توقيت القاهرة المحلي 03:51:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«السوشيال ميديا»... معصوبة العينين

  مصر اليوم -

«السوشيال ميديا» معصوبة العينين

بقلم: طارق الشناوي

أتابع عبر «النت» حالة من الاستنفار لفيلم أو مسلسل أو مسرحية لمجرد أن العنوان يحمل إيحاءً بأنه ضد ما توافقنا عليه من قناعات. آخر هذه السلسلة الممتدة من الأحكام المسبقة فيلم «الملحد»، لم يشاهده أحد - حتى كتابة هذه السطور - غير جهاز الرقابة المصرية التي وافقت على تداوله. كل من يعرف القواعد الرقابية المعمول بها في مصر، وأيضاً في العديد من الدول العربية، يدرك تماماً أنه من المستحيل السماح بعرض عمل فني يتعارض مع الأديان، كالعادة أخذنا كلمة عابرة من «البرومو»، وبدأت المطالبة بالمصادرة ثم انتقلت درجة أعلى للمطالبة بمقاطعة كل من شارك بالفيلم، واعتبروا أن أي ممثل وافق على أداء دوره هو عدو للإسلام، وأنه واحد من أفراد كتيبة المؤامرة الكونية التي يروج البعض لها في العديد من أجهزة الإعلام، على اعتبار أن الإسلام مستهدف في العالم، وننسى أن أغلب ما نراه عبر «الميديا» من ممارسات لجماعات متطرفة تعلن اعتناقها للإسلام هو الذي يلعب الدور الأكبر في النيل من الإسلام، وأننا لم نبذل أي جهد لتصحيح تلك الصورة.

أغلب الزملاء الذين يتواصلون معي من المنصات والفضائيات ويسألونني لكي أدلي برأيي عن الفيلم، يريدون سماع الإجابة التي يعتنقها معظمهم، وهي أن الفيلم يحمل إساءة للدين لمجرد أنه يناقش قضية الإلحاد؟

صار ما كنا نناقشه ببساطة قبل نحو قرن من الزمان مستحيلاً الاقتراب منه الآن.

أصدر مثلاً الكاتب إسماعيل أدهم عام 1937 كتاباً عنوانه «لماذا أنا ملحد؟»، رداً على محاضرة ألقاها الشاعر أحمد زكي أبو شادي مؤسس جماعة «أبولو» الشعرية الرومانسية الذي أكد فيها سر إيمانه بالألوهية، بعدها تم الرد على ولي الدين بكتاب عنوانه «لماذا أنا مؤمن»، ونقطة ومن أول السطر، والنتيجة أن الناس انحازت بعد هذا النقاش إلى الإيمان. ليست تلك هي «أم المشاكل»، ولكن في مثل هذه القضايا قطاع وافر ممن نطلق عليهم «النخبة»، رغم اعتراضي على هذا التوصيف، الذي يحمل تعالياً، بعض هؤلاء النخبويين يجدونها فرصة لتصفية الحسابات مع منافسيهم، يكتب أحدهم مثلاً كيف في بلد الأزهر الشريف يسمح بهذا الهراء، ولم يقل لنا أبداً كيف أيقن أن هذا هراء؟

أسوأ ما في هذه الحكاية المتكررة بتنويعات أخرى أن رواد «السوشيال ميديا»، أتحدث عن القطاع الأعلى صوتاً، وهو في العادة أكثر صخباً، لأنه يهتك الأعراض الشخصية والوطنية ببساطة مع من يخالفه الرأي، يمارسون هذه الموبقات الأخلاقية، بينما يرفعون في اللحظة نفسها، شعار الحفاظ على القيم الحميدة، تابع ردود الفعل، سوف تكتشف أنه كلما كان «البوست» يحمل تجاوزاً وجد من يتابعه محققاً «التريند»، فتش عن المثقفين، سوف تكتشف أنه قابعون في الخلف وبخيوط أشبه بتحريك عرائس «الماريونيت» يوجهون بطريقة غير مباشرة تلك الجوقة من معصوبي العينين، الذين صدقوا أن هناك هجمة مدبرة للنيل من الإسلام.

الخطر الذي يداهمنا أن هناك من يعتبر «السوشيال ميديا» معادلاً موضوعياً للرأي العام، وهي أبداً ليست كذلك، لا يعني ذلك أن نتجاهل وجودها أو تأثيرها، ولكن نضعها في سياقها الحقيقي، هي تعبر عن رأي بطبعه «زجزاجي» ومتغير، يعلو ويهبط في لحظات بلا أسباب موضوعية.

هذه الأصوات الزاعقة الدموية سلاح أسود أصبح البعض منا يمارسه ببساطة وأريحية وكأنه يلقي علينا تحية الصباح!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«السوشيال ميديا» معصوبة العينين «السوشيال ميديا» معصوبة العينين



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:15 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

أهم 3 نصائح لاختيار العباية في فصل الشتاء

GMT 02:22 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

"الزراعة" تؤكد البلاد على وشك الاكتفاء الذاتي من الدواجن

GMT 13:41 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو جديد لـ"طفل المرور" يسخر من رجل شرطة آخر

GMT 02:57 2020 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

رامى جمال يوجه رسالة لـ 2020

GMT 02:40 2020 السبت ,22 شباط / فبراير

المغني المصري رامي جمال يحرج زوجته على الملأ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon