وتعطلت لغة الكلام بينها وبين عدد منهم، خاصة أن هناك من اتهمها منهم بالتزمت الديني.
المذكرات ليست قلادة ذهبية، قد نكتشف بعد كل هذه السنوات أنها مزيفة؟ أوراق أديبنا الكبير الشخصية، أهم وأبقى من ذلك بكثير، ولا يمكن أن يترك مصيرها فقط للابنة، إنه يا سادة تراث إنساني عالمي، ليس ملكاً لأحد حتى أقرب الناس إلى نجيب محفوظ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجيب محفوظ ملك التاريخ أم الابنة نجيب محفوظ ملك التاريخ أم الابنة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تؤكد هشام نزيه موسيقار عبقري ويستحق التكريم

GMT 09:07 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يعتدي على فتاة بالضرب بسبب صفّ السيارات في تكساس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon