توقيت القاهرة المحلي 14:39:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

انفلات تحميه «الكاريزما»!

  مصر اليوم -

انفلات تحميه «الكاريزما»

بقلم: طارق الشناوي

فن التعامل مع الإعلام واحد من الأسلحة التى يجيدها البعض، ويخفق فيها الآخرون، فنان يجيد تسويق نفسه، وفنان متخصص فى (تسويىء) نفسه، متى وأين وكيف ومَن ولماذا، إنها أدوات الاستفهام الخمس أو (الشقيقات الخمس)، كما درسناها فى سنة أولى كلية الإعلام، على كل فنان فى كل موقف أن يحدد إجابته.

شخصية المبدع تلعب دورًا محوريًا فى تحديد مسيرته، لدينا شخصيات تتمتع بـ(كاريزما) وقبول طاغ، تخلق لنفسها جسورا شخصية بينها وبين الجمهور، وأخرى لا يعنيها أبدا هذا الأمر ولا تفكر فيه، ولا تمتلك أيضا أدواته.

لديكم مثلا يوسف شاهين، حالة خاصة، كان يصنع لنفسه سياجا واقيا يحميه من النقد، عن طريق تصدير شخصية ذهنية للرأى العام بأنه منفلت، مسموح له أحيانا بهامش من التجاوز اللفظى لا يتاح لآخرين، شاهدته فى أكثر من حوار مع بعض الشخصيات الرسمية، يكسر تلك الحالة من الانضباط اللفظى والحركى، وتتعدد الكلمات والإشارات الخارجة عن اللياقة.. تحليلى أنه يتعمد ذلك، إلا أنه يفعلها بحرفة حتى تبدو كأنها تلقائية، فلا يحاسبه أحد.

فى سنواته الأخيرة أصدر صفوت الشريف، ومن بعده أنس الفقى، وزيرا الإعلام، قرارا بعدم استضافته على الهواء خوفا من انفلاته، يوسف كان قادرا على أن يكسب تعاطف الجمهور، كما أنه صاحب الكاريزما، ولا ينفى ذلك قطعا موهبته، شخصية يوسف شاهين لعبت دورا محوريا فى تسويق إبداعه، نجح فى أن يصدر للإعلام أن أعماله الفنية عصية على الفهم مليئة بالأبعاد والتراكيب، وتحتاج إلى قدرات خاصة للاستيعاب، عدد من معاصريه كرروا ذلك، مثل المخرج الكبير حسن الإمام عندما يسألونه عن أفلام صديقه يوسف شاهين يقول لهم ساخرا: «حلوة لكنها تحتاج لفهّامة».

الانطباع العام أنك لو شاهدت فيلما عليه توقيعه ولم تفهم ما هو المغزى لتلك الشخصية أو هذا الموقف، أو لم تهضم جملة حوار، عليك أن تتهم نفسك أولا بالغباء، لأنه من المستحيل أن يطول اتهامك المخرج. بينما الحقيقة أن أفلامه على المستوى الفكرى- أتحدث عن القسط الأكبر منها- تقع فى إطار المباشرة، وأحيانا الفجاجة، بل يتجاوز بعضها حدود السذاجة.

سر إبداع يوسف شاهين الحقيقى، أستطيع أن أراه فى الحالة الجمالية التى يقدم بها لقطات أفلامه، أيضا فى التكوين الدرامى، فى الإيقاع الموسيقى الذى يسيطر على الأداء الحركى لممثليه وتأتى بعد ذلك الأفكار، بل هى نقطة ضعفه.

هل الحضور أبدى، يظل ملاصقا للشخصية؟ التجربة أثبتت أنه مع الزمن من الممكن أن يخفت، ولا تجد تفسيرا منطقيا مقنعا، ربما تعثر على بعض أسباب، وليس كل الأسباب، لماذا هذا المذيع مثلا حقق كل هذا النجاح، رغم أن المذيع المنافس له أكثر ثقافة ووسامة؟ وهو ما ينطبق أيضا على المطربين والممثلين، ستكتشف أنه أيضا الحضور.

الإبداع نفسه قد يتلاشى بلا أسباب موضوعية، الموسيقار محمد القصبجى بعد أن توقفت أم كلثوم عن الغناء له، كان يقول إما أننى أقدم ألحانا متقدمة فنيا فتخشى منها أم كلثوم، أو أن أم كلثوم هى التى سبقتنى إبداعيا، فأصبحت خارج الزمن.

قال لى الموسيقار كمال الطويل إنه سأله (يا أستاذنا هل أم كلثوم ترفض ألحانك؟) أجابه: عندما أمسك بالعود وأبحث عن نغمة، أجد أمامى غمامة سوداء تحول دون أن ألتقط شيئا.

لم يتمتع القصبجى بكاريزما شخصية، ورحل وهو حزين لأنه عندما اقترب من التكريم بترشيحه لجائزة الدولة التقديرية، تم منحها للموسيقار الأشهر محمد عبدالوهاب، ولم تحتفظ له الذاكرة البصرية الشعبية سوى بتلك الصورة الثابتة، رجل عجوز يمسك بالعود خلف الست فى فرقتها الموسيقية متيما بها، رغم أنه بعد سيد درويش كان هو إمام المجددين!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انفلات تحميه «الكاريزما» انفلات تحميه «الكاريزما»



GMT 09:33 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 08:36 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مجدي يعقوب والعطاء على مشارف التسعين

GMT 07:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 07:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

عند الصباح

GMT 07:57 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 07:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 07:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 07:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:52 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية
  مصر اليوم - ميس حمدان تصرح الظهور كضيفة شرف لا ينتقص من مكانتي الفنية

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 00:03 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بايدن يُكرم ميسي بأعلى وسام في أمريكا

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 13:37 2020 الأحد ,24 أيار / مايو

الفيفا يهدد الرجاء المغربي بعقوبة قاسية

GMT 12:48 2020 الثلاثاء ,19 أيار / مايو

أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 19 مايو

GMT 16:51 2020 الثلاثاء ,31 آذار/ مارس

إصابة طبيب رافق بوتين في جولة "فيروس كورونا"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon