توقيت القاهرة المحلي 23:57:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رقابة على (حد السيف)!

  مصر اليوم -

رقابة على حد السيف

بقلم: طارق الشناوي

تتحرك الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، التى أسسها القس صموئيل حبيب، ويترأسها القس أندريه زكى إسطفانوس، بقدر كبير من الرحابة الفكرية وهى تناقش قضايا المجتمع، بكل أطيافها. أمس الأول شاركت فى ندوة نظمتها الهيئة بعنوان (الفن ودوره فى بناء الجمهورية الجديدة)، أدارها الكاتب المرموق د. خالد منتصر، وشارك فيها د. طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب.
قلت فى كلمتى: علينا إدراك تلك المعادلة التى تتحرك فيها الرقابة على المصنفات الفنية، واقفة على حد السيف، داخل المنظومة الثلاثية: مواطن ودولة ومبدع.

الرقابة تريد عادة فك (الشفرة) بين الثلاثة، وغالبًا يزداد خوف الرقيب، ويختار أسهل وأسوأ حل عندما يتعامل مع عمل فنى، يقترب ولو من بعيد لبعيد لما دأبنا على وصفه بـ(المسكوت عنه)، على الفور يهرب من المأزق قائلًا: (لا تعليق)، فهو لا يوافق ولا يرفض، بل يزايد على المواطن وعلى الدولة فى زيادة جرعة التوجس، ويترك المساحة الرمادية، هى التى تسيطر على المشهد، وهكذا تتراكم السيناريوهات غير المجازة رقابيًا فى الدرج.

قلت فى الندوة إن الرقيب هو حلقة الوصل بين المبدع والشعب، السؤال هو: كيف يستوعب الرقيب المتغيرات، وكيف يتعامل مع النص؟ وضربت مثلًا بالكاتب الكبير نجيب محفوظ، الذى شغل موقع رئيس الرقابة، عندما وجد أمامه تقريرًا بمصادرة أغنية (يا مصطفى يا مصطفى)، لأن الرقيب وجد فيها دعوة للهتاف لمصطفى باشا النحاس والمطالبة بعودته هو وحزب الوفد لحكم البلاد، كنا وقتها عام 1959 والنحاس باشا على قيد الحياة، مر سبع سنوات على ثورة 23 يوليو 52، وفى الأغنية مقطع مباشر (سبع سنين فى العطارين/ وانت حبيبى يا مصطفى)، وأمسك الرقيب بجسم الجريمة (سبع سنين)، وسخر منه نجيب محفوظ قائلًا: (يعنى لو أذيعت الأغنية العام القادم فى الاحتفال الثامن بالثورة نقدمها بلا حساسية)، وأجاز «محفوظ» الأغنية على مسؤوليته الشخصية.

روى لى المستشار الراحل مصطفى درويش، وكان يشغل موقع الرقيب عام 1970، عندما تقدم المخرج شادى عبدالسلام بسيناريو (المومياء)، كان التقرير المبدئى بالرفض بسبب قراءة خاطئة للنص، تشير إلى أنه يدعو ضمنيًا بالعودة إلى مصر الفرعونية والكفر بالعروبة، البعض بعد الهزيمة بدأ يستشعر أن العالم العربى لم يقف مع مصر بعد نكسة 67 ووجدوا الحل فى العودة إلى أصلنا الفرعونى، وإنكار عروبتنا، وطلب عدد من المثقفين بسبب تلك القراءة المتعسفة برفض السيناريو، إلا أن الرقيب العاشق للسينما تحمل على مسؤوليته إجازة السيناريو الذى ساهمت مؤسسة السينما فى إنتاجه، وصار مع الأيام هو أفضل فيلم عربى وذلك طبقًا للاستفتاء الذى أجراه مهرجان (دبى) عام 2013، لو استسلم الرقيب لتلك القراءة أخذًا بالأحوط، لخسرنا (المومياء) الذى وصفه المخرج العالمى مارتن سكورسيزى قائلًا: (شادى عبدالسلام وضع بهذا الفيلم أبجدية خاصة للغة السينمائية المصرية).

كلنا نعلم العديد من المحاذير والمحظورات التى تُكبل الموظف داخل هذا الجهاز الحساس، مثلًا عندما تُصبح بصدد تقديم عمل فنى به شخصية قبطى، وهكذا مثلًا تعثر فى الماضى، سيناريو فيلم (لا مؤاخذة) الذى كتبه عمرو سلامة، لأن بطل الفيلم يلتحق بمدرسة ابتدائية حكومية، يعتقد الطلبة والمدرسون أنه مسلم، وهو يخفى ديانته.

الحساسية ربما يراها البعض متعلقة بالمسلمين فقط، إلا أن الحقيقة هى أن المسلمين والأقباط لدى كل منهم تحفظ ما، عندما يتم تناول شخصية درامية قبطية حيث ينظر أولًا لخانة الديانة، ويتناسى الجميع أنهم مصريون أولًا.

تم التصريح قبل بضعة أعوام بـ(لا مؤاخذة)، بعد حذف عدد من اللقطات، بينما تعنتت الرقابة ولاتزال مع سيناريو فيلم (شرط المحبة) للكاتبة والمخرجة هالة خليل، لن تجد أبدًا أى قرار ولو حتى بالرفض، فقط سيقول لك الرقيب: (لا تعليق)، وعليك أنت أن تضع التعليق المناسب.

الحلقة المتوسطة بين المبدع والجمهور، أقصد الرقابة تحتاج لرؤية مرنة فى التعامل مع الحياة، ولا أقول فقط الفن، تطبيق القواعد الصماء، بدون استيعاب للفكرة العامة التى يحملها العمل، تحتاج إلى رقيب أكثر رحابة وأبعد نظرًا!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رقابة على حد السيف رقابة على حد السيف



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 23:46 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم
  مصر اليوم - انتعاشة فنية لـ حنان مطاوع بـ 3 مسلسلات وفيلم

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع

GMT 01:08 2020 الأحد ,19 تموز / يوليو

طريقة عمل الشكشوكة التونسية

GMT 22:12 2020 الأحد ,21 حزيران / يونيو

أستون فيلا ينهار في ١١٤ ثانية أمام تشيلسي

GMT 23:30 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

السودان تسجل 215 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon