بقلم - طارق الشناوي
لا تتوقف عائلة الموسيقار الكبير محمد الموجى عن إنجاب الموهوبين، إنهم أقرب إلى قبيلة، وليسوا فقط عائلة تحمل (جينات) الموهبة، وصلنا للجيل الثالث، وتكتشف أن هناك أكثر من ملحن موهوب وعازف استثنائى وموزع موسيقى يشار له بالبنان، ينتمى للموجى أو لزوجة الموجى (أم أمين) لأنهما أبناء عم وأبناء خالة، وهى الميزة الوحيدة لزواج الأقارب الذى من الممكن بنسبة ضئيلة أن يؤكد الصفات الإيجابية.
الموجى بدأ حياته العملية نهاية الأربعينيات، متمثلا الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، عالمه كله موسيقى فى موسيقى، وليس صدفة أن بناته الثلاث ألحان وأنغام وغنوة تتحول أسماؤهن الثلاثية، إلى جملة تشير إليه، ألحان محمد الموجى، غنوة محمد الموجى، أنغام محمد الموجى.
ليلة (موسم الرياض) التى انتهت فعالياتها نحو الرابعة من فجر أمس (الجمعة) لا يمكن أن نعتبرها مجرد حفل ضخم توجهت إليه الجماهير العربية، العديد من فقراته صارت هى التريند على مواقع (السوشيال ميديا)، سيبقى فى الذاكرة أصوات مثل شيرين وأنغام وصابر الرباعى ومى فاروق وعبادى الجوهر وماجد المهندس والمطربة الشابة السعودية زينة عماد التى أبدعت فى (يا امه القمر ع الباب).
الأغنية لا أعتقد أن اختيارها جاء عشوائيا، من رئيس هيئة الترفيه (أبوناصر) المستشار تركى آل الشيخ، عندما رددتها فايزة أحمد نهاية الخمسينيات هوجمت بضراوة، وفى أكثر من دولة عربية منعت إذاعتها بدعوى أنها تغالى فى الدفاع عن حق الفتاة بإعلان مشاعرها (يا أمه اعملى معروف / ما عدش فيها كسوف / قومى افتحى له الباب).
المرأة السعودية صارت تتبوأ الآن أعلى المناصب بعد أن كان الطموح قبل سنوات لا يتجاوز السماح للفتاة الصغيرة بقيادة الدراجة. وقدمت المخرجة السعودية هيفاء المنصور فيلمها (وجده)، متناولة تلك الأمنية التى كانت وقتها مستحيلة. استقبل الجمهور بكل الحب شيرين، التزمت ولم تخرج على النص وغنت (أنا قلبى إليك ميال) لفايزة و(للصبر حدود) لأم كلثوم.
ميزة شيرين أنها عندما تستعيد لمحة من التراث تلونه بأسلوبها حتى لو كان (للست). رأيتها وهى تتعافى نفسيا، صارت أكثر انضباطا على المسرح، ملتزمة بنصيحة الكثيرين (افتحى فقط فمك للغناء).
كنت أتواجد فى الحفل بين عملاقين هانى مهنا ومجدى الحسينى وأثناء تقديم (قارئة الفنجان) بصوت صابر الرباعى، كل منهما كان يشارك بالعزف على (الأورج) فى التسجيل الأصلى لعبدالحليم، كنت أتصور أن بينهما غيرة قديمة، على العكس الذكريات كلها حب فى حب، كل منهما كان معجبا بالآخر ولايزال.
أنغام غنت رائعة الموجى (عيون القلب) والتى كانت نجاة قد سجلتها تحت قيادة فرقة هانى مهنا، الذى بدأ يحكى عن ملابسات تلك الأغنية وكيف أنه اختار رضا رجب لعزف (صولو) الكمان، والغريب أن (رضا) أيضا صاحب (أنغام) على خشبة مسرح (أبوبكر سالم) وهى تستعيد (عيون القلب) وصفقت له آلاف السميعة.
ومع اقتراب النهاية كان ينبغى أن نستمع إلى مقدمة (رسالة من تحت الماء) وعزف منفرد على الكمان للمبدع يحيى الموجى، ثم التتويج لقبيلة الموجى التى شاركت يسرا فى تقديمه.
كل مصرى يكرم فى أى مكان فى الدنيا هو تكريم لمصر، مساحة مصر فى قلوب السعوديين تزداد دفئا، والكل يعلن حبه لـ(أم الدنيا) فى الرياض وجدة والدمام!!.