توقيت القاهرة المحلي 13:08:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوجدان... ليست له قطع غيار

  مصر اليوم -

الوجدان ليست له قطع غيار

بقلم: طارق الشناوي

هل من الممكن أن يتدخل الذكاء الاصطناعي في الإبداع الفني، حيث إن كثيراً ما يؤكدون مثلاً أننا لم نعد بحاجة إلى كتّاب يملأون الصحف بمقالات، من الممكن - بكبسة ذر - أن تطلب من جهاز الكومبيوتر أن ينتحل شخصية الكاتب الكبير، وتزوده بعدد من مقالاته القديمة، ليلتقط مفرداته، وتطلب منه مثلاً أن يكتب مقالاً عما يجري الآن في فلسطين ولبنان، ويجيبك أيضاً عن سؤال المشهد الأخير للحل في بداية ولاية ترمب؟ وقبل أن تكمل الجملة، سوف يأتي إليك المقال عليه توقيعك.

شاهدت حواراً قبل نحو 45 عاماً، بين الموسيقار محمد الموجي والإعلامي طارق حبيب، حيث طلب طارق من الموجي أن يقدم لحنه الشهير الذي غناه عبد الحليم منتصف الخمسينات «يا قلبي خبي»، بصوته على العود، بعد ذلك يتخيّل أن هذا اللحن، لو قدم بإيقاع غربي كيف يكون الحال، وماذا لو أعطيت هذه الكلمات مثلاً للملحن الكلاسيكي الشيخ زكريا أحمد كيف يتم أداؤه؟

وهو ما سبق أن قدمه قبل نحو 70 عاماً الملحن الموهوب منير مراد، حيث تخيل رائعة عبد الوهاب «لأ مش أنا اللي أبكي» بتلحين فريد الأطرش ومحمد فوزي وكمال الطويل، وبالفعل قدم كل من الموجي ومنير ألحاناً تشبه روح هؤلاء الكبار، استعادوا من مخزونهم القديم، مفرداتهم.

استمعنا مؤخراً إلى صوت يشبه أم كلثوم، وكلمات تحاكي أشعار أحمد رامي، وموسيقى تنتحل صفة ملحن أم كلثوم الأثير رياض السنباطي، تكتشف أن كل ما يتردد في أسماعنا تنطبق عليه أداة التشبيه «كأن».

فهو كما يبدو جيد الصنع كأنه الأصلي، إلا أنه ليس أصلياً، يظل في المعادلة شيء ناقص، اسمه الوجدان، لا يمكن انتحاله... نعم قدمت سيمفونيات جديدة لعدد من كبار الموسيقيين الراحلين، اتكأ عمقها الإبداعي على أرشيف كل منهم لاستعادة روحهم، وهو ما ينطبق مثلاً على كل الكبار في كل المجالات، حيث من الممكن مثلاً أن تقرأ الآن قصيدة بالفصحى منسوبة لنزار قباني، وأخرى بالعامية المصرية عليها توقيع «الفاجومي» أحمد فؤاد نجم.

حتى في حياتهما، بين الحين والآخر، كنا نجد أعمالاً ممهورة باسميهما، وهما آخر من يعلم.

الشخصيات الفنية التي لها ملامح صارخة، تملك جاذبية للتقليد، والمحاكاة، ولهذا كان الشاعران الكبيران، ولا يزالان بعد الرحيل، هدفاً للتقليد.

هل نخشى الزمن ونرفض كل ما يقدمه لنا؟ قطعاً لا، من يخاصم الزمن يجد نفسه خارج رقعة الحياة، إلا أن الآلة لا يمكن أن تصبح بديلاً لنا، في كل تفاصيل الحياة، وتحديداً الإبداع.

في الماضي مثلاً كانت الفرقة الموسيقية تسجل اللحن كاملاً في الاستوديو مع المطرب، قبل نحو 40 عاماً، بات من الممكن أن تسجل الآلات الموسيقية منفردة، ثم يتم مزج صوت المطرب بعدها.

ربما كانت أغنية «من غير ليه»، آخر ما غنى الموسيقار محمد عبد الوهاب بصوته هي أشهرها.

تم انتزاعها من بروفة قديمة، أجراها عبد الوهاب بصوته أثناء تحفيظه اللحن لعبد الحليم، قبل رحيل العندليب ببضعة أشهر، وبرغم أن تلك الحيلة تمت بأسلوب بدائي، فإن الكثيرين وقتها عام 1989 اعتقدوا أنه صوت عبد الوهاب وليس قبل نحو 14 عاماً.

لو تصورنا أن الآلة انتحلت صوت وموسيقى عبد الوهاب في أغنية حديثة وتم تداولها، مؤكد سنكتشف «كأنه عبد الوهاب»، تنقصه لمحة خاصة اسمها «الوجدان»، ومن المستحيل أن تستنسخه، أو تعثر له على قطع غيار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجدان ليست له قطع غيار الوجدان ليست له قطع غيار



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 08:53 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon