توقيت القاهرة المحلي 06:25:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدنيا تتغير.. والأبجدية اختلفت.. ولانزال نسأل عن الهدف!

  مصر اليوم -

الدنيا تتغير والأبجدية اختلفت ولانزال نسأل عن الهدف

بقلم - طارق الشناوي

ما الذي صار يجذب لجان التحكيم، وقبلها لجان الاختيار، لتفضيل فيلم عن آخر للمشاركة في المهرجان، ثم بعدها اقتناص الجائزة؟!.. إنها اللغة المقدم بها الفيلم، وهكذا حصل فيلم (مثلث الحزن) للمخرج السويدى روبن أوستلوند على السعفة مجددًا بعد خمس سنوات، ليدخل ضمن قائمة محدودة اقتنصت الجائزة مرتين طوال تاريخ المهرجان. البعض يبحث عن المغزى الذي ينبغى أن يحمله العمل الفنى، ولا أدرى ما سر إضافة ينبغى، فلا توجد حتمية في الفن، ولكننا عادة نبحث ونتوقف أمام الفحوى.

الشريط ظاهريًا يفضح تناقضات المجتمع بين فاحشى الثراء وطبقة المكافحين، ولا أقول الفقراء.. وهكذا تجمعهم سفينة أو يخت فاخر مترامى الأطراف.. (تيتانيك) للمخرج جيمس كاميرون هو أول ما يتبادر إلى ذهنك كخط عام، حيث حمل الفيلم معنى مباشرًا لصراع الطبقات، استحوذ الأثرياء في (تيتانيك) على كل فرص النجاة، بينما العمق هو الحب والتضحية، وهو ما منحه كل هذا الزمن من البقاء، بينما المخرج روبن أوستلوند في (مثلث الحزن) قدم وجهًا مغايرًا لتلك المباشرة، و(المثلث) الذي يعنيه هو قسوة الحزن واكتمال عناصره، ورغم ذلك كانت الطرفة حاضرة في سياق عدد من اللقطات لتخفيف الوطأة.

تتغير لغة السينما كل حقبة زمنية، ويحاول عدد من المبدعين في بلادنا المُلاحقة، بينما الأغلبية لا يزالون محلك سر، لم يحدّثوا بعدْ أدواتهم الفنية.. كثيرًا ما يسألون لماذا ترفضنا مهرجانات السينما العالمية ولا ترحب بأفلامنا؟ والإجابة التي صارت مثل السلاح سريع الطلقات الذي يوجهونه للمهرجانات الدولية أنهم يرفضوننا لأسباب سياسية.

راجع قليلًا معى الأفلام المصرية التي شاركت في مهرجانات «كان» أو «برلين» أو «فينيسيا» خلال السنوات الأخيرة، ستكتشف أن السر في اللغة العصرية التي حملها الشريط.

أفلام مثل (اشتباك) محمد دياب و(يوم الدين) أبوبكر شوقى، و(سعاد) أيتن أمين، و(ريش) عمر زهيرى، ما الذي يجمعها؟.. مساحات الفراغ التي تعنى الجزء المشترك بين صانع العمل الفنى والجمهور، الشريط السينمائى لا يقول كل شىء، مساحات صمت تكملها أنت كمتلقٍ، بينما نجد بعض المخرجين كل طاقاتهم مبددة في عرض الفيلم (كعب داير) على المهرجانات وعادة بعد الرفض لا يعترف أبدا بأنه يقدم لغة سينمائية تجاوزها الزمن، التجربة أيضا أكدت لى أن بعض المخرجين فقدوا حتى الشغف بمشاهدة الأفلام، يفضلون سهرات المهرجان على أفلامه.

(مثلث الحزن) كخط درامى عام هما عارضان للأزياء، بينهما علاقة عاطفية، نتعرف عليهما في لقاء تليفزيونى، هما حبيبان حققا قدرًا من الشهرة، الفيلم ليس على الموضة والأزياء ولا عن المناوشات بين حبيبين في مقتبل الحياة، ولا هو أيضا كما يبدو للوهلة الأولى يتعرض للمجتمع المخملى، ولكنه يضعك بعد مشاهدته في دائرة أسئلة عامة عن علاقتك أنت بالحياة.

ونكمل حكاية الفيلم.. الحبيبان ينتقلان إلى يخت ضخم، لم يقدم المخرج، وهو أيضا كاتب السيناريو، كيف انتقلا لليخت الذي تجد فيه الأثرياء يحتلون أغلب الغرف والأجنحة ومظاهر الثراء تتجاوز كل الخيال، لماذا لم يقدم لك كمتفرج إجابة لسؤال كيف انتقلا لليخت؟، لأنك كمتلقٍ لديك أكثر من إجابة، ولن تفرق معك.

أسلوب (تاتا.. تاتا خطى العتبة) في السرد السينمائى لم يعد له وجود حاليًا إلا لدى عدد من مخرجينا، والقاعدة هي ألا تضيع الوقت في تفسير ما هو مفسر في السياق العام.

عشاء فاخر على شرف القبطان، يبدو مكانا لائقا لفضح الطبقة الثرية، بأسلوب ساخر حيث تبدأ السفينة في الغرق، وتنفجر في لحظات كل قدرتها على المقاومة وبينما القبطان السكير لا يتوقف عن الهذيان، نصل مثل أغلب تلك المعادلات السينمائية المشابهة إلى الجزيرة التي تنقذ من تبقى على قيد الحياة، عندها تتبدل ملامح القوة والسيطرة.. من يملك المفتاح: هل من تجيد الصيد من البحر حتى تطعم الجميع أم من تملك الماء أو السلاح؟.

ما هو مطلوب من الفيلم ليس تقديم إجابات كما تعودنا ولا حتى إثارة أسئلة مُلحة، ولكن أن تخرج من العرض وأنت محمّل بطاقة يفرضها عليك الشريط السينمائى، والعديد من التفاصيل تترك دائما هامشًا آخر من التفاصيل.

ونرى حرفية المخرج في القدرة على الضبط، إنه الميزان السحرى، مثلًا مشهد التقيؤ الجماعى مع بداية الإحساس بدوار البحر على السفينة، أو تفجُّر دورات المياه لتخرج ما بها إلى ردهات السفينة.. تفاصيل متعددة من الصعب التعامل بها ببساطة دون أن تصيبك كمتلقٍ بالنفور، إلا أن المخرج كان يدرك بالضبط أين يتدخل المونتاج لتصل الرسالة دون إزعاج أو في الحدود الدُّنيا بأقل جرعة ممكنة من الإزعاج.

هناك العديد من الأفكار التي طرحها الفيلم، مثل انتقاد قائد السفينة السكير الذي لا يدرك خطورة ما ينتظر الركاب من دمار، وأيضا السلطة والقوة ومن يحكم، ولكن يبقى أنه يفتح الباب للتفكير، لا تعنيه الإجابات، وهو غير مطالب بأن يقدم لك كل شىء (على بياض)، عليك أنت أيضا واجب.

استحق المخرج السويدى روبن استولوند السعفة الثانية في مشواره لينضم إلى كل من الأخوين (داردين) وكين لوتش، وهو إنجاز خلال 75 دورة حققه ثلاثة فقط من المخرجين، وهو ما سيظل حتمًا في الذاكرة لمثلث الحزن الذي صار مثلثًا للإبداع في اليوبيل الماسى لمهرجان (كان)!!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدنيا تتغير والأبجدية اختلفت ولانزال نسأل عن الهدف الدنيا تتغير والأبجدية اختلفت ولانزال نسأل عن الهدف



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon