توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

(مليحة).. وبراعة الاستهلال!!

  مصر اليوم -

مليحة وبراعة الاستهلال

بقلم - طارق الشناوي

حقق مسلسل (مليحة) للمخرج عمرو عرفة، أعلى درجات كثافة المشاهدة في النصف الثانى من رمضان، وكأنه قرأ مشاعرنا في هذا التوقيت، الذي نريد فيه استيعاب التاريخ، حتى نعثر على إجابة على هذا السؤال: لماذا تلك الدموية وكل هذا العنف والسادية الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، لتحقيق هذا السيناريو البغيض، المشهد الأخير فيه، والذى تسعى إسرائيل لتحقيقه هو الإبادة العرقية مع ضمان استمرار صمت العالم على المجزرة؟.. أتقن المخرج الإمساك بسلاح (براعة الاستهلال)، وامتلك المشاعر منذ تقديم (التتر).

علاقة إسرائيل بالسينما بدأت قبل أكثر من 100 عام، اعتمدت هذا السلاح (السينما الصامتة) قبل دخول الصوت، من أجل التمهيد لاحتلال فلسطين كوطن بديل قالوا عنه إنه أرض الميعاد، وقدموا للعالم أساطير مختلقة، تؤكد أن تلك الأرض العربية، أرضهم. يعزف هذا المسلسل- الذي لم أر منه عند كتابة هذه الكلمة سوى ثلاث حلقات- على مشاعرنا وجراحنا، وتبدأ الحكاية بصوت الراوى (الجد) سامى مغاورى من ليبيا الذي يرد على أحفاده وهم يشاهدون ما يجرى بسرد الحكاية دراميا، إلا أنها تذهب إلى عمق التاريخ، ويقينا سوف تصل بنا إلى ما بعد 7 أكتوبر.

الأحداث تنطلق على الحدود المصرية الليبية وتكتمل في تداعياتها، وهى تروى التاريخ، وكل حقبة زمنية تقدم لنا إجابة على الأسئلة، كيف ومن ولماذا ومتى وأين، أصعب ما يواجه الكاتب هو أسلوب الحكى، كيف تقدم المعلومة التاريخية، ولا تشعر في نفس الوقت المتلقى بثقل المعلومة، وهذا هو بالضبط ما نجحت الكاتبة الموهوبة رشا عزت الجزار في تقديمه، فهى لا تسعى لكى تقدم لنا درسا في التاريخ.

المسلسل كسر حاجز اللهجة الواحدة وهو ما يحسب للمخرج، اللهجات المصرية والفلسطينية والأردنية مزيج من الممثلين؛ من مصر ميرفت أمين ودياب وأشرف زكى وحنان سليمان وعلى الطيب وأمير المصرى ومروة أنور ومن فلسطين سيرين خاص تؤدى دور مليحة ومن الأردن أمور خليل ورحاب الشناط وديانا رحمة ومروان عايش وغيرهم.

البداية الذكية جدا، والقادرة على أن تضعنا جميعا على الخط مع هذا المسلسل هي (التتر) الغنائى، على طريقة (الترويدة) الفلسطينية المرتبطة في الضمير الجمعى بمقاومة الاحتلال الإسرائيلى، وهى أساسا كلمات لا تستطيع إسرائيل فهمها بسهولة، أقرب إلى شفرة ولكن الفرقة الموسيقية مع أصالة تقدم المعنى وفى النهاية تستمع إلى هذه الشطرة الغنائية (يا صاحب الأرض اعتصم/ فالأرض عرض المتقين)، لتصبح امتدادا لتتر البداية والنهاية فهما نسيج واحد.

المسلسل في هذا التوقيت ننتظره بقدر ما نحتاج إليه، وسوف يتقدم خطوات أكثر لمشاعر الجمهور العربى بقدرته على تقديم الحقيقة التي تستند إلى وثيقة، المخرج عمرو عرفه استعان أيضا بوحدة ثانية يقودها شقيقه المخرج الكبير شريف عرفة، وهذا الاختيار يمنحنى قدرا كبيرا من الاطمئنان على حالة المسلسل.

هناك دقة في تقديم التفاصيل، انتقلت الكاميرا إلى قلب الأحداث، عندما مزجت الدموية الإسرائيلية في الماضى والحاضر.

أولى علامات النجاح تجدها مع بداية (الميديا) الإسرائيلية في الإحساس بالخطر، بدأت كعادتها الصحافة الإسرائيلية بالتشكيك، رغم أنه لم يصل بعد إلى أحداث 7 أكتوبر، ولكنهم استشعروا مبكرا قدرة هذا المسلسل على التأثير.

لم تكن المرة الأولى التي تقدم فيها الدراما العربية الصراع العربى الإسرائيلى، العديد من الأفلام الفلسطينية والسورية والمصرية تناولت هذا الصراع المصيرى وفضحت التعنت الإسرائيلى، ولكن ما عايشناه بعد 7 أكتوبر هو الحافز لكى تتسع الدائرة ونعرف بالضبط خطورة وأهمية هذا السلاح الذي نمتلكه، وقلما نستشعر بقدرته الهائلة على التأثير، عندما يسكن الوجدان مثل (مليحة)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مليحة وبراعة الاستهلال مليحة وبراعة الاستهلال



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon