توقيت القاهرة المحلي 22:02:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغرفة رقم 49

  مصر اليوم -

الغرفة رقم 49

بقلم:طارق الشناوي

الحكاية بدأت كحة خفيفة، قالت لي صديقتي المخرجة ونحن في اجتماع تابع لإحدى لجان وزارة الثقافة: (كحتك مش عاجباني)، تجاهلت المعنى تماماً الذي تشير إليه، إلا أنها أضافت: (أنا تعافيت قبل أربعة أشهر من كورونا، وبقولك كحتك صعبة)، قلت مع نفسي، هو أنا مثلاً الموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان دائم (النحنحة) فبل الغناء لأنه يتوجس خيفة من احتمال غياب صوته، هي ترى أن كحتي صارت نشازاً.
أول خط دفاع غالباً هو الإنكار، وهو أسوأ اختيار من الممكن أن يؤدى إلى نتائج وخيمة جداً، أمضيت يومين مستنداً إلى بقاء حاستي الشم والتذوق في عز قوتهما، وهو ثاني قرار كارثي، الفيروس قد تسلل وبدأ رحلة الغزو، طلب أحد الأطباء الأصدقاء، إجراء تحليل دم عدة أنواع ولم أنفذ بالإيقاع المطلوب، خسرت يومين، ثبت (كوفيد بتحليل الدم) ثم أشعة مقطعية، بدأت معركة المضادات الحيوية، بينما الفيروس يوجه ضرباته، وأجريت مقطعية ثانية بعد أن قال الطبيب بضرورة نقلي إلى المستشفى لهبوط الأكسجين، المقطعية الثانية أشارت إلى صعوبة الموقف.
سمعتهم يقولون الغرقة رقم 49، أول ما أنتظره للتفاؤل عند الإقامة في أحد الفنادق هو رقم الغرفة 7 أو مشتقاته، الرقم بعيد تماماً عن تحقيق هذا الهدف، ثاني اختبار لي في حكاية الرقم جمعهما، (يا داهية دقي) الرقم إذن 13.
ربما في فندق أو على مائدة عشاء ممكن التغيير، ولكن في العزل ليس من حق أحد أساساً السؤال، تسكين الإنسان في المستشفي يتم في ثوانٍ ويغلق بعدها الباب.
خسرت الضربة الأولى، بعد أن نزع الرقم من قلبي أي شيء له علاقة بالتفاؤل.
على الفور أجريت الأشعة المقطعية الثانية داخل الجهاز الحديدي، أصوات إيقاع مزعج، وتلمح وجهاً ضاحكاً داخل الجهاز، لا أعرف بالضبط، ما الحكمة وراء كل ذلك، أكدت المقطعية الثانية أن الضربة فوق المتوسط، وتمت زيادة جرعات الدواء المضاد لهذا المتوغل.
شعرت بنيران الحريق، في صدري، ارتديت ماسك أكسجين خوفاً من تناقص الرقم عن الحد الأدنى 95، سمعت ممرضة كانت تعتقد أني نائم تدعو: (ربنا يشفيك ويعافيك)، كان صوتها في تلك اللحظة أحلى مليون مرة من كاظم الساهر وهو يردد (سلامتك من الآه)، المقطعية الثالثة أشارت إلى أن هناك استجابة فورية للعلاج، وأن الأمل اقترب، بين كل ذلك كنت أخشى من شيء واحد، ضياع التواصل مع الدنيا خارج العزل، الهاجس سقوط (النت) وفقدان الشاحن هو الكابوس، أتابع الأخبار بينما عشرات من دعوات اللقاء عبر الهواء أو للتسجيل من قنوات مصرية وعربية عن دراما رمضان، تأتي لي أعتذر عنها كلها طبعاً.
داخل العزل كأنك في معتقل، وعلى البعد أستمع إلى أنات المرضى، وأشعر بالضبط كأنها آلامي، الروح تسمو والجسد يئن.
أعظم تجربة في الألم هي الشفافية، لا أتمنى الألم لأحد، حتى من يحمل بداخل قلبه كراهية شخصية لي، أتمنى ألا يتألم. أنا حالياً في منزلي، مرحلة كما قال لي الأطباء استعادة اللياقة، الوقت قد يطول أسبوعين أكثر أو أقل، لا أملك إجابة قاطعة... ما أعرفه يقيناً أنني تسامحت وتصالحت، وأمسكت النجوم في يدي!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغرفة رقم 49 الغرفة رقم 49



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon