توقيت القاهرة المحلي 23:57:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغرفة رقم 49

  مصر اليوم -

الغرفة رقم 49

بقلم:طارق الشناوي

الحكاية بدأت كحة خفيفة، قالت لي صديقتي المخرجة ونحن في اجتماع تابع لإحدى لجان وزارة الثقافة: (كحتك مش عاجباني)، تجاهلت المعنى تماماً الذي تشير إليه، إلا أنها أضافت: (أنا تعافيت قبل أربعة أشهر من كورونا، وبقولك كحتك صعبة)، قلت مع نفسي، هو أنا مثلاً الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان دائم (النحنحة) فبل الغناء لأنه يتوجس خيفة من احتمال غياب صوته، هي ترى أن كحتي صارت نشازاً.
أول خط دفاع غالباً هو الإنكار، وهو أسوأ اختيار من الممكن أن يؤدى إلى نتائج وخيمة جداً، أمضيت يومين مستنداً إلى بقاء حاستي الشم والتذوق في عز قوتهما، وهو ثاني قرار كارثي، الفيروس قد تسلل وبدأ رحلة الغزو، طلب أحد الأطباء الأصدقاء، إجراء تحليل دم عدة أنواع ولم أنفذ بالإيقاع المطلوب، خسرت يومين، ثبت (كوفيد بتحليل الدم) ثم أشعة مقطعية، بدأت معركة المضادات الحيوية، بينما الفيروس يوجه ضرباته، وأجريت مقطعية ثانية بعد أن قال الطبيب بضرورة نقلي إلى المستشفى لهبوط الأكسجين، المقطعية الثانية أشارت إلى صعوبة الموقف.
سمعتهم يقولون الغرقة رقم 49، أول ما أنتظره للتفاؤل عند الإقامة في أحد الفنادق هو رقم الغرفة 7 أو مشتقاته، الرقم بعيد تماماً عن تحقيق هذا الهدف، ثاني اختبار لي في حكاية الرقم جمعهما، (يا داهية دقي) الرقم إذن 13.
ربما في فندق أو على مائدة عشاء ممكن التغيير، ولكن في العزل ليس من حق أحد أساساً السؤال، تسكين الإنسان في المستشفي يتم في ثوانٍ ويغلق بعدها الباب.
خسرت الضربة الأولى، بعد أن نزع الرقم من قلبي أي شيء له علاقة بالتفاؤل.
على الفور أجريت الأشعة المقطعية الثانية داخل الجهاز الحديدي، أصوات إيقاع مزعج، وتلمح وجهاً ضاحكاً داخل الجهاز، لا أعرف بالضبط، ما الحكمة وراء كل ذلك، أكدت المقطعية الثانية أن الضربة فوق المتوسط، وتمت زيادة جرعات الدواء المضاد لهذا المتوغل.
شعرت بنيران الحريق، في صدري، ارتديت ماسك أكسجين خوفاً من تناقص الرقم عن الحد الأدنى 95، سمعت ممرضة كانت تعتقد أني نائم تدعو: (ربنا يشفيك ويعافيك)، كان صوتها في تلك اللحظة أحلى مليون مرة من كاظم الساهر وهو يردد (سلامتك من الآه)، المقطعية الثالثة أشارت إلى أن هناك استجابة فورية للعلاج، وأن الأمل اقترب، بين كل ذلك كنت أخشى من شيء واحد، ضياع التواصل مع الدنيا خارج العزل، الهاجس سقوط (النت) وفقدان الشاحن هو الكابوس، أتابع الأخبار بينما عشرات من دعوات اللقاء عبر الهواء أو للتسجيل من قنوات مصرية وعربية عن دراما رمضان، تأتي لي أعتذر عنها كلها طبعاً.
داخل العزل كأنك في معتقل، وعلى البعد أستمع إلى أنات المرضى، وأشعر بالضبط كأنها آلامي، الروح تسمو والجسد يئن.
أعظم تجربة في الألم هي الشفافية، لا أتمنى الألم لأحد، حتى من يحمل بداخل قلبه كراهية شخصية لي، أتمنى ألا يتألم. أنا حالياً في منزلي، مرحلة كما قال لي الأطباء استعادة اللياقة، الوقت قد يطول أسبوعين أكثر أو أقل، لا أملك إجابة قاطعة... ما أعرفه يقيناً أنني تسامحت وتصالحت، وأمسكت النجوم في يدي!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغرفة رقم 49 الغرفة رقم 49



GMT 12:21 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

التشكيل المنتظر امتحان حسان الأول

GMT 09:37 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

تفّوق إسرائيل التقني منذ 1967

GMT 09:34 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

قد يرن «البيجر» ولا يُجيب

GMT 09:29 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

لبنان... الرأي قبل شجاعة الشجعان

GMT 09:28 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

معضلة الحل في السودان!

GMT 09:25 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

الكشف عن مقبرة مطربي الإله آمون

GMT 09:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

مذاق الأيام المتبقية من عُمر السباق

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 10:57 2020 الإثنين ,07 كانون الأول / ديسمبر

فوائد لا تصدق لقشور جوز الصنوبر

GMT 08:53 2020 الثلاثاء ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة زوجة محمد صلاح بفيروس كورونا

GMT 08:15 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

"حبيب نورمحمدوف" إنجازات رياضية استثنائية وإرث مثير للجدل

GMT 08:45 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

القصة الكاملة لمرض الإعلامية بسمة وهبة الغامض

GMT 07:16 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الدواجن في مصر اليوم الإثنين 19 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 09:50 2020 السبت ,10 تشرين الأول / أكتوبر

شقيقان بالإسكندرية يعانيان من مرض جلدى نادر

GMT 23:35 2020 الأربعاء ,16 أيلول / سبتمبر

بورصة تونس تقفل التعاملات على تراجع
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon