بقلم: طارق الشناوي
فى أحد البرامج اتهمت نجمة صاعدة نجمة أخرى مخضرمة تحاول التشبث بآخر أمل لها فى البقاء كبطلة على الشاشة الصغيرة، الاتهام على بلاطة أن المخضرمة تدفع مبالغ طائلة للجيوش الإلكترونية من أجل تشويه نجاح الصاعدة وحددت الرقم وهوية الجيوش. (المخضرمة) اكتفت هذه المرة، وعلى غير عادتها، بالصمت، خاصة أن مسلسلها الأخير لم يحظ بأى نسبة مشاهدة، ورغم ذلك فانا أتصور، وطبقا لتركيبتها النفسية التى تميل للانتقام، أنها ستنتظر اللحظة المواتية حتى تنال من غريمتها، وتطلق عليها جيوش إلكترونية أكثر تدريبا وعنفا ودموية.
كان من السهل أن يتوقع المشاهدون اسم النجمة المتهمة لما بينهما من ماضٍ، وهكذا تشتعل (الميديا) ونترحم ونمصمص الشفاه على الماضى، الذى نراه دائما ناصع البياض، وكانت فيه قلوب الفنانين على رأى إبراهيم نصر (خصاية خضرة).
الحياة الفنية طوال التاريخ لم يكن لها أى علاقة بـ(الخص)، دائما شطة ملهلبة، تحمل مادة داخل قنينة مكتوبا عليها: خطر احذر قابلة للاشتعال.
طوال التاريخ ستكتشف أن جزءا معتبرا من الحكايات هو عبارة عن تجاوزات بين الفنانين، مثلا بين نجم صاعد وآخر من جيل أكبر يخشى على مكانته، أو بين نجمين من نفس الجيل، يتنافسان على الأدوار أو الأغنيات، والأصابع دائما على الزناد.
عندما تأكد صعود أم كلثوم فى النصف الثانى من عشرينيات القرن الماضى، وجهت (سلطانة الطرب) منيرة المهدية إليها كل الأسلحة، وعلى رأسها الاتهام فى الأعراض، وكادت أم كلثوم بعدها أن تشد الرحال لقريتها (طماى الزهايرة) وتعتزل الفن.
فى الصراع الحاد بين أم كلثوم وعبدالوهاب، أصدر مجلس نقابة الموسيقيين، الذى كانت ترأسه أم كلثوم، اتهاما لعبدالوهاب بإفساد الذوق الموسيقى الشرقى، بحجة أن فى موسيقاه إطلالة غربية تجرح شرقيتنا.
وفى أعقاب الانتخابات على منصب النقيب بين أم كلثوم وعبدالوهاب سألوا الشيخ زكريا أحمد لماذا منحت صوتك لأم كلثوم وضنيت به على رجل مثل عبدالوهاب؟ جاءت إجابته: (أم كلثوم بـ100 راجل)!، فى بداية مشوارى الصحفى سألت محمد الموجى: (متى تلحن لوردة) قال لى: (لما تطلق بليغ)!.
شهدت الحياة الفنية صراعات بين عادل إمام وأحمد زكى، ووصل الأمر إلى أنه عندما يذهب أحدهما للقاء وحيد حامد على مائدته فى الفندق الشهير وبمجرد أن يلمح الآخر قد سبقه إلى المائدة، يغير الواجهة ويغادر الفندق، لا أحد ينسى صراع عادل إمام ومحمود عبدالعزيز حول أحقية كل منهما بـ(رأفت الهجان)، ولا الصراع الذى كان يصل لحدود الدموية بين كل من نبيلة عبيد ونادية الجندى، والذى حال دون لقائهما معا فى أكثر من عمل فنى مثل مسلسل (ريا وسكينة)، كانتا الترشيح الأول قبل عبلة كامل وسمية الخشاب، وعندما التقيتا قبل بضع سنوات، فى مسلسل (سكر زيادة) ظلت بقايا النيران تحت الرماد، ما أسفر عنه المسلسل هو فقط توقف التراشق العلنى، لكن ما فى القلب فى القلب.
مع الزمن تكتشف أن الصحافة و(الميديا) بوجه عام هى المتهم رقم واحد، وهو ما شاهدناه قبل 50 عاما يتكرر، مثل جلسة الصلح التى تمت بين عبدالحليم حافظ وفريد الأطرش فى التليفزيون اللبنانى بإعلان كل منهما أن الصحافة هى التى أشعلت النيران، رغم أن أحاديث كل منهما التى كان يطعن فيها فى الآخر موثقة فى الأرشيف.
الحكاية ضاربة فى عمق الزمن، كانت ولاتزال نجوم تتصارع وصحافة (تشيل الليلة)!!.