توقيت القاهرة المحلي 20:20:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغرفة رقم 49

  مصر اليوم -

الغرفة رقم 49

بقلم:طارق الشناوي

الحكاية بدأت كحة خفيفة، قالت لي صديقتي المخرجة ونحن في اجتماع تابع لإحدى لجان وزارة الثقافة: (كحتك مش عاجباني)، تجاهلت المعنى تماماً الذي تشير إليه، إلا أنها أضافت: (أنا تعافيت قبل أربعة أشهر من كورونا، وبقولك كحتك صعبة)، قلت مع نفسي، هو أنا مثلاً الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان دائم (النحنحة) فبل الغناء لأنه يتوجس خيفة من احتمال غياب صوته، هي ترى أن كحتي صارت نشازاً.
أول خط دفاع غالباً هو الإنكار، وهو أسوأ اختيار من الممكن أن يؤدى إلى نتائج وخيمة جداً، أمضيت يومين مستنداً إلى بقاء حاستي الشم والتذوق في عز قوتهما، وهو ثاني قرار كارثي، الفيروس قد تسلل وبدأ رحلة الغزو، طلب أحد الأطباء الأصدقاء، إجراء تحليل دم عدة أنواع ولم أنفذ بالإيقاع المطلوب، خسرت يومين، ثبت (كوفيد بتحليل الدم) ثم أشعة مقطعية، بدأت معركة المضادات الحيوية، بينما الفيروس يوجه ضرباته، وأجريت مقطعية ثانية بعد أن قال الطبيب بضرورة نقلي إلى المستشفى لهبوط الأكسجين، المقطعية الثانية أشارت إلى صعوبة الموقف.
سمعتهم يقولون الغرقة رقم 49، أول ما أنتظره للتفاؤل عند الإقامة في أحد الفنادق هو رقم الغرفة 7 أو مشتقاته، الرقم بعيد تماماً عن تحقيق هذا الهدف، ثاني اختبار لي في حكاية الرقم جمعهما، (يا داهية دقي) الرقم إذن 13.
ربما في فندق أو على مائدة عشاء ممكن التغيير، ولكن في العزل ليس من حق أحد أساساً السؤال، تسكين الإنسان في المستشفي يتم في ثوانٍ ويغلق بعدها الباب.
خسرت الضربة الأولى، بعد أن نزع الرقم من قلبي أي شيء له علاقة بالتفاؤل.
على الفور أجريت الأشعة المقطعية الثانية داخل الجهاز الحديدي، أصوات إيقاع مزعج، وتلمح وجهاً ضاحكاً داخل الجهاز، لا أعرف بالضبط، ما الحكمة وراء كل ذلك، أكدت المقطعية الثانية أن الضربة فوق المتوسط، وتمت زيادة جرعات الدواء المضاد لهذا المتوغل.
شعرت بنيران الحريق، في صدري، ارتديت ماسك أكسجين خوفاً من تناقص الرقم عن الحد الأدنى 95، سمعت ممرضة كانت تعتقد أني نائم تدعو: (ربنا يشفيك ويعافيك)، كان صوتها في تلك اللحظة أحلى مليون مرة من كاظم الساهر وهو يردد (سلامتك من الآه)، المقطعية الثالثة أشارت إلى أن هناك استجابة فورية للعلاج، وأن الأمل اقترب، بين كل ذلك كنت أخشى من شيء واحد، ضياع التواصل مع الدنيا خارج العزل، الهاجس سقوط (النت) وفقدان الشاحن هو الكابوس، أتابع الأخبار بينما عشرات من دعوات اللقاء عبر الهواء أو للتسجيل من قنوات مصرية وعربية عن دراما رمضان، تأتي لي أعتذر عنها كلها طبعاً.
داخل العزل كأنك في معتقل، وعلى البعد أستمع إلى أنات المرضى، وأشعر بالضبط كأنها آلامي، الروح تسمو والجسد يئن.
أعظم تجربة في الألم هي الشفافية، لا أتمنى الألم لأحد، حتى من يحمل بداخل قلبه كراهية شخصية لي، أتمنى ألا يتألم. أنا حالياً في منزلي، مرحلة كما قال لي الأطباء استعادة اللياقة، الوقت قد يطول أسبوعين أكثر أو أقل، لا أملك إجابة قاطعة... ما أعرفه يقيناً أنني تسامحت وتصالحت، وأمسكت النجوم في يدي!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغرفة رقم 49 الغرفة رقم 49



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon