على مشارف ماراثون الدراما الرمضانية، لا تتوقف فى (الميديا) شكوى عدد كبير من الفنانين بسبب انحسار الضوء وخفوت صوت رنين التليفون، الذى كان لا يتوقف فى الماضى عن الإزعاج، صار يذوب خجلًا من فرط الصمت.
الإعلام لا يسأل عنهم، والأصدقاء خاصة من كانوا الأقرب (فص ملح وداب)، هناك بين الفنانين، من يشارك فى خمسة أعمال، وهناك من ينتظر نصف دور، وهناك فريق آخر يتم تهميش أدوارهم، إنها حكاية متكررة، نادرا ما يفلت منها فنان.
تذكرت الفنان الكبير عماد حمدى، فتى مصر الأول منذ الأربعينيات، الذى كون ثنائيات مع كل من مديحة يسرى وفاتن حمامة وشادية، استقرت ولا تزال فى وجداننا، أنه أحد أهم عمالقة فن التمثيل، وكلما مرت به السنوات ازداد نضجًا، التقيت مرة واحدة مع الفنان الكبير، وقال لى وقتها إن معاشه من النقابة 100 جنيه شهريا، لا تستطيع حتى توفير ثمن سجائره.
فى مذاكرته روى عماد حمدى تلك الواقعة فى فيلم «سونيا والمجنون»، بطولة محمود ياسين ونجلاء فتحى ونور الشريف، اكتشف «عماد» أن لقطات رئيسية له قد تم حذفها مما يؤثر على تتابع أحداث الفيلم.
سأل المخرج «حسام الدين مصطفى»: لماذا تفقد فيلمك مصداقيته؟، أجابه: أفقد الفيلم مصداقيته، ولا أفقد لقطة واحدة صورتها لنجلاء ومحمود ونور!، الجمهور يدفع التذكرة لكى يراهم على الشاشة!.
اكتشف عماد حمدى، نجم مصر فى الأربعينيات والخمسينيات، مدى قسوة الزمن عليه فى السبعينيات، ولو راجعت (تترات) الفيلم لاكتشفت أن اسم «عماد» لم يأت فقط تالياً للأبطال الثلاثة، بل سبقه أيضًا سعيد صالح وحياة قنديل وروحية خالد!!.
ولم يكن «عماد» فقط الوحيد الذى عانى، وإن اختلفت درجة المعاناة، مثل أحمد مظهر، شكرى سرحان ويحيى شاهين، وغيرهم تقلصت المساحات الدرامية، وسبقهم على (التترات) نجوم ونجمات السبعينيات.
مثلا «فؤاد المهندس» أستاذ «عادل إمام»، والذى قدمه فى أول أدواره التى لفتت إليه الأنظار فى مسرحية «أنا وهو وهى»، عندما اشترك «فؤاد» فى بطولة فيلم «خللى بالك من جيرانك» جاء اسمه تاليا لعادل إمام ولبلبة!!.
مثل هذه المواقف تتم بدون أى حساسية من الطرفين وطبقاً لمجريات السوق.. ولكن فى هذا الجيل تكتشف أن «نور الشريف» طالب بأن يسبقه أحمد عز فى فيلم (مسجون ترانزيت).
بينما «عز» قال لا يمكن ولن أقبل ذلك، ولم تكتب الأسماء على الشاشة، وكان الحل الذى اختارته مخرجة الفيلم ساندرا نشأت، أن الشاشة ستقدم بداية الأحداث، والتى يتصدرها بالقطع أحمد عز، بينما محمود عبد العزيز كان غاضبا بعد فيلم (إبراهيم الأبيض)، لأن دوره تم اختصاره فى المونتاج لصالح أحمد السقا، ورغم ذلك فإن الشاشة شهدت لمحمود عبد العزيز.
لقد رفع «نور الشريف» فى الثمانينيات شعار «اللى أجره أكبر منى يسبقنى على الأفيش» وهى قاعدة تعبر بالأرقام عن مدى جاذبية النجوم فى شباك التذاكر، الأجر الكبير يعنى مردوداً واضحاً فى الشباك.
حكى شكرى سرحان، فى تسجيل تليفزيونى، كيف أن الجميع كانوا يذهبون إليه فى حجرته قبل بدء التصوير، وهم يعلنون له سعادتهم بمجرد الوقوف معه فى نفس (الكادر)، إلا أنه اكتشف بعد ذلك أنهم جميعًا بعدها كانوا يذهبون للمخرج يطالبونه بأن تسبق أسماؤهم اسمه فى (التترات)، نعم الزمن قاسٍ، إلا أن بعض الفنانين أشد قسوة من الزمن!!.