توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجاة سيدة الضوء المسموع

  مصر اليوم -

نجاة سيدة الضوء المسموع

بقلم: طارق الشناوي

  منذ الخمسينيات وهى تقف على قمة الغناء العربى، على مدى نصف قرن لا تعرف نجاة، غير القمة، مهما واجهت من عواصف وأنواء وأمزجة وتيارات غنائية متعددة، الهمس هو أسلوبها فى الغناء وفى الحياة؛ ولهذا كانت تهمس إلينا فيصل صوتها شهاب نور قادمًا من السماء، بعد أن غادر موقعه بجوار النجوم.

ليست «نجاة» مجرد موهبة منحها الله صوتًا عبقريًّّا، أحاطت نجاة هذه الموهبة الربانية بذكاء فى الاختيار، لديها القدرة على انتقاء كلمات الأغانى بالعامية والفصحى، لو أنك مثلًا أحصيت عدد الأغنيات الفصحى التى رددها جيل «نجاة» مثل «وردة» و«شادية» و«فايزة» و«صباح» لاكتشفت أنهن جميعًا لم يتجاوزن فى القصائد المغناة عدد أصابع اليدين، بينما رصيد «نجاة» يصل إلى خمس عشرة قصيدة، منذ أن رددت للشاعر زكى الطويل والد الموسيقار كمال الطويل فى الخمسينيات (قل ادع الله إن يمسسك ضر)، وتتابعت بعد ذلك قصائدها لكامل الشناوى وسعاد الصباح، كان لنزار قبانى النصيب الأكبر منها.

«نجاة» و«عبدالحليم» وجهان لنفس العملة الغنائية، لا تبحث كثيرًا عن مساحات صوتية، إذا أردت كمال الصوت فأمامك «سعاد محمد» و«محمد قنديل» لا ينافسهما أحد، أما إذا أردت الإحساس فإن «نجاة» و«عبدالحليم» يصعدان للقمة، تملك «نجاة» من جمال الصوت أكثر مما تملك من كمال الصوت، ولا يوجد فى تاريخ الغناء العربى من استطاع أن يجمع بين الجمال والكمال سوى «أم كلثوم».

وتأتى بعد «أم كلثوم» فى المركز الثانى بمسافة «فايزة أحمد».. الأصوات الغنائية دائمًا ما يتنازعها إما الجمال الذى يفتح أمامها أجهزة استقبال الناس ومشاعرهم وآهات إعجابهم، أو الكمال الذى ندركه ونحصى درجاته بالعلم، «نجاة» امتلكت بمساحة صوتية محددة ولا أقول محدودة، تلك «الكاريزما»، التى يدعمها الجمال، إنها الجاذبية الخاصة التى تمنح للجمال حياة تضفى عليه شعاعًا من نور، لا تعرف بالضبط ما هو سرها ومفتاح شفرتها!.

مشوار «نجاة» الغنائى يقترب من 60 عامًا، بدأت منتصف الأربعينيات وهى طفلة تقف على كرسى حتى تطول الميكروفون، وتغنى لأم كلثوم عددًا من أغانيها مثل «يا ظالمنى» وتستمع لها بالصدفة «أم كلثوم» وتتوقع لهذه الطفلة مكانة مرموقة، ثم فى مطلع الخمسينيات يقدم لها «محمود الشريف» و«مأمون الشناوى» أول لحن خاص بها (أوصفولى الحب)، كان «مأمون الشناوى» يكتب عن مشاعر فتاة صغيرة فى مرحلة المراهقة تسأل عن الحب، بعد أشهر قلائل يتمكن «كمال الطويل» من أن ينطلق بها إلى ذروة جماهيرية مع كلمات «مأمون الشناوى» أيضًا فى (أسهر وأنشغل أنا).

حقق اللحن نجاحًا استثنائيًّا، ويكرر النجاح مع (ليه خلّتنى أحبك؟)، ثم يستوقف صوتها «محمد عبدالوهاب» ويقدم لها (كل ده كان ليه؟) أيضًا لمأمون الشناوى وبعد أن سجلتها بصوتها يغنيها «عبدالوهاب»، والناس تذكر عادة «كل ده كان ليه؟» بصوت عبدالوهاب، رغم أن مطربته الأولى هى «نجاة»، وبعد سنوات يواصل «عبدالوهاب» الطريق بـ«لا تكذبى»، «ساكن قصادى»، «أيظن»، «ألف أهواه» وغيرها، فهى و«عبدالحليم» كانا لهما النصيب الأكبر من ألحان «عبدالوهاب» فهما صوتان ينتميان «جينيًّا» للقبيلة الوهابية!.

الفنان الذى عانق القمة لا يمكن أن يغفر له جمهوره تنازله عن القمة، فابتعدت نجاة عن الغناء واحتفظت بالقمة، غنت قبل خمس سنوات (كل الكلام)، إلا أنها لا تعتبر عودة، فهى قد آثرت الانسحاب مكتفية بإشعاع صوتها الذى لا يخبو أبدًا.

وصف يومًا الكاتب والشاعر الكبير «كامل الشناوى» صوت «نجاة» قائلًا «إنه الضوء المسموع»، فهل رأيتم يومًا ضوءًا يعلن على الملأ وفى عز النهار اختفاءه، أمس كان عيد ميلادها، رغم أن كل أيام السنة تصلح لكى تصبح عيد ميلادها، نجاة تولد يوميًّا من جديد مع كل أغنية نعيد الاستماع إليها، وكأننا نسمعها لأول مرة!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجاة سيدة الضوء المسموع نجاة سيدة الضوء المسموع



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري

GMT 18:33 2017 الأربعاء ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ميا خليفة تحضر إلى لبنان في زيارة خاصة

GMT 14:47 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

الحضري على رأس قائمة النجوم لمواجهة الزمالك

GMT 11:13 2018 الأربعاء ,11 إبريل / نيسان

ما وراء كواليس عرض "دولتشي آند غابانا" في نيويورك
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon