توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«جولدا» يغزو العالم!

  مصر اليوم -

«جولدا» يغزو العالم

بقلم: طارق الشناوي

  هل يكفى أن نعلنها صريحة مجلجلة أن الفيلم البريطانى (جولدا) الذى بدأ قبل أسبوعين عرضه العالمى، يزيف التاريخ، ويحيل هزيمة إسرائيل فى 73 إلى انتصار مدوٍّ؟!.

الفيلم شاهدته فى قسم (البانوراما) بمهرجان (برلين) فبراير الماضى، محققًا ضجة إعلامية، إخراج نيكولاس مارتن وبطولة هيلين ميرين الفنانة المبدعة الحائزة من قبل على أوسكار، قطعًا سنملأ الفضاء غضبًا وشجبًا، وبعدها سينتهى دورنا فى مواجهة رسالة الفيلم.

الشريط السينمائى يقلب الحقائق، معتبرًا انتصارنا كعرب فى أكتوبر 73 تحقق فقط فى الأيام الأولى للحرب، بعدها انقلبت الموازين، والجيش الإسرائيلى بعد اختراقه الثغرة صار منتصرًا، وهو ترويج خاطئ لأكذوبة، ولم تكن الأولى، ولا أتصورها الأخيرة.

إسرائيل أدركت جيدًا وقبل أكثر من مائة عام، أى قبل قيامها كدولة، خطورة هذا السلاح، عرفت أهمية السينما واستخدمتها فى التمهيد لاحتلال الأرض من قبل حتى (وعد بلفور) آرثر بلفور 1917 وزير الخارجية البريطانى، لإقامة وطن لإسرائيل.

اكتفينا نحن بأغانٍ نرددها فيما بيننا مثل (أخى جاوز الظالمون المدى / فحق الجهاد وحق الفدا) لعلى محمود طه، تلحين وغناء عبدالوهاب، فى عام 1960 واصل بن جوريون، مؤسس الدولة العبرية، استخدام سلاح السينما، وساهم فى إنجاز فيلم (إكسودس) بطولة بول نيومان وحصد الأوسكار.

بين الحين والآخر يقدمون أفلامًا تتحدث عن رغبتهم فى السلام مثل (زيارة الفرقة الموسيقية) 2007 الذى عرض فى مهرجان (كان)، حاولوا اختراق أكثر من مهرجان عربى، وقدموا فى المشهد الأخير عناقًا بين العلمين المصرى والإسرائيلى، وتداخلت موسيقى النشيدين الوطنيين، لا أنكر أنهم يعلنون دائمًا عن رغبتهم فى السلام، بينما الممارسات على الأرض تؤكد أنهم لا يجيدون سوى الاغتصاب والقتل والدمار.

حتى فى فيلم (جولدا) أسهبوا فى تقديم مشاهد تسجيلية لمفاوضات السلام بين الرئيس الراحل أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن، وحضرت جانبًا منها جولدا مائير، ولثقلها التاريخى شاركت فى الجلسات الختامية، وتضاحكت كثيرًا مع السادات، أنهى الفيلم البريطانى مشاهده بحمام سلام مقتولًا على الأرض، وكأنهم يريدون السلام، بينما نحن الذين نسفك الدماء.

كان الرئيس أنور السادات مولعًا بالفن عمومًا والسينما تحديدًا، حتى إنه فى 23 يوليو 1952 ليلة قيام الثورة، ذهب لدار عرض قريبة من منزله، مع السيدة جيهان السادات، ورغم ذلك فإنه بدافع حرصه على السرية المطلقة، لم يسمح بتواجد كاميرات فى بداية حرب العبور، وكل ما نشاهده فى الأفلام لقطات أعيد تصويرها بعد ذلك.

قال لى عمر الشريف الذى ربطته صداقة مع السادات إن الرئيس الأسبق طلب منه الإشراف على إنتاج فيلم عن أكتوبر، ورصد له ميزانية مفتوحة، وافق عمر، إلا أنه بعد ذلك تراجع، وقال لى لن يحاسبوا أحدًا غيرى، وسوف أجد نفسى لو فشل الفيلم تحت مرمى نيران الغضب، بينما لو نجح سيقولون برافو (يا سادات)، لا أستطيع الحديث عن النوايا وأنا موقن منها، ربما خشى مثلًا عمر الشريف من اللوبى الصهيونى، لأنهم قطعًا سيقاطعونه، أكرر أن هذا مجرد تفسير خاص لتراجع عمر عن الإشراف على إنتاج الفيلم.

مع الأسف أفلامنا المصرية عن أكتوبر التى صورناها بعد الحرب مباشرة، توصيفها الصحيح أنها أفلام تجارية، علينا أن نسارع بالدخول إلى ميدان السينما العالمية، الرؤية المتداولة عن حرب 73 لصالح إسرائيل، لم نستطع حتى الآن مخاطبة العالم لتصحيحها، بدلًا من تبديد طاقتنا فى شجب فيلم مثل (جولدا)، ولكن ماذا بعد؟!.

فى أكتوبر القادم سنحتفل بمرور نصف قرن (اليوبيل الذهبى) على انتصارنا، وفى نفس الوقت إخفاقنا فى تقديم فيلم يقول للعالم إننا حقًّا انتصرنا، المطلوب فيلم عالمى، على غرار (عمر المختار) و(الرسالة) وليس فيلمًا عربيًّا يشاهده العرب ويصفق له العرب!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«جولدا» يغزو العالم «جولدا» يغزو العالم



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء

GMT 10:26 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

" لفات الحجاب" الأمثل لصاحبات الوجه الطويل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon