توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أنغام... «بسبوسة تغني بسبوسة»

  مصر اليوم -

أنغام «بسبوسة تغني بسبوسة»

بقلم: طارق الشناوي

في منتصف الثمانينات اتصل الموسيقار محمد علي سليمان بالأب الروحي لقبيلة الموسيقيين العرب محمد عبد الوهاب، يستأذنه أن تعيد ابنته أنغام غناء أغنية شادية الشهيرة «بسبوسة».
رحب موسيقار الأجيال كعادته بأي جديد، انتظاراً ما ستسفر عنه التجربة، وبعد أن استمع إليها، قال منتشياً: «بسبوسة تغني بسبوسة». تبدو أنغام كأنها حلقة وصل بين زمن قديم أمسكت وهي طفلة بأخريات أيامه، فكانت هي آخر معالمه، وزمن جديد كانت هي واحدة من أهم من شَكَّلَ معالمه.
أنغام تعيش كل تفاصيل حالة الأغنية، حيث تتوافق مع الصوت نظرة العين وحركة الجسد، لا تتعمد ذلك، ولا تقصده، تمتلك فيضاً من مفردات التعبير، التي تحمل أبجدية خاصة، تسهم مع الصوت في أن تجعل المتلقي يحلق مع سحر الأغنية.
أقام لها «موسم الرياض»، قبل أيام ليلة غنائية ممتدة تجاوزت خمس ساعات، حملت عنوان «صوت مصر»، طبعاً سوف تتذكرون شادية التي حملت هذا اللقب في سبعينات القرن الماضي، بعد أن غنت قبل انتصار أكتوبر (تشرين الأول) «يا حبيبتي يا مصر»، التي لا تزال تتردد مع كل حدث يعيشه الوطن.
بين شادية وأنغام الطفلة، صورة مشتركة في عيد ميلادها، عندما علمت مصادفة من الملحن محمد علي سليمان أنه سيحتفل بعيد ميلاد ابنته، فقررت أن تفاجئه بالحضور، ونشرت أنغام قبل سنوات تلك الصورة، معتزة بأنها بجوار فنانة شكلت ذاكرة وطن.
أنغام جديرة باللقب الذي يعني ضمناً أن تتحمل تبعات المسؤولية لتصبح العنوان، الفيلم التسجيلي الذي قُدم عنها، اسمه أيضاً «صوت مصر». إنها من أكثر الفنانين في هذا الزمن، سعياً وراء الابتعاد عن تلك المهاترات الفضائية، التي تشبه الرمال الناعمة، إذا انزلقت إحدى قدميك في خطوة، فلن تستطيع إنقاذ الثانية، لتصل مسرعاً للسفح.
هذا الزمن لم يعد يوفر لأحد خصوصية، وصرنا جميعاً تحت مرمى نيران «السوشيال ميديا»، التي تقتات على كل ما هو شخصي، وتحاول انتهاكه بكل الأسلحة. أنغام تغلق كل الأبواب المفتوحة، وحتى «الموارب» منها، ليظل الحديث عن المطربة هو فقط المباح.
الصمت في مثل هذه الأمور هو الفضيلة الغائبة، التي مع الأسف هجرها القطاع الأكبر من الشخصيات العامة في هذا الزمن الصاخب.
تعلمت أن البداية هي الكلمة، ففي مشوارها ستكتشف أنها تغني المعنى قبل منطوق الكلمة، البداية كاحتراف مع أغنية كتبها أحد شعراء الزمن الذي دأبنا أن نطلق عليه صفة «جميل»، الراحل صلاح فايز، اختارت قصة عشناها جميعاً في مرحلة المراهقة، في انتظار من لا يأتي «في الركن البعيد الهادي»، واستمرت المسيرة مع عدد كبير من شعراء الأغنية، حتى وصلنا إلى أمير طعيمة، الذي ينتمي بمفرداته إلى هذا الزمن «الروِش»، الكلمة لديه تتدثر بنبض شاعري، مثل أغنية «حالة خاصة»، التي تقول كلماتها: «أنا وأنت يا حبيبي حالة خاصة جداً... مش موجودة فعلاً».
ببساطة وانسياب تبدو الكلمة بين مفردات حياتنا العادية، إلا أنها تفيض بوهج شعري كامن، كما أنه ينسج دائماً حالة درامية «حدوتة».
أن يصبح الصوت ملهماً للشاعر، لا يعني أنه يعيش حالة حب، مثل تلك التي ربطت مثلاً بين أحمد رامي وأم كلثوم، مع أمير طعيمة أرى أنه يلتقط تفاصيل تشبه أنغام، ويعيشها كحالة إبداعية.
«في الركن البعيد الهادي» البداية، ولا تزال أنغام تسكن «في الركن البعيد الهادي»، لترسل لنا فقط، إبداعاً يسكن قلوبنا، وتظل كما قال عنها عبد الوهاب «بسبوسة تغني بسبوسة!».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أنغام «بسبوسة تغني بسبوسة» أنغام «بسبوسة تغني بسبوسة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب

GMT 11:48 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

هاشتاج أمينة خليل يشعل مواقع التواصل الاجتماعي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon