برغم الضغوط التى تنهال على كل من محمد سامى، كاتب ومخرج (جعفر العمدة)، وبطل العمل محمد رمضان بتقديم جزء ثان، فأنا أعتقد أن ذكاءهما سيحول دون الاستسلام لتلك الفكرة التى تبدو نظريا مضمونة النجاح.
عندما يرتفع منسوب التوقع تفقد أهم سلاح فى علاقة العمل الفنى مع الجمهور وهو إثارة الدهشة، الشريط الذى لا يثير بداخلك هذا الإحساس، ووقوده هو ترقب لأحداث يخسر مؤكد ضربة البداية.
أتذكر قبل نحو ثلاث سنوات الكل تحدث عن جزء ثان من مسلسل (بـ100 وش) بطولة نيللى كريم وآسر ياسين، وهناك من اقترح أن تعود المخرجة كاملة أبوذكرى للسينما من خلال هذه الفكرة مضمونة النجاح، واقعيا غابت كاملة عن السينما والتليفزيون عاما جديدا ثم عادت للشاشة الصغيرة مع (بطلوع الروح)، بعد أن غيرت البوصلة 180 درجة.
على مدى ربع قرن ونحن نتابع أخبار الجزء الثانى من فيلم (صعيدى فى الجامعة الأمريكية)، هنيدى يؤكد حماسه للمشروع والكاتب مدحت العدل لا ينفى أن الأمر جاد وأنه بصدد البحث عن فكرة.
الواقع يؤكد استحالة أن يجتمع كل هؤلاء الأبطال مجددا، الكل يعترف بأنهم حققوا النجاح الجماهيرى تحت مظلة محمد هنيدى عام 1998 فهو صاحب المشروع واسمه تصدر (التترات) و(الأفيشات)، ولكن هل يقبل أحمد السقا ومنى زكى وطارق لطفى وغادة عادل وهانى رمزى وفتحى عبدالوهاب أن يعودوا فى نفس المساحات؟.
المؤكد أنك ستتابع على صفحات الجرائد والمواقع كلمات ترحيب بالفكرة من الجميع، وأنهم يشرفهم الوقوف مجددا خلف هنيدى، هذا هو الوجه النظرى من الحكاية، بينما العملى شىء آخر، الكل سوف يتوقف أمام مساحته فى الدراما، وأيضا نصيبه فى الأجر، هذا لو افترضنا جدلا أن مدحت العدل وجد بالفعل الفكرة التى ينسج من خلالها السيناريو.
لديكم مثلا فيلم (غبى منه فيه)، يكمل العشرين عاما بعد عام واحد، وهو أكثر أفلام هانى رمزى نجاحا فى دور العرض، والمخرج رامى إمام متحمس جدا، لتقديم جزء ثان، هل هى فكرة مضمونة النجاح؟ هانى تغير ومكانته عند جمهور السينما كورقة رابحة لم تعد فى صدارة المشهد، كما أننا فقدنا من شاركاه البطولة حسن حسنى وطلعت زكريا، ولا بديل لهما.
دائما فى مثل هذه المعادلات لدينا التاريخ والجغرافيا، نتعامل فقط مع اللحظة الراهنة التى تشير إلى موقع النجم على الخريطة، وهى الجغرافيا، إنه العنصر الحاسم فى المعادلة الفنية، بينما التاريخ يظل فى الكتاب.
قال أحد المخرجين مؤخرا، فى حوار تليفزيونى، طالما أن العمل الفنى لم ينته بموت الأبطال على الشاشة، إذن فما الذى يمنع من تقديم جزء ثان، ولو بأبطال آخرين؟.
أغلب الأعمال الدرامية، حتى أفلام الكوارث، لا تنتهى عادة بموت الجميع، وهى بهذا المعيار من الممكن أن تتحمل جزءا ثانيا، تخيلوا (بداية ونهاية) قصة نجيب محفوظ وإخراج صلاح أبوسيف تنتظر باقى الحكاية، لأن الأحداث لم تنته بموت كل الأبطال.
عندما يجد الفنان أن الحاضر لا يحمل الكثير من التفاؤل، يحاول إعادة تنشيط ذاكرة الجمهور بالذى مضى، إلا أن الناس فى العادة تردد على طريقة ليلى مراد (كان فعل ماض ما تسيبه ف حاله).
تابعنا مثلا كيف أن محاولة صناعة جزء سادس من (ليالى الحلمية)، قبل خمس سنوات، باءت بالفشل الذريع، أتذكر جيدا أن يحيى الفخرانى أراد التوقف عند الرابع، ولكن بسبب إلحاح الكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ وافق عام 1995 على التواجد فى مساحة أقرب إلى ضيف شرف فى دور (سليم البدرى).
وبديهى عند تقديم السادس اعتذر، ومن مثلوا أدوارهم مجددا مثل صفية العمرى وهشام سليم وإلهام شاهين أعلنوا ندمهم. (الشعبطة) فى قطار النجاح أول طريق الفشل!!.