بقلم: طارق الشناوي
كل يوم نجد أنفسنا على موعد مع واقعة جديدة تدعونا إلى أن نكون على حذر، إذا أخذنا أخبارًا أو صورًا أو معلومات عن مواقع التواصل.
وكان المستشار الألمانى أولاف شولتز قد أطلق تحذيرًا إلى الذين يتعاملون مع هذه المواقع، فقال وهو يتحدث مع موقع تى أونلاين الإلكترونى الإخبارى، إن خبرًا إذا صح فى أى موقع تواصل، فإن عشرة أخبار عليه فى المقابل سوف لا تكون صحيحة، وأن معلومة واحدة إذا كانت دقيقة على أى موقع تواصل أيضًا، فإن عشر معلومات فى المقابل سوف تخلو من الدقة.
ومن ساعات كان الرئيس الجزائرى عبدالمجيد تبون يتحدث فى مؤتمر انتخابى فى مدينة قسنطينة شرق البلاد، فقال إن جيش بلاده جاهز بمجرد فتح الحدود بين مصر وغزة.
وبسرعة كانت مواقع التواصل تتداول كلامه بهذا المعنى فقط، وكانت تضيف من عندها أن الجزائر تريد إحراج مصر، وأن الجزائريين جاهزون للذهاب إلى حرب مع الإسرائيليين، وأن قطاع غزة سوف يكون ميدان هذه الحرب!
والذين نقلوا الخبر عن الرئيس تبون وتناقلوه قد فعلوا ذلك على طريقة الذين يقولون «ولا تقربوا الصلاة»، ثم لا يكملون الآية الكريمة إلى آخرها. وبالطبع فإن قراءة الآية على هذه الطريقة تقلب معناها من النقيض إلى النقيض.
فالرئيس الجزائرى قال بالفعل ما أشرت إليه حالًا، ولكنه أضاف فى الخطاب نفسه أن جيش بلاده مستعد لبناء ٣ مستشفيات فى غزة خلال ٢٠ يومًا، ومستعد لإرسال مئات الأطباء، ومستعد لإعادة بناء ما دمره الصهاينة. وهكذا، فالرجل رغم موقف الجزائر الحازم والحاسم تجاه إسرائيل لم يكن يتكلم عن حرب معها ولا عن قتال، ولكنه كان يشير إلى دور إنسانى كبير سوف ينهض به الجيش الجزائرى بمجرد فتح معبر رفح.
وليس سرًا أن المعبر مغلق حاليًا من جانبه الفلسطينى، لأن إسرائيل سيطرت عليه وطردت الغزاويين منه، مع أن هناك اتفاقية دولية للمعابر تحكم العمل فيه، ولا تعطى إسرائيل أى حق فى إدارته فضلًا عن السيطرة عليه.. وليس سرًا أيضًا أن القاهرة لا تفاصل فى جلاء الإسرائيليين عن المعبر وإعادته لأصحابه دون إبطاء، ولا تساوم فى خروج إسرائيل من محور صلاح الدين الشهير بمحور فيلادلفيا دون تلكؤ.
لا تساوم المحروسة فى الأمرين معًا ولا تفاصل.. ولكن مواقع التواصل تقلب الآية، وتصور ما بين مصر والجزائر من علاقات راسخة على غير حقيقتها، فاحذروها ولا تأخذوا عنها إلا ما يتأكد صوابه، ودقته، وصحته.. فلم يكن المستشار شولتز يتوقع أن يتأكد تحذيره لنا بهذه السرعة.