بقلم:طارق الشناوي
بعيدًا عن شخصنة القضية بين أحمد زكى وخيرى بشارة، ومن هو صاحب اقتراح قصة شعر (كابوريا)، وأضيف لها أيضًا مؤخرًا الساعة التى يخلعها أحمد زكى فى فيلم (زوجة رجل مهم) أثناء إجرائه تحقيقًا، هل هى من أفكار أحمد أم المخرج محمد خان؟ لا تنتظر منى أو غيرى إجابة قاطعة.
علينا أن نذهب إلى دائرة أوسع لتلك القضية الرمادية، هناك مساحة ملتبسة بين إبداع المخرج فى توجيه الممثل وإبداع الممثل وفهمه للشخصية، وستجدها أيضًا فى توجيه الملحن للمطرب بأداء الأغنية واللمسة الخاصة للمطرب على اللحن.
سألت المخرج عاطف الطيب عن الفارق بين نور الشريف وأحمد زكى وهما أكثر نجمين اشتعلا إبداعيًّا على خريطته؟ قال لى: نور يصل بالشخصية الدرامية إلى الذروة، وأحمد زكى يذهب بها أبعد من تلك الذروة.
لن أدخل فى المعركة المفتعلة الآن على (السوشيال ميديا) بين طرف يؤيد أحمد وآخر يرى أنه ينسب لنفسه تفاصيل لم تحدث، المؤكد أن هناك إضافة لأحمد فى كل شخصية يؤديها، وهو ما ينطبق على فاتن حمامة وعادل إمام وعادل أدهم ومحمود المليجى وتوفيق الدقن وفريد شوقى وإسماعيل ياسين ونور الشريف ومحمود عبد العزيز، والقائمة مؤكد تتسع للمزيد ومن كل الأجيال.
فى فيلم (أفواه وأرانب) قالت الراحلة رجاء حسين إن فاتن حمامة اعترضت على الجلباب الذى كانت ترتديه رجاء، وجدته غير ملائم للشخصية وأرجأت التصوير لليوم الثانى، الفيلم إخراج هنرى بركات والجلباب لرجاء، فما بالكم لو كانت فاتن؟!.
وبمناسبة فاتن أيضًا فى فيلم (أرض الأحلام) كانت هى صاحبة الاقتراح بتلك اللثغة بحرف الراء فى أداء الشخصية الدرامية ولم يكن فى البداية المخرج داوود عبد السيد متحمسًا، وجدها تتعارض مع الشخصية من الناحية العمرية والنفسية، أجابته فاتن: (كريمة لثغة أيضًا فى الراء إيه المشكلة؟!)، كانت تقصد الكاتبة الصحفية الكبيرة كريمة كمال زوجة داوود الذى اقتنع بوجهة نظر فاتن.
المخرج صلاح أبوسيف هو أفضل من يمنح الممثل الدور الذى يفجر طاقته، إلا أنه فى نفس الوقت يترك له مساحة كبيرة فى تفسير أداء الشخصية وتقديم اللزمات الخاصة بها على عكس، مثلًا، حسن الإمام ويوسف شاهين وعاطف سالم وحسين كمال، يتدخلون فى تلك التفاصيل، ورغم ذلك قال نور الشريف إنه فى فيلم (حدوتة مصرية) الذى يروى جانبًا من حياة شاهين أقنعه بإعادة تصوير مشاهد من الفيلم لأنه كان يقلد فيها يوسف شاهين الذى وافق على وجهة نظر نور.
هل يعتقد أحد أن أم كلثوم تلتزم بالضبط وفى كل إعادة (للكوبليه) بوجهة نظر الملحن، أم أنها من البديهى أن تتدخل فى طريقة الأداء؟ هل تابعتم بروفات (قارئة الفنجان) على (اليوتيوب) التى كان يحضرها ملحن القصيدة محمد الموجى، بينما صوت عبدالحليم هو الذى يعلو فى توجيه الفرقة، وفى بروفات أخرى لأغانٍ تلحين بليغ حمدى، نرى عبدالحليم يضع كل اللمسات على اللحن، وبليغ أساسًا ليس متواجدًا فى البروفة.
أذكركم بعازف الناى سيد سالم فى فرقة (أم كلثوم) عندما بدأ السلطنة أثناء أداء (صولو) منفرد للناى فى أغنية (بعيد عنك)، وفاجأ حتى أم كلثوم وهى على المسرح بهذا الإبداع الخاص، واستحسنت أم كلثوم الإضافة ووجدنا الجمهور فى حالة نشوة.
تحذير.. هذا المقال لا يفسر بأى حال على أنه تعضيد لرواية أى طرف بشارة أم خان أم أحمد، الحقيقة غابت مع غياب بعض أبطالها!.